كتاب “التصميم العظيم” ؛ مراجعة و ترجمة مختصرة (1)٠

كتاب من تأليف عالم الفيزياء النظرية المعروف ستيفن هوكنغ و الفزيائي ليونارد ملوديناو. نشر في العام الجاري (٢٠١٠) . و رغم أن الكتاب صغير الحجم نسبيا حيث لم يتعدى عدد صفحاته  المائتان و الثمان صفحات، ألا أنه غني  و دسم من حيث المعلومات. و إسلوب الكتاب سهل في بعض أجزائه  و كثير التعقيد في بعض الأجزاء الأخرى. سهل من حيث الإسلوب الذي يبدو أن الكاتبان أراداه لتصل المعلومة إلي من هم من غير الإختصاص العلمي، أو بالأحري القاريء المستهدف هو القاريء العادي. و كذلك سهل من ناحية وجود كثرة الأمثلة لشرح الموضوع مع  وضع تسلسل تاريخي للأحداث العلمية في التاريخ البشري لزيادة المتابعه و التركيز. أما صعوبته فهو بسبب صعوبة المادة العلمية نفسها حتي لمن هم من ذوي الإختصاص، و خصوصا عندما يتعمق الكتاب في شرح نظريات الفيزياء الكمية الحديثة

Quantum Physics

و ربطها بالفيزياء الكلاسيكية٠ و لكن بإستطاعة القاريء العادي أن يخرج منه -حتي لو لم يستوعب المادة العلمية بعمق-بنتيجه مرضيه ( أو قد تكون محيرة أكثر للبعض) بعد توسعة مداركه و مفاهيمه و تكوين صورة في دماغه عن ميكانيكية عمل الكون بتغيير الواجهة أو التلسكوب التقليدي الذي كان ينظر به إلي الآشياء من حوله٠

يبدأ الكتاب بشرح عام ليبين الغرض الآساسي منه، و الذي يتركز علي الإجابة علي قائمة من أسئلة كانت و لازالت محيرة للبشر. أسئلة كانت الإجابات عليها و حتي إلى وقت قريب مقتصرة علي الفلاسفة، ليبين كيف أن العلم أصبح اليوم يملك الإجابات علي بعضها. و من أجل ذلك يقوم  هوكنغ بطرح هذه الأسئلة “الكبيرة”، و من ثم سرد التاريخ التطوري للعلوم الفيزيائية، بداية من الإغريق و نهاية بالعديد من النظريات الحديثة  و التي تبدو في مجملها معارضة لبعضها البعض ، مرورا بمسار العلوم و معوقات مسارها ، و من ثم شرح النظريات الحديثة و ربطها بالنظريات الكلاسيكية للفيزياء ليخرج بتصور و تفسير يقدمة للقاريء في ثمان فصول ، و ذلك ليبين في النهاية كيف أن جميع القوانين الفيزيائية  تصب في قالب واحد إذا نظرنا لها من وجهة نظر مختلفة عن تلك النظرة الكلاسيكية، و لينتهي إلي إستنتاج أنه، خلافا للنظرة القديمة ، فإن  “الشيء ” ممكن أن يخلق  من “اللاشيء! ” و أن الكون في الواقع لا يحتاج إلي خالق ليخلقه، بل قد يكون هذا مساره في أزمان أزلية. و كيف أنه بالإمكان خلق نظام دقيق و معقد من خلال العشوائية و البساطة. و هذا في الواقع يطابق ما أكده دارون بمباديء علم النشوء و الإرتقاء منذ قرنين تقريبا٠

و لا يخفي علي القاريء أنه بعمل هذا التسلسل  في سرد النظريات الفيزيائية  و معوقات تقدمها علي مر السنين إنما يؤكد، و بطريقة غير مباشرة،  ما ذكره الفلكي الراحل كارل ساجان في برنامجه الشهير بإسم  النظام الكوني “كوزموس ” في الثمانينات من القرن المنصرم و هذه ترجمة لنصه:٠

العلوم لا تتميز بالمثالية {و لا بالمطلق من المعلومات} . و بالإمكان إساءة إستغلالها. فهي مجرد وسيلة. و لكنها أفضل وسيلة نمتلكها علي الإطلاق، فهي تتميز بكونها ذاتية التصحيح، مستمرة، و بالإمكان تطبيقها علي كل شيء. و لكن لها قانونان {يجب ألا تحيد عنهما}. الأول: لا توجد حقائق مقدسة؛ فكل الإفتراضات فيها يجب أن تكون تحت التجربة النقدية؛ و مناقشات ذوي السلطة غير مجدية {لأنها لا يجب أن تخضع لأهواء المسئولين و نزواتهم و إعتقاداتهم السابقة }. و ثانيا: كل ما هو غير متفق مع الحقائق {التنبؤات} وجب رميه أو إعادة مراجعته… و لذا ، “فالبديهيات” (في المجال العلمي) تصبح أشياء خاطئة {أحيانا }، و “المستحيلات ” تصبح أشياء واقعية { في أحيانا أخرى}٠

إنتهى

فالعلوم البشرية تمتلك الطبيعة التراكمية   و “التصحيح الذاتي”. أي أن الأخطاء  العلمية إحتمالات واردة ، و لكن بالرغم من وجود هذه الأخطاء و بالرغم من الظروف التي تفرضها مثل هذه الأخطاء ، فالعلم دائما ما يصحح نفسه بنفسه مع الزمن، فتموت النظريات الخاطئة أو تتطور لتصحح إتجاهها إلي الإتجاه الصحيح. و لقد كنت في السابق عملت تشبيه لطالب علم الطبيعة كلعبة البحث عن الكنز في الجزيرة المهجورة، فهو يمشي علي حسب حدسة باحثا عن اللغز الأول ليحله و يكتشف الخيط الأول الذي يدله بالتالي إلي المكان التالي ،  و عندما يجده يعرف إذا كان طريقه صحيح أم أنه يحتاج لتغيير مساره و هكذا هو ينتقل من مكان إلي آخر و من لغز إلي آخر و من خيط إلي آخر ، حتي يصل بالنهاية إلي الكنز المنشود. و هذا هو طريق العلم، لا يوجد فيه مطلقات أبدا، و جماله في البحث و ليس في المعلومة بحد ذاتها، مع أهمية ذلك .  و قد لا نكون اليوم وصلنا إلي الكنز بالصورة التي ترضي غرورنا البشري و حسب حب الإستطلاع الغريزي لدينا ، و لكننا لاشك قطعنا شوطا كبيرا و قريبين جدا من هذا الكنز حتي ليتخيل للبعض منا أننا وصلنا له. و لكن بغض النظر عن كل ذلك ، فالشيء الأكيد هو أننا اليوم علي الأقل في الطريق الصحيح. و هذا الكتاب يسرد هذا الطريق بتفاصيله و التي تعنيت هنا لترجمة أكبر قدر منه لأني شخصيا أعتبر هذا الجزء الأخير  و الخاص بالسرد التاريخي بمثابة بونص أو مكافئة أضافت للكتاب بعدا معرفيا مهما آخر حتى لو لم يكن هذا هو الهدف الأساسي منه ، بل الهدف كما ذكرت هي محاولة الإجابة علي الأسئلة التي يحاول ستيفن هوكينغ التطرق لها من الوجهة النظرية العلمية  البحتة،  و هذه الأسئلة  كانت و لازالت محل جدل الفلاسفة، فأصبح اليوم يتنافس العلماء لإيجاد إجابات علمية لها لأنهم هم من يفهمون الكون كمختصين أكثر من غيرهم و عليهم تقع مسئولية تنوير العامة و تمكينهم من النظر بمنظارهم٠

الكتاب في غاية الأهمية لكونه ليس من الكتب الإعتيادية، و لذا فمراجعتي له إرتأيت فيها أن تكون أيضا غير عادية ، و لذا فالمعلومات التي أدرجتها هي جدا وافية لدرجة قد يشعر معها القاريء بنوع من التكرار – و لكن ليس  معني ذلك هو الإستغناء عن الكتاب الأصلي و لا أن هذا التكرار في غير محله؛ فأنا أقدم فيه بقدر الإمكان المختصر المفيد-رغم صعوبة ذلك بسبب كثافة المعلومات- و أترجم هذا المختصر بصورة حاولت فيها أن تكون مطابقة للنص و لكن غير الحرفي إلا في بعض المواضع القليلة حتي لا يكون المعني الإجمالي مضلا . و كذلك وضعت بعض الشرح بين القوسين الكبيرين { } حسب فهمي للنص و ذلك لزيادة التوضيح٠ و كذلك من أجل السهولة إرتأيت  من خلال السرد أن تكون الإشارة إلي المؤلف بالصيغة الفردية أو بذكر إسم المؤلف الأول ستيفن هوكنغ٠

الفصل الأول: غموض الوجود

يقول هوكنغ أن  العالم لطالما كان غامضا للبشرية ، فالخوف من الظواهر الطبيعية و الرغبة في إيجاد قوانين تنظيمة لها، تساعدهم  علي التنبؤ بالأحداث قبل وقوعها ، على أمل أن  يتفادوا أخطارها ، هذه الرغبة كانت وراء تساؤلاتهم العديدة لأسئلة كبيرة مثل  ” كيف بإستطاعتنا أن نفهم العالم من حولنا؟ ما هي ميكانيكية الكون؟ و ما هي طبيعة الواقع؟” بل أنهم ذهبوا إلي أبعد من ذلك بسؤال ” هل يحتاج الكون إلي خالق؟” و من ثم يصرح أن ” الأغلبية الغالبة منا لا يقضي معظم وقته قلقا بشأن هذه الآسئلة {بالتأكيد}، و لكن {لابد} أننا كلنا قلقنا بشأنها بعضا من الوقت.” و لذلك فهذه الأسئلة لها أهميتها في حياة كل فرد. و من ثم يتطرق إلي أن هذه النوعية من الأسئلة كانت في الماضي ذات طبيعة فلسفية ، و لذا فالعلماء النظريين و العمليين كانوا في الغالب لا يتطرقون لها ، و لكن اليوم وصلنا إلي مرحلة توجب علي العلماء و ليس غيرهم مواجهة تلك الأسئلة ، و خصوصا أن” الفلسفة ماتت” حسب تعبيره . فعلم الفلسفة  كما يقول “لم يواكب التطورات الحديثة في العلوم، و بالأخص في علم الفيزياء. فأصبح العلماء {هم } حاملي شعلة الإستكشافات المعرفية.” و عليهم تقع مسئولية الإجابة علي الأسئلة الكبيرة٠

يبدأ الفصل الأول ببيان الهدف من الكتاب حيث يقول المؤلف أن الغرض منه  هو ” إعطاء إجابات للأسئلة السابقة من خلال الإستكشافات الحديثة و النظريات {الفيزيائية} الحديثة” . رغبة أن  يقودنا ذلك  إلي تكوين صورة جديدة عن الكون و مكاننا فيه و الذي إختلفت كثيرا عن الصورة القديمة، بل و حتي “إختلفت عن الصورة التي رسمناها في العقد أو العقدين الماضيين ” حسب تعبيره. و لكنه يرجع ليؤكد لنا أن بدايات  الفكرة أو  بدايات وضع “الرسم التخطيطي لهذا التصور الجديد بالإمكان تتبع أثره إلي قرن تقريبا” . أي  أن الفكرة بالأساس قديمة، حيث ” وجد أنه في {العشرينيات من القرن الماضي} أن الصورة التقليدية لا يمكن الإعتماد عليها {في تفسير} التصرفات التي تبدو غريبة علينا عند عمل المشاهدة  {فيما يحدث } في المستوي الذري و ما تحت الذري من الوجود.”  و بما أن المستوي الذري هو بالواقع تفصيل دقيق لما يحدث على المستوي العادي من الحياة اليومية { و هي في الواقع صورة الكون في بداياته و قبل أن يتمدد و يصبح هائلا } فكان لابد من إيجاد حل لهذه المعضلة يساهم في ربط الإثنين معا، أو كما ذكر ” كان من الظروري أن نتبني بنية جديدة ” و هذه البنية الجديدة كانت البدايات لظهور ما يسمي بعلم الفيزياء الكمية {كوانتوم فيزيكس } . و حتي هذه الساعة فالنظريات الكمية تبين و بصورة مذهلة مدي دقتها عند عمل التنبؤات { أو التوقعات العلمية} في تلك المقاييس {البالغة الصغر}، و في نفس الوقت سمحت لنا بإعادة ” إنتاج تنبؤات النظريات الكلاسيكية القديمة عندما طبقت علي المستوي الماكروسكوبي {العادي} للحياة اليومية” ٠

و من ثم يسهب داوكنغ في شرح كيف أن “الفيزياء الكمية و الفيزياء الكلاسيكية ، كل منهما مبنيان علي أساسيات مختلفه جدا من حيث نظرتنا إلي الواقع الفيزيائي لهما. ” فبينما تفرض الفيزياء الكلاسيكية النظرة الأحادية للكون؛ أي أن للكون تاريخ واحد،  له بداية و سيكون له نهاية، “فالنظريات الذرية  {ليست كذلك لأنها} ممكن أن تصيغ بأشكال عديدة مختلفة عن بعضها البعض {في المسار التاريخي}، و  قد يكون أكثر وصف بديهي لها هو ما قدمه ريتشارد (ديك) فينمان… فحسب فينمان، النظم {بصورة عامة} ليس لها تاريخ واحد فقط {بل عدة تواريخ محتملة ، و عليه يجب النظر إليها من خلال} كل تلك التواريخ المحتمله”٠ ثم يوضح فينمان ذلك بقوله   ” أن الكون بنفسه ليس له تاريخ واحد، و لا حتي وجود مستقل”، بل عدة تواريخ محتمله و من الضروري أخذها جميعا بالإعتبار حتي تتكون لدينا الصورة الدقيقة  لما يحصل في الواقع ، و هذا صعب تصوره٠لأنه “حتي  {فترة قريبة نسبيا} عند بداية حلول الفيزياء الحديثة كان الإعتقاد الشائع أن كل الأمور المعرفية في العالم ممكن أن نحصل عليها من المشاهدة المباشرة، أي أن الأشياء تكون{دائما }  كما تبدو لنا، أو كما تصورها الخلايا الحسية لدينا. و لكن النجاح الهائل لعلم الفيزياء الحديثة، و المبنية علي مفاهيم مثل تلك الخاصة بفينمان ، و التي تتصادم مع ما نشاهده أو نجربه في حياتنا  اليومية، قد بينت أن {الطريقة التقليدية للنظر للأمور} غير مجدية.” و عليه ” فالنظرة السطحية للواقع لا تتوائم مع {قوانين } الفيزياء الحديثة.” حسب تعبيره٠

و حتي يتعامل هوكنغ مع هذه المتناقضات فإنه قام بطرح طريقة  للنظر إلي الأمور ، سماها  “الحتمية المعتمدة علي النموذج” أو

Model-Dependent Realism

هذه الطريقة مبنية على” قاعدة {مفادها} أن أدمغتنا تفسر المدخلات من الأجهزة الحسية بصنع صورة { نموذجية} للعالم . و عندما يكون هذا النموذج ناجحا في شرح الأحداث {من حولنا }، فنحن ننسب له، و للعناصر و المفاهيم التي يحتويه، خاصية الواقعية أو الحقيقة المطلقة. و لكن {المشكلة في هذه الطريقة أن } هنالك العديد من الطرق المختلفة و التي يمكن من خلالها أن يبني الشخص نموذجا لنفس الحالة الفيزيائية، و مع كل واحدة {من هذه النماذج} يستخدم عناصر أساسية و مفاهيم مختلفة {تماما عن الأخري}. فإذا كان إثنين من هذه النظريات الفيزيائية أو النماذج دقيقان {في صحة } عمل التنبؤات {العلمية} لنفس الحدث، فلا يمكن أن نقول {مثلا } أن أحدها أكثر واقعية من الأخري؛ {بل} علي الأصح، نحن أحرار في إستخدام النموذج الأكثر ملائمة لنا. و في تاريخنا العلمي،  نحن إكتشفنا سلسلة من النظريات أو النماذج الأحسن و الأحسن، {إبتداء}  من عهد بطليموس و {مرورا} بالنظرية التقليدية لنيوتن {و وصولا } بالنظريات الذرية الحديثة. ” ثم يتساءل  “هل { يا ترى } ستصل هذه السلسلة إلي نقطة النهاية، { و التي هي الوصول إلى } النظرية الشمولية  { الموحدة الكاملة }  للكون؛ بحيث تحتوي {هذه النظرية على }  كل القوى {المعروفة لدينا} و تتنبأ بكل مشاهدة {بدقة} ؟  أم أننا سنظل نبحث إلي مالانهاية عن نظريات عديدة أفضل،  { و نترك فكرة البحث عن} نظرية واحدة شاملة لا نستطيع تطويرها؟ ” ثم يرجع بعد ذلك ليؤكد أن هذا سابق لأوانه حيث يقول أننا ” لا نملك حتى الآن الإجابة المؤكدة علي هذا السؤال”،  هذا مع العلم بوجود  مرشح  قوي لهذه النظرية الشاملة لكل شيء {النظرية الكلية}،  فإذا كان بالفعل هنالك نظرية واحدة موجودة، فإن هذه  النظرية هي { لا شك} نظرية ” م” ٠

M-theory

و هذه النظرية هي النموذج الذي يملك كل المقومات التي” نعتقد أنها يجب أن تكون موجودة بالنظرية النهائية” حسب رأيه، و هي النظرية التي إعتمد عليها المؤلف في تفسير الكثير من الأسئلة و إجاباتها  بمناقشاته٠

يقول المؤلف في شرحه لنظرية -م أنها  ” ليست نظرية بالمفهوم المعتاد. {بل هي} عائلة كاملة من نظريات مختلفة، كل منها تعطي شرح جيد للأحداث الفيزيائية.” و من ثم شبهها  بالخريطة قائلا أنه “كما هو معروف، ليس بالإمكان أن نعرض مسطح الأرض بأكمله على خريطة واحدة {لكون الأرض كروية\منطعجة}. فالإسقاط المركاتوري العادي {طريقة في رسم الخرائط تمثل فيها خطوط الطول و العرض بخطوط مستقيمة لا بخطوط منحنية} المستخدم في عمل خرائط العالم تجعل المناطق تبدو أكبر و أكبر في الأجزاء الأقصى بعدا بالقطب الشمالي و القطب الجنوبي. و حتي تكون الخرائط أكثر دقة، فنحن علينا أن نستخدم خرائط عديدة، كل منها تغطي مجال محدد. الخرائط {في هذه الحالة} سوف تتداخل مع بعضها البعض، و عند هذه التداخلات تبين جميع {الخرائط}  نفس المنظر الطبيعي العام.” و ذكر كيف أن ” عائلة نظرية-م قد {يبدو أفرادها} مختلفين تماما، و لكن من الممكن إحتسابهم جميعا كمفاهيم لنفس النظرية الضمنية. {أي } أنهم نسخ من النظرية التي من الممكن تطبيقها فقط في حدود معينة- علي سبيل المثال، عندما تكون بعض الكميات المحددة من الطاقة  صغيره . فكما هو الحال في خرائط الإسقاطات المركاتورية، حيث تتداخل النسخ {في كل خريطة}، {فهذه القوى عند تداخلها} تتنبأ بنفس الظاهرة. و لكن كما هو الحال في عدم وجود خرائط مسطحة لإعطاء العرض الجيد لكل سطح الأرض، لا توجد نظرية بحد ذاتها قادرة علي إعطاء عرض جيد لمشاهداتنا في جميع الأحوال٠

و من ثم يقوم المؤلف في الفصول اللاحقة  بوصف كيف بإمكان نظرية-م أن تعطينا الأجوبة علي سؤال الخلق. فحسب نظرية-م،” كوننا ليس هو الكون الوحيد. و إنما، تتوقع نظرية-م أن يكون هنالك الكثير جدا من الأكوان التي خلقت من لاشيء.” و يبين أن   “خلق {هذه الأكوان} لا يحتاج لتدخل أي قوى ميتافيزيقية أو إلاه. و الأصح هو أن  هذه الأكوان المتعددة تنمو طبيعيا من خلال القوانين الفيزيائية. أي هي تنبؤات علمية. فكل كون له عدة تواريخ { ماضية} محتمله و كذا وضعيات محتمل {وجودها} بعد ذلك، أي في الوقت الحالي، و بعد مرور وقت طويل جدا من خلقها.” و يؤكد لنا أن “معظم هذه الوضعيات ليست كما نشاهدها { في الطبيعة} و لا هي قابلة لأي وجود للحياة عليها. {إنما الحياة تكون على } عدد محدد صغير جدا منها ، و  هذه {هي الأكوان التي} تسمح {قوانينها} لكائنات مثلنا بالتواجد عليها. و عليه فوجودنا {هو الذي } يختار من بين كل هذه النظم الهائلة فقط تلك الأكوان التي تلائم وجودنا. فنحن نعتبر توافه صغيرة في المقاييس الكونية العظيمة، و لكن {ندرة وجود أمثالنا} هو ما يجعلنا نوعا ما {نشعر أننا} سادة المخلوقات. و لكن حتي نفهم الكون بمستوي أعمق فنحن نحتاج أن نعرف، ليس فقط كيف يعمل الكون {أو الأكوان}، و لكن أيضا لماذا {يعمل بهذه الصورة؟}. و لماذا يوجد شيء بدلا من اللاشيء؟ و لماذا نحن موجودون؟ و لماذا هذه المجموعة المحددة { بالذات} من القوانين الكونية  و ليس غيرها؟”٠

فحسب ما جاء علي لسان المؤلف أن “هذا هو السؤال الكلي عن الحياة، و الكون، {بل } و كل شيء٠

يتبع

31 Comments (+add yours?)

  1. EXzombie
    Nov 16, 2010 @ 12:36:37

    عمل رائع عزيزتي

    و كل عام و انت و من تحبين بخير

    Reply

    • AyyA
      Nov 16, 2010 @ 21:12:11

      شكرا يا إكزومبي
      كل عام و إنت بصحة و سلامة
      إنتظرني ففي جعبتي الكثير
      تحياتي

      Reply

  2. شرقاوي
    Nov 16, 2010 @ 18:27:56

    When Richard Feynman first introduced his “Sum-Over-Histories” Mechanics, to an audience of his peers, he was ridiculed. He was in his twenties. One of the elders in the audience, Niels Bohr, stood up and shouted, “you are an idiot!”.

    Feynman’s mechanics is a novel approach to the study of the mystery of the very small. And to date, no relationship can be found to the other three mechanics (Heisenberg’s, Schroedinger’s, and Dirac’s).

    Cosmologists now talk about parallel universes, thanks to Feynman.

    Reply

  3. بوناز
    Nov 16, 2010 @ 19:18:23

    العزيزة آيا
    العمر يتقدم بي والنظر لم يعد كماكان
    أرجو أن تكبّري الخط حتى لا يفوتني شيء من ترجماتك أو مقالاتك القيمة

    Reply

    • AyyA
      Nov 16, 2010 @ 21:15:11

      الغالي بو ناز
      أعتقد مشكلة الفونت هي مشكلة أبدية مع الوردبرس
      عملت عدة محاولات لم تكن ناجحة للأسف
      و لازلت أحاول، فإذا عند أحد القراء طريقة للمساعدة فأنا أكون ممنونة جدا
      و حتي حل هذه المشكلة فلا يوجد حل مؤقت غير محاولة تكبير الخط عندك في الكمبيوتر تحت
      View

      تحياتي

      Reply

  4. AyyA
    Nov 16, 2010 @ 21:45:29

    ما رأيك الآن يا بوناز؟
    هذا أفضل ما قدرت عليه
    تحياتي

    Reply

  5. محمود كرم
    Nov 17, 2010 @ 01:31:03

    مجهود جميل جدااا ويستحق المتابعة
    سأطبع الحلقات لكي أقرءها بمزاج رائق

    شكراا صديقتي آيا

    Reply

    • AyyA
      Nov 17, 2010 @ 05:16:03

      أستاذي العزيز محمود
      يا هلا و يا مرحبا بك في بيتك
      تو ما نور المكان
      يشرفني أن تكون من قرائي
      تقبل مني التحية و المودة

      Reply

  6. بوناز
    Nov 17, 2010 @ 07:57:18

    i feel guilty 🙂

    is there any size in between?

    Reply

  7. AyyA
    Nov 17, 2010 @ 08:29:23

    LOOOOL Bunaz
    How about it now, not bad hah?
    🙂

    Reply

  8. بوناز
    Nov 17, 2010 @ 12:42:52

    i have to say it’s really nice now..though i can manage with another step smaller.
    i’m concerned with the look of your page!

    and keep these wonderful pieces coming 😉

    Reply

  9. AyyA
    Nov 17, 2010 @ 13:44:46

    Bunaz
    How about now?
    Personally, I like it much better better now.
    🙂

    Reply

  10. بوناز
    Nov 17, 2010 @ 14:15:46

    now i can’t wait to your next article!

    you’re the best.

    Reply

  11. Freud
    Nov 18, 2010 @ 20:16:46

    مرحباً آيا ،،

    طبعاً فرويد لايدخل مدونتك ولا يعلق الا على الموضوعات العلميه هههههههههههههه
    طبعاً كنت من المتابعين للعالم ستيفن هوكينغ
    فمباشرة وفي أول يوم من صدور كتابة تلقيت الخبر
    وسارعت بشراء هذا الكتاب ولكن الغريب أنني عندما ذهبت لشراء كاتبه The Grand Design كنت محظوظ لأني حصلت على آخر نسخه منه متوفرة، والغريب العجيب لماذا يقبل الناس على شراء كتاب باللغة الإنجليزية؟ وفي بلد عربي؟

    حيث انني لم اتوقع أن يتم شراء هذا الكتاب بهذه السرعة، الكتاب يثير الفضول ليجعل الناس تشتريه على الأقل المتابعون والمثقفون الكتاب أسطورة لن تتكرر .. وأعجبني ستيفن عندما قال أن الفلسفة قد ماتت، انتهى دور الفلسفة فعلاً لأنها لم تكن تقدم جواب كامل ابداً .. اما العلم فيقدم الجواب الكامل والشامل ويحل أصعب ألغاز الكون التي حيرت البشرية لقرون.

    ويسعدني جداً أن الاقي من هو مثلك يقوم بترجمة هذه المؤلفات العظيمة والعلمية ويضعها بمدونته، فأنا لا اميل الا للعلم ولا ابحث الا عن العلم .. ومع هذا احب الفلسفة التي ماتت ههههههه واحب الفكر والمنطق،
    فعلاً فالمادة وجدت من لاشيء فلم يكن هنالك ذرات بل هو شكل من اشكال الوجود، وفيزياء لكوانتم معقدة جدا لكنها هي أمل جديد يشرح اشياء لايمكن للفيزياء العادية ان تشرحها، خاصة فيما يتعلق بالأبعاد الكونية التي شكلت وجود كوننا.

    نظرية M هي نظرية كل شيء .. وهي عبارة عن دمج بين نظرية الأوتار مع الأبعاد 11 للكون ..

    غير ان نظرية الأوتار في بدايتها كانت كانت بلا عدد محدد .. لكن بعد ذلك اصبحت نظرية الأوتار الخمسة وعرفت بالأوتار الفائقة ..

    والقصد من كل هذا أن هنالك تناغم موسيقي للكون يتدفق على شكل ذبذبات صغيرة .. عرفت بالكمات

    وهي مانتج عنه ميكانيكا الكم .. ويقال أن:

    THE UNIVERSE IS JUST A QUANTUM FLUCTUATION IN THE ETERNAL VACUUM

    ويعني

    الكون هو مجرد تذبذب نوعية في الفراغ الأبدي
    حسب ميكانيكا الكم .. التي تدرس الجسيمات الأولية المكونة للمادة والذرة
    لهذا اسموا هذه النظرية بالأوتار لأنها تتذبذب مثل وتر آلة موسيقية تنتج هذا التردد او التذبذب
    إضافة لوجود نظرية أخرى والتي تعنى بالأبعاد 11 للكون ..
    فهذه بختصار نظرية M ..
    ولهذا سمية نظرية كل شيء ..
    وحرف M هو إختصار لكلمة membrane
    لايزال الفيزيائيون يطرحون فكرة الفراغ اللامتناهي للوجود ..
    تشوبه بعض التذبذبات وتشكل له ابعاد مختلفة ..
    حتى الآن لايزالون يبحثون حتى يثبتون صحة هذا الأستنتاج

    تحياتي،،

    Reply

    • AyyA
      Nov 19, 2010 @ 21:35:03

      Thanks for the added info Freud, although I am not sure about what “M” stands for in the M-Theory; I have read different interpretations of that.
      Keep on tuning, the better stuff is yet to come.
      Regards

      Reply

  12. motsael
    Nov 19, 2010 @ 11:42:58

    Excelent Ayya … Go on 😀

    Reply

  13. med
    Nov 19, 2010 @ 21:33:26

    كتاب جيد فشكرا على مجهودك.

    Reply

  14. Abdulrhman Al-Ali
    Nov 20, 2010 @ 01:56:03

    لا تنسوا ذكر الله

    Reply

  15. AA
    Nov 20, 2010 @ 03:46:44

    Great post.I’m dieing to buy this book but of course it’s not in KSA.In the summer when I travel I’ll definitely buy it 😀

    Reply

    • AyyA
      Nov 21, 2010 @ 02:34:17

      Thanks AA, I strongly recommend it for anyone who wants to keep up with science. Nothing can replace the original book
      Regards

      Reply

  16. حسام الزهراني
    Dec 30, 2010 @ 03:40:25

    احترم هذا العالم لكن اعتقد ان العلم لايثبت على شيى كما في نظريات بور ونظرية دالتون وكثير من العلم لكن تغيرة وصارة من الاخطاء القديمه اعتقد عندما يتطور العلم سيثبت وجود الله لكن اعتقد ان استيفن اسعجل في كلامه لان ماممكن تحكم على شيء لم تحط به كله مثل الكون وشكر

    Reply

    • AyyA
      Dec 31, 2010 @ 21:37:14

      أهلا حسام
      عزيزي
      أحترم رأيك و لكن أتمني أن تشاركنا المناقشة عند الإنتهاء من السلسلة مع الآخرين
      تحياتي و كل عام و أنت بخير

      Reply

  17. cosmological constant
    Jan 25, 2011 @ 21:33:06

    ليس هذا اول كتاب اقرؤه للعالم الكبير ستيفن هوكينغ او حتى في موضوع نشاة الكون عموما لكني لا ازال مصرا على عجز العلم عن اثبات عدم وجود خالق وليس ما اقوله بدافع من تعصب ديني اعمى بل الامر اعمق من ذلك فمثلا من اين اتت الماده التي
    اسثخدمتها قوانين الفيزياء لتصنع الكون وماذا لو ثبت مستقبلا عدم صحه نظريه ام هل علينا حينها البحث عن نظريه جديده حتى نكون بدون خالق

    Reply

  18. Trackback: الوجود وقوانين الطبيعة.. خصائص وسلوك حتمي! - الإنسان سؤال
  19. Trackback: قوانين الطبيعة.. أزلية وجود وحتمية سلوك (2). - الإنسان سؤال
  20. Dr.hussain
    Dec 23, 2011 @ 10:26:49

    اشكر لك هذا المجهود واقدره وقد قرأت ما كتبتي حتى الفصل السادس وشعرت اني اقرأ كتاب مغاير تماما عن الجراند ديزاين لستيفن هوكنج .. لذلك انصح الجميع بقراة النسخة الاصلية وعدم الالتفات لعائق اللغة لانها مبسطة كفاية بالاضافة لوجود مواقع كثيرة تساعد على ترجمة المصطلحات الجديدة على اي شخص

    اعتذر على مداخلتي القاسية ولكن حتى تعم الفائدة وتصل رسالة المؤلف بشكل افضل 🙂

    Reply

    • AyyA
      Dec 24, 2011 @ 03:39:51

      عزيزي د.حسين
      أتفق معك.فما كتبته هنا مراجعة. و المراجعة تعني رأي شخصي بالكتاب أو قراءة شخصية له و لا تعني ترجمة كاملة أو قص\لصق
      أما ما يخص الترجمة لبعض الفقرات فهو موجود بين القوسين كما وردت بالكتاب
      و كذلك أتفق معك فلا هذه المراجعة و لا غيرها تغني عن قراءة الكتاب الأصلي
      شكرا لمداخلتك

      Reply

  21. mohmedismail
    Apr 25, 2015 @ 01:34:08

    نايس

    Reply

Leave a comment