هل إختيار أفضل السيئين هو بالنهاية إختيار سييء؟

على الرغم من نفوري السابق من الإسلوب البذيء لمرشح الدائرة الثالثة، الكاتب في جريدة الوطن، نبيل الفضل ألا أني قضيت بالإمس بعض الوقت في مشاهدة فيديو طويل للمرشح مع قناة سكوب من باب أن الديموقراطية الحقة تكون بالإستماع لوجهة نظره كمرشح و ماذا يوجد في جعبته- أي ما هو برنامجه  الإنتخابي و ما هي الآلية التي ينوي إستخدامها لتحقيق هذا البرنامج و ما هي أولوياته- قبل أن أصدر عليه الحكم، و الذي لا أنكر أنه كان معلبا و جاهزا قبل أن أبدأ بالمشاهدة. و للعلم فلقد كان هذا القرار- أي عدم الحكم قبل المعاينة- هو ما عاهدت نفسي عليه في السنة الجديدة أي

  My new year resolution

ليس فقط في الإنتخابات و لكن بكل شيء في حياتي. و بصراحة تفاجأت، ليس فقط من المقابلة بكل ما فيها من حقائق و معلومات جديدة لم أكن أعرفها، بل أيضا من التغيير في إسلوب الفضل كمرشح عن ما كان ككاتب، و الذي كان السبب في نفوري و الكثيرين من الكويتيين منه، و هذا جيد، لأن البشر إن أصبحوا ستاتيك-جامدين- فهم يفقدون نفحة الحياة التي تتطلب التغيير و لن يستطيعوا أن يجاروا الزمن. و من هو مستعد لتغيير نفسه و إسلوبه للأفضل فهذا سيكون أكثر توافقا مع متغيرات الحياة و هو كذلك جزء من التعهد الذي أخذته أنا عن نفسي بالإستمرار في التغيير و تحسين الذات٠

عموما لست هنا لعمل دعاية إعلامية للفضل فخصومه و أعدائة و من كالوه بالإشاعات قاموا بذلك بأرخص الأثمان و أبشع الوسائل، و بصورة قد لا يكون حتى هو توقعها، و لكني أردت أن ألفت نظر القراء و الناخبين إلى أنه ليس كل ما يقال صحيح، و الاولى أن نتمحص و نختبر الشيء قبل الحكم عليه و قد نتفاجيء، كما حصل معي .  ما فاجأني في مقابلة الفضل أن فكره يمثلني، من ناحية الليبرالية الإجتماعية، على الأقل ثمانون بالمئة. و هذا ما لم أكن أعلمه بالسابق لأن البوابة التي قدم فيها هذا الفكر كانت موصدة أمامي بقرار ذاتي و أحكام مسبقة. وكانت معضلتي السابقة هي أني كنت في السابق أبحث عن من يمثلي مائة بالمائة و لم أكن أدرك أن ذلك مستحيل حتى في أكثر الدول ديموقراطية، لأنه يعتبر مثالي، و الديموقراطية ليس فيها مثاليات، بل هي تجارب علمية، بمعنى أن تقوم علي التجربة و الخطأ، و هي بذلك تصحح مسارها بنفسها مع الزمن. و لكن بسبب قصوري لفهم هذا المعني للديموقراطية، فهذا سبب في إحباطي مثلما أحبط أثنان وأربعين في المئة تقريبا من الناخبين الذي قاطعوا صناديق الإقتراع بالمجلس الأخير. و لم ألوم المنعزفين عن الإنتخابات و كنت أقول أن إختيار أفضل السيئين هو بالنهاية إختيار سيء٠

Really?

دعونا نتفكر في هذه الجملة الأخيرة قليلا:٠

يقول الفضل أن “٢٤٠٠٠ (ناخبين لم يصوتوا في الإنتخابات الماضية) يطلعون لهم ١٢ نائب” و إذا كان هذا ١٢ نائب هم من “الأفضل من بين السيئين” نسبة إلى من قام بإنتخابهم و الذي هو ليس محسوب على الإسلاميين و لا القبليين أو الطائفيين أو حتي من هم ليبراليين إقتصاديا\محافظين إجتماعيا (كالعنجري)، وهي شريحة  ال

Crème de la crème

التي قاطعت الإنتخابات الماضية بسبب وطنيتها و مثالياتها و إحباطاتها السابقة. أو هم غالبية من يشكل المنعزفين عن الإنتخابات كما يتبين من الوضع في السنوات الماضية، فقوانين مثل التشبه بالجنس الآخر و عدم الإختلاط في الجامعات، و كل القوانين التي تهين المرأة ما كانت لتمر مرور الكرام لو كان فيه توازن بالمجلس.١٢ نائب ممن هم آقل سوءا يقابله ١٢ نائب سيء يعمل فرقا كبيرا لأن بالمقابل هذا يعمل نقص في حسابات المحافظين٠ فالعملية هي عملية حسابية بسيطة: الناقص أخو الزائد في الطرف الآخر. و من يشتكي من الوضع الذي أدخلنا في عنق الزجاجة و يتقاعس عن التصويت هو في الواقع يصوت للجهة المقابلة و يتحمل جزء من هذا التردي، بل هو لا يختلف عن من ينتخب نواب الأحزاب الإسلامية أو القبلية أو الطائفية٠ فالحساب يجمع…جبريا٠

و بدل أن يكون توجه المجلس لبناء البنية التحتية و الشوارع و المرور و الصحة و التعليم يصبح التوجة لتعطيل الميزانيات السنوية و تعطيل عمل الموظفين و زيادة ترسيخ عمل الدولة الرعوية و إهمال الإختناق المروري المتزايد و البيئة و المستشفيات و القضاء على الفنون و الثقافه و الآداب بأستبدال المدارس بالمدارس الدينية و المدرسين الأكفاء بالمطاوعة٠

و بدل أن يكون من أولويات المجلس السمو بالدستور و تشغيل بنوده الداعية إلي الحريات الشخصية و العدل الإجتماعي حسب القوانين المدنية و القوانين العالمية لحقوق الإنسان، تصبح الأولويات هي الإلتفاف على بنود الدستور بسن قوانين تقضي على الدولة المدنية و تسمو بالدولة الثيولوجية الأحادية الفكر و المنطق، الداعية لتسيد فكر طائفة بتطبيق شريعتها (و لا أقول الشريعة الإسلامية لأن ذلك موضع خلاف بين الطوائف و الملل) على بقية المواطنين ممن يخالفونهم بالفكر و المذهب أو حتى الدين و الجنس، فينشئوا في الدولة مفهوم السيد و المسيد. أو مواطن درجة أولى و مواطن درجة ثانية. لا لشيء فقط لأنهم يختلفون عنهم بالعقيدة٠ و بهذا يقضون على الدستور المدني الذي يدعوا للعدل بين جميع المواطنين أمام قوانين مدنية بغض النظر للعقيدة أو الدين أو الجنس أو أي إختلاف بين أبناء الشعب الواحد٠

نعم صوتك يفرق، و حتى نعرف كيف يفرق علينا الذهاب لصناديق الإقتراع. فنحن جربنا التقاعس و لم يفيدنا ذلك شيئا بل أساء إلينا، فلنجرب إذا التصويت و بعد ذلك نستطيع الحكم. و لنتعلم دروس من الماضي و ننتخب الجديد من الشباب الكفؤ الواعد كذكرى الرشيدي، و كذلك من لم يأخذ حقة الكامل في تجربته كأسيل و صالح. فهؤلاء يستحقون إعطاء فرصة ثانية للتجربة النيابية قبل الحكم عليهم٠

و كل إنتخابات و أنتم بخير

شكرا صوت الكويت

فيديو الفضل