أعظم مسرحية علي وجه الأرض(٥)…مراجعة كتاب

إثباتات لعلم النشوء و الإرتقاء للكاتب ريتشارد داوكنز

For English click here

١٣- هل الطبيعة مصممة بذاك التصميم الدقيق الذي يبدو للناظرين؟

سنوات من التعليم و التكرار الخاطيء برمجت عقولنا علي أن ننظر إلي الأمور من خلال منظار يعطينا صورة مختزلة سطحية للأشياء حولنا، دون الدخول في التفاصيل الدقيقة و التفحص و التمحيص . فأصبحنا نري كل شيء في الوجود و كأنه مصمم بدقة المهندس البارع كمن ينظر إلي الألوان الباهرة للبيت التجاري  و لا يعرف عيوبه في طريقة توزيع الغرف أو الأدوات الصحية أو الكهربية.  فلو أننا تفحصنا و قربنا النظر من خلال التلسكوب لروية الأشياء بدقة أكثر، فسوف نري أن الكون ليس فقط بعيد عن الكمال و الدقة و لكنه أيضا بعيد عن أساسيات  ما يتطلبه التصميم الأساسي أو الأولي ، و في هذا الصدد يقول داوكنز واصفا الأعضاء الحيوية للإنسان،”العيون و الأعصاب التابعة لها، قنوات الحيوانات المنوية ، الفجوات و الجيوب الأنفية و الظهر كلها تصميمات ركيكة  إذا نظرنا لها بصورة شاخصه (قام بشرح كل منها بالتفصيل)، و لكن (كل ما سبق ذكره)  مع كونه بعيد (كل البعد) عن الكمال و (المثالية) ألا أنه يصبح مفهوما إذا نظرنا إليه من خلال النظرة التطورية (التدريجية لهذه الأعضاء). و نفس الشيء يطبق علي (نظام) الإقتصاد الكلي في الطبيعة. فالخالق الذكي من المفروض أن يصمم ليس فقط الأجسام الفردية للحيوانات و النباتات، بل كل الأنواع (المندرجة) في النظام البيئي بأكمله. و يفترض (أن يبني) نظام إقتصادي تم التخطيط له مسبقا و لكل ما في الطبيعة ، و  (أن يكون هذا النظام) مصمم بدقة بعيد عن الإسراف و التبذير، و لكن (الأمر)  ليس كذلك.” .  ثم يبدأ داوكنز في شرح مفصل إبتداء من الفصل الثاني عشر ليبين كيف أن المصمم الذكي في الواقع ليس ذكيا. و كيف تكون بالمقابل  فكرة التعقيد التراكمي إبتداء بالبساطة هي أقرب إلي الإستيعاب و الفهم عندما ننظر إلي الأشياء بمنظار الإنتقاء الطبيعي. و لماذا لا يوجد ‘عدل إلاهي’ في حرب التنافس في (إقتناء الحيوانات) للأسلحة الطبيعية  (و التي تساعدها علي البقاء) في الطبيعة٠

١٤- هل تتناقض نظرية التطور مع القانون الثاني للديناميكية الحرارية (ثيرموداينامكس)؟

القانون الثاني من الديناميكية الحرارية يقول أنه ” علي الرغم أن الطاقة لا تفني و لا تستحدث من العدم، و لكن بإمكانها- بل يفترض أن تكون كذلك في النظم المغلقة- أن تصبح أقل جدوي أو قيمة لتحدث أي شغل (يذكر). و ‘الشغل’ : هو ما نعنيه عندما نقول أن ‘ الأنتروبيا’ تزداد. ‘ الشغل’ يشمل أشياء مثل ضخ المياه إلي أعلي التلة أو – ما يعادله كيميائيا- إستخلاص الكربون من ثاني أكسيد الكربون في الجو لإستخدامة في نسيج النبات (عملية البناء الضوئي)…فالعملين ممكن أن يتما فقط إذا تواجدت قوة لتغذية النظام، كقوة كهربية لتشغيل مضخة مياة، أو طاقة شمسية لتشغيل عملية التركيب الكيميائي (التصنيع) للسكر و النشا في النبات الأخضر علي سبيل المثال. فعندما تضخ المياه إلي أعلي التلة، فإنها ستنحدر بنفسها (بسبب قوة الجاذبية) إلي أسفل التله، و بذلك يمكن إستخدام بعض طاقتها (المتجهة إلي الأسفل) في تشغيل العجلة المائية (الدينامو) لخلق الكهرباء، و (من ثم إستخدام الكهرباء) في تشغيل ماكينة ضخ المياه  لضخ الماء إلي أعلي التلة مرة أخري : و  لكن (هذه الطاقة الكهربية المستخدمه) هي جزء من الطاقة الأصلية (للماء المنحدر و ليس كلها) لأن بعض  من الطاقة يضيع في العملية – و لكنها (مع ذلك) لا تفني أبدا.” كما يشرح داوكنز بما يعنيه القانون الثاني من الديناميكية الحراريه.  و الخلقيون عادة يزعمون أنه إعتمادا علي هذا القانون ” فتقريبا كل الطاقة في الكون هي طاقة متقهقرة أو تقل مع  مرور الوقت من الصورة القادرة علي عمل شغل إلي صور غير قادرة علي عمل أي شغل.  و بالتالي يحصل توازن و خلط للقوي (تدريجيا) حتي يصل الكون إلي حاله معادلة (القوي) ، (أو بالمعني الحرفي) ‘ موت الطاقة الحرارية’.” مما يعني  أن التعقيد لا يمكن أن يكون قد بدأ بالتراكم  التدريجي من أصل البساطة، بل العكس هو الصحيح. و لكن داوكنز يؤكد أن الواضح بأن من يقول هذا الكلام من الخلقيون أنهم لا يفهمون القانون الثاني للثرموديناميكا، كما لم يفهموا نظرية التطور من قبل. فهو يقول ” لا يوجد تناقض و ذلك بسبب (وجود) الشمس!” فالشمس مصدر متجدد للطاقة. و أن النظام (التراكمي) “بينما لا يخالف قوانين الفيزياء و الكيمياء- و بالتأكيد لا يخالف القانون الثاني- فالطاقة الشمسية تعطي قوة (مستمرة) للحياة، فتلين و تمطط قوانين الفيزياء و الكيمياء لتتطور الأعمال الإستثنائية التي تؤدي إلي التعقيد، و التعدد، و الجمال، و (كذلك) التوهم الشاذ بإحصائيات اللاإحتمال و التصميم المزعوم…فتطور الحياة إلي تعقيد أكبر (ممكن) فقط لأن الإنتقاء الطبيعي يسوقها محليا بعيدا عن المحتمل إحصائيا إلي اللاإحتمال. و هذا بسبب  المصدر المتواصل للطاقة الشمسية.”٠

١٥- كيف بدأت الحياة؟

قبل الدخول في كيفية بدء الحياة علينا أن نعرف ما هو الفرق بين الحياة، و اللاحياة، و علي هذا يجيب داوكنز أن “الفرق بين الحياة و اللاحياة ليست مسألة جوهر (منفصل عن الجسد) و لكنها مسألة معلومات؛ فالخلايا (الفيزيائية) الحية تحوي كميات هائلة من المعلومات. و أغلب هذه المعلومات  تكون مشفرة رقميا في جينات (جزيئات) الدي إن إيه، كما أن هنالك عدد كبير من المعلومات المشفرة بطرق أخري.” و من ثم يسترسل داوكنز بشرح هذه الطرق بالتفصيل واصفا إياها بالذاكرات الأربع. أما بالنسبة لكيف بدأت الحياة يقول داوكنز بأنه علي الرغم من كثرة معلوماتنا عن ميكانيكية التطور ألا أننا نعرف القليل عن بداية (الحياة) فيقول ” قد تكون البداية حاله نادرة جدا و حدثت مرة واحده، و علي قدر (المعلومات المتوفرة لدينا) فهي بالفعل بدأت مرة واحده…و لكننا نستطيع أن نقول، و علي أساس المنطق الصرف و ليس لجوءا للأدلة، أن دارون كان دقيقا  (جدا) عندما ذكر أن الحياة بدأت ” من بداية بسيطة جدا’. فعكس البسيط هو إحصائيات اللا إحتمال. و الأشياء التي تكون إحصائيا في اللا إحتمال هي (الأشياء التي) لا تتواجد تلقائيا: و هذا ما يعنيه (أن يكون الأمر) إحصائيا في اللا إحتمال. فالبداية لابد أن تكون بسيطة، و نظرية التطور بالإنتقاء الطبيعي لازالت هي العملية الوحيدة التي نعرف أنها تستطيع أن تعطي البداية البسيطة قوه دفع لتحدث نتائج معقدة ” و في الفصل الثالث عشر يقدم داوكنز عدة نظريات مطروحة بين الساحات العلمية علي كيفية بداية الحياة مؤكدا علي عدم وجود إجماع عليها من قبل العلماء، أما بالنسبة له شخصيا فهو يرجح  (ما يسمي) بالنظرية العالمية للآر إن إيه فيقول أن ” هنالك عقدة (في البدايات) مفادها أن الدي إن إيه بإستطاعته أن يتضاعف، و لكنه (لكي يقوم بذلك) يحتاج (بداية) إلي الإنزيمات ليحفز العملية كيميائيا. و البروتين يستطيع أن يعمل كمحفز  و لكنه يحتاج إلي الدي إن إيه  (بالأساس) ليحدد تكوين التدرج الصحيح في الأحماض الأمينية فيه. فكيف إستطاعت الجزيئات البدائية من الأرض أن  تتحرر من هذا التشابك و تسمح للإنتقاء الطبيعي بأخذ دوره (بعد ذلك)؟ هنا يدخل دور الآر إن إيه.” و من ثم أسهب داوكنز بالتوضيح أن، ” الآر إن إيه يتبع نفس عائلة سلسلة الجزيئات التي يتبعها الدي إن إيه، و هي تسمي البولينيوكليوتايدز. و هو قادر علي حمل (المعلومات) علي نفس الأحرف الأربعة الموجودة علي شفرة الدي إن إيه، و (في الواقع) هذا هو عملها الفعلي في الخلايا الحية حيث تحمل المعلومات الجينية من الدي إن إيه إلي حيث يمكن إستخدامها. و الدي إن إيه يعمل كلوحة (يستخدمها) الآر إن إيه للبناء التدرجي . و عندما يتم بناء البروتين يتم إستخدام الآر إن إيه و ليس الدي إن إيه كلوحته (مصدر معلوماته الأساسية). فبعض الفيروسات ليس لها دي إن إيه بالمره. بل الآر إن إيه فيها هو (ما يشكل) جزيئاتها  الجينية، و هو الذي يتحمل مسئولية نقل معلوماتها الجينية من جيل إلي جيل.” و من ثم أضاف موضحا الفكره الرئيسية  الخاصة بالنظرية العالمية للآر إن إيه و الخاصة بأصل الحياة بقوله أنه “بالإضافة إلي مقدره هذه الشفرات بتمديد الهيئة أو الشكل المناسب لتمرير المعلومات الجينية، فالآر إن إيه أيضا بإمكانها أن تصنع نفسها… (و) بأشكال (متعددة) في الأبعاد الثلاثية، و (هذه العملية تشمل) نشاطات إنزيمية. فإنزيمات الآر إن إيه موجودة بالواقع مع أنها ليست عملية مقارنة بإنزيمات البروتين، و لكنها تعمل. و نظرية الآر إن إية العالمية تقول أن الآر إن إيه كانت جيدة لدرجة كافية للإحتفاظ بالقلعة (العصارة الأولية) لحين تطور البروتين ليأخذ دور الإنزيم، و أن الآر إن إيه كان جيدا و بصورة كافية للتكاثر و ( تحمل مسئولية) الدور (البدائي) لحين تطور الدي إن إيه” و بالتالي تطور الخلية الحية الأولي٠

و الآن و بعد أن إنتهينا من الأسئلة الأكثر شيوعا، أود أن أتطرق قليلا لبعض ما ذكره  بالفصل الأخير (١٣) من الكتاب حيث قدم داوكنز تحليلا فلسفيا (لكل سطر) في الفقرة الأخيرة من كتاب دارون ‘أصل الأنواع’ :٠

و هكذا،  فمن (خلال) حرب الطبيعة،و من (خلال) القحط و الموت، (برز)  الشيء الأكثر رقيا و بإستطاعتنا أن نستسيغه ، و (هذا الشيء) متمثل حرفيا بإنتاج الحيوانات الراقية التي تبعت (هذه الحروب). فهنالك عظمة (تتجلي) بهذه  النظرة إلي الحياة، مع قواها المتعددة، و التي بدأت بالنفخ في أشكال قليلة أو شكل واحد؛  فمن دوران هذا الكوكب حسب القوانين الثابتة للجاذبية، و من هكذا  بساطة في الأشكال (البدائية) تطورت أجمل و أبهي الصور و لازال تتطور٠

و بهذا أثبت داوكنز، كما فعل دارون قبله، أن العلم ليس جافا و باردا،  و أن السر العظيم إنما هو بالتفاصيل . فروعة و عظمة الحياة إنما تتجلي بمعرفة هذه التفاصيل و التصرف من خلالها بالتفكير المنطقي و النظرة الدقيقة الثاقبة و الفاحصة لميكانيكية الحياة و الأحياء . و قبل أن أترك الموضوع أود أن أضيف مسألة واحدة لاحظتها شخصيا كلما دار النقاش عن الموضوع، و ذكرها داوكنز في كتابه،  ألا و هي القول بأن دارون كان يؤمن بالخلق و الخالق. و عادة ما تكون حجة من يناقش ذلك هو الجملة التي يقول فيها دارون” و التي بدأت بالنفخ بواسطة الخالق في أشكال قليلة أو شكل واحد” . كما هو واضح من الكلمتان اللتان قمت بتضليلهما  بالأحمر (بواسطة الخالق) فهما لم يكونا مدرجان في كتاب داوكنز، و لكنما موجودان بالنسخة التي بحوزتي. و السبب في ذلك حسب داوكنز أنه قد تم إصدار عدد ستة طبعات لكتاب دارون، و الطبعة الأولي و التي يفتخر أنها بحوزته (١،٢٥٠ نسخة) لم يدرج بها هاتين الكلمتين، فيقول “علي أغلب الضن أن دارون إنحني لضعط اللوبي الديني، و لهذا أضاف ‘ بواسطة الخالق’ في الطبعة الثانية و كل طبعة تلتها.” و أرفق داوكنز في كتابه رسالة كان قد بعثها دارون إلي صديقه عالم النبات جوزيف هوكر يذكر فيها ندمه علي ‘ رضوخه للآراء الدينية’ و التي لازالت تلاحق نظريته. أما بالنسبة لجزئية ‘نفخ في’  و التي تبدو كأنها روح تنفخ في جسد، فعلينا أن نتفهم أن دارون كان يعرف القليل (في زمنه) عن كيفية بداية الحياة،  و حتما أقل بكثير مما نعرفه اليوم، و قد يكون قالها جوازا، فدارون ” لم يناقش كيف بدأ التطور في ‘أصل الأنواع’. فلقد كان يضن أن المسألة أكبر من (مقدرة) العلم (بفك رموزه) في زمنه. ففي رسالة إلي هوكر…ذهب دارون إلي القول ‘ إن التفكير في أصل الحياة مجرد هراء (ضائع) في وقتنا الحالي؛ فلعلنا أيضا نفكر في أصل الماده’ و لكنه  (مع ذلك) لم يستبعد إحتمال حل اللغز مع الوقت (و بالتأكيد، فأصل المادة مسألة تم حلها و بصورة كبيرة في زمننا) و لكنه تصورها أن تكون في المستقبل البعيد (عندما قال): ‘ سيمضي بعض الوقت لكي نري ‘ المواد اللزجة و البروتوبلازم، إلخ’ تنتج حيوانا جديدا.”٠

و بالنهاية أود أن أؤكد أن هذا الكتاب ضرورة، و بالأخص للقراء المسلمين الذين لم يتم تضليلهم بالتعليم فقط، بل ساهم الإعلام في ذلك أيضا. أتذكر عندما تم إكتشاف أردي في ٢٠٠٩ قامت كل وسائل الإعلام في العالم بنشر الخبر علي أنه ‘إكتشاف عظيم لأحد الحلقات الوسطية’ بينما عرضت قناة الجزيرة الخبر و كأنه إثبات علي دحض النظرية، و تلاعبوا بالترجمة لهذا الغرض. و لم تهتم أية قناة أخري أو جريدة أو مجلة عربية بنشر الخبر. و للأسف فداوكنز محق؛ فهذه النوعية من المشاهدين يريدون مشاهدة مثل هذا الهراء٠

النهاية

إضافة

[youtube=

أعظم مسرحية علي وجه الأرض(٤)…مراجعة كتاب

إثباتات لعلم النشوء و الإرتقاء للكاتب ريتشارد داوكنز

For English click here

١١- أين هي ‘الحلقة الناقصة’ أو ‘الوسطيات’ بين الأحافير؟

كثيرا ما يتردد هذا السؤال عندما يتم مناقشة علم التطور، فشخصيا سمعت أحدهم يقول أن المشكلة الوحيدة في علم التطور أن بها العديد من ‘الحلقات الناقصة’. و في الواقع فهذا السؤال مبهم و دليل علي أن من يسأله لا يفهم النظرية، كما يقول داوكنز، فإذا كان القصد من ‘ الحلقات الناقصة’ هو يعني ما سماه داوكنز ‘بدبوس الشعر’ أو قاعدة الشوكة التي تطور منها كائنان و أخذا خطان مختلفان للتطور، فهذا موجود و بكثره، بل يوجد أيضا مراحل تطور كل منها و بالتدريج و لم يقصر داوكنز بتقديم بعض منها في الفصل السادس* من إجل إعطاء أمثله. و سأقوم أنا بدوري بإضافة  أردي لمجموعته و هي الإحفورة الوسطية بين الإنسان و القرد بدون شك، و أنا علي يقين لو أن نشر الكتاب كان قد تأخر قليلا لكان داوكنز أدرجها فيه. و لكن هنالك نقطة مهمه تغيب عن بال من يسأل هذا السؤال، و هي أن التطور يكون تدريجي. أي أن التغيير من جيل إلي آخر لا يكاد أن يكون واضحا. و مثال علي ذلك عندما نطلع علي صور لنفس الشخص في المراحل العمرية المختلفة من عمره. فلو قارنا صورته كل سنه قد لا نجد تغييرا ملحوظا، و لكن لو قارنا علي سبيل المثال صورته بعمر العشرين و الأخري بعمر الثمانين فإحتمال أن لا نري الشبه بتاتا. و التطور لا يعمل بهذه الصورة التي ذكرتها بالطبع، و لكنه مثال لتقريب الصورة فقط لا غير. أما داوكنز فله نظرة مغايرة لمن يسأل هذا السؤال، فهو يذكر أن من يقوم بتوجيهه لا يقصد الحلقات الوسطية بين الكائنات و لكن يقصد شيئا أعمق بكثير. فهذا السؤال يظهر في الواقع العقلية المشكلة و علي مدي السنين للخلقيين ، فهو يقول “خلف الكثير من المطالب المغلوطه ‘للحلقات الناقصة’ إسطورة من القرون الوسطي، و التي شغلت العقول حتي زمن دارون، و شوشتها بعناد بعد ذلك. هذه الإسطورة هي إسطورة سلسلة الكائنات و التي تصور كل شيء (في الوجود ) علي أنه  يجلس ( بتدرج) علي سلم، فيجلس الله علي أعلي السلم ، و من ثم يليه الملائكة المقربون، ثم بقية الملائكة بمراتبهم المختلفة، ثم الإنسان، ثم الحيوان، ثم النبات، و من ثم ينزل إلي الحجر و بقية المخلوقات غير الحية … و لكن التسلسل الهرمي المزعوم في مملكة الحيوان (بالذات) كان هو القوة المعكرة للمياه عندما ظهرت النظرية علي الساحة (لأول مره). فلقد بدا طبيعيا أن نفترض أن الحيوانات ‘الدنيا’ تطورت إلي الحيوانات ‘ العليا’. و إذا كان ذلك صحيحا، فإننا نتوقع أن نري ‘روابط’ بينها،(تمتد) من أعلى إلي أسفل ‘السلم و بالعكس'”.  و طبعا لا توجد هذه الروابط لأن الفرضية بالأساس خاطئه. فلا يوجد سلم و لا يوجد ترتيب للكائنات عليه كما هي الإسطورة و لا يوجد حيوانات عليا و أخري دنيا، بل ” السلم الإسطوري برمته مغالطة و ليس له علاقة بعلم التطور” فالحيوانات تتطور كل منها بخط مغاير للآخر  حسب البيئة التي شجعت شفراتها الجينية المختلفة علي التطور من أجل البقاء،  و البقاء ليس للحيوان نفسه  و لقيمته و لكن لجيناته٠

١٢- ما هو الدليل الذي ممكن أن يدحض نظرية التطور؟

هذا السؤال كان قد سأله أحدهم لعالم الجينات و الأحياء التطوريه ج.ب.س. هالدين ، كما يذكر داوكنز، فكانت إجابته وجود ‘ أحافير الأرنب في حقبة ما قبل حقبة الكامبرون’ و ما كان يقصده هالدين أن الأحافير الموجودة لدينا متوزعة بترتيبها التطوري  لكل حقبة زمنية حسب جيولوجية الأرض. و لا يمكن أن تتواجد أحفورة لا تتبع زمنها في الطبقة الجيولوجية. أي كما ذكر،” لا يوجد مثل هذا الأرنب و لم يتم العثور علي أية مفارقات أحفورية موثقة من أي نوع، فكل الأحافير التي هي بحوزتنا، و هي بالواقع كثيرة جدا جدا، حصلت (وجدت)، بدون أي إستثناء موثق ، بموقعها الصحيح من تدرجها الزمني (في الحقبة التي عاشت بها).” و أضاف ” نعم توجد ثغرات، حيث لا توجد أحافير بالمره، و هي ثغرات متوقعة. و لكن لم يتم العثور علي و لا إحفورة واحدة قبل أن تتطور (بزمنها الجيولوجي في غير الطبقة المتوقعة)” و هذا هو الدليل علي أن التطور نظرية قوية لأن  ” النظرية الجيده، و النظرية العلمية، هي تلك التي تكون قابلة (أو سهلة) للدحض، و مع ذلك لم يتم دحضها.” كما يؤكد داوكنز ، بل و يرفع هذه المناقشة درجه بحيث يتحدي أي  شخص بإستطاعته أن يأتي بأحفورة لا تتبع زمنها الجيولوجي حسب نظرية التطور٠

١٣- كيف ولدت الأنواع الجديدة؟

يقول داوكنز أن “كل نوع هو (في الواقع)  إبن عم لنوع آخر (من الكائنات). فكل إثنين من هذه الأنواع إنحدرا من نوع واحد من الأجداد الذي إنقسم  (بدوره) إلي قسمين ” و السبب الذي كان وراء تطورهما بخطان مغايران هو أنهما  و ” بطريقة ما إنفصلا عن بعضهما البعض، علي أغلب الضن بفاصل أو سد جيولوجي مثل شريط بحري يفصل جزيرتين، أو (فاصل يفصل) جزيرة عن البر الرئيسي (لدولة ما). و قد يكون (السد) سلسلة من الجبال تقسم سهلين إثنين، أو نهر يفصل بين غابتين … ما يهم (في موضوعنا) هو أن المجموعتين (من نفس النوع) إنفصلتا عن بعضهما البعض لمدة كافية، بحيث آنهما عندما جمعتهما الصدفة أو الوقت، و جدا أنهما تشعبا أو تفرعا بصورة كبيرة لدرجة أنهما لم  يتمكنا من التناسل مع بعضهما (كما كانا سابقا).” و لا يشترط أن تكون ظروفهما البيئية مختلفة لأنه “حتي لو كانت الظروف (البيئية) لكلا الطرفين متطابقة، فبحيرات الجين لنفس النوع المنفصل جيولوجيا من شأنه أن ينجرف بعيدا عن بعضه البعض مع مرور الزمن، لدرجة أنهما لا يتمكنا من التناسل عندما يختفي السد الجيولوجي الفاصل بينهما. فالتغيرات العشوائية في البحيرات الجينية لكل نوع تتنامي و بصورة تدريجية، بحيث أنه، إذا تقابل ذكر و أنثي من الطرفين، سيكون الجينوم الخاص بكل منهما مختلف بصورة لا تسمح لهما بالتلقيح (الجيد). فسواء كان (التغير) بسبب الإنجراف الجيني العشوائي لوحده أم بمساعدة تباين الإنتقاء الطبيعي، فمتي ما وصل الإختلاف في البحيرات الجينية إلي  مستويات لا تحتاج فيها إلي الفصل الجيولوجي بينها أو (بمعني آخر) تبقي منفصلة جينيا، نسميهما نوعين مختلفين .” و لذلك، ” فالزلازل تفتح فجوات  (في الأرض)  فتعمل كسدود مانعة، أو تغير مجري نهر، و النوع (من الكائن) الذي ظل متناسلا مع نوعه يجد نفسه منقسما إلي قسمين (فتبدأ رحلة إنقسام نوعيهما عن بعض) . (بل) و في أحيان كثيرة، يكون السد موجود طوال الوقت، و لكن تعمل مجموعة من هذه الحيوانات علي عبورها، في حدث غريب نادر.” و هذا يذكرني بالإختفاء التدريجي و المفاجيء و الغريب لمجاميع  كلاب البحر في الرصيف البحري ٣٩ في سان فرانسيسكو منذ الشهر الماضي٠

١٤- هل تحركت الأرض (منذ تشكيلها)؟

في الفصل التاسع يسهب داوكنز في شرح نظرية الجرف القاري و الذي كان “رائده عالم المناخ الألماني ألفريد ويجينر (١٨٨٠-١٩٣٠)” و الذي إقترح (فكرة) أن “كل القارات العظيمة في العالم…كانت مجتمعة في قارة كبيرة واحدة، سماها بانجيا.” و أن ” بانجيا تفككت بنفسها لتشكل القارات التي نعرفها اليوم، و من ثم قامت (هذه القارات) بالإنجراف ببطيء إلي مواقعها الحالية و لم ينتهي جرفها إلي يومنا هذا.” و مع أن ويجينر كان محقا في نظريته بالإنجراف القاري، و لكنه لم يكن محقا في شرح ميكانيكية هذا الإنجراف، كما يبين داوكنز، ” يجب أن أوضح أن هذه الفرضية بالإنجراف القاري كانت مختلفة و بصورة كبيرة عن نظريتنا الحديثة عن أطباق الأرض التكتونية.” حيث يشرح في الجزء الباقي من الفصل كيف تسببت حركة الأطباق الأرضية بإنجراف القارات بعيدا عن بعضها. و المعلومة المدهشة، علي الأقل بالنسبة لي، كانت بصورة قدمها و عليها التعليق التالي ، ‘صدع سان أندرياس، فجوات عميقة علي طول ولاية كاليفورنيا.’ حيث سيأتي ‘ يوم سيصبح فيه الجزء الغربي من الولاية، بمعية باجا كاليفورنيا في المحيط الأطلسي.’ فالزلازل مثل تلك التي ضربت هايتي مؤخرا، و التسونامي الذي نال من أندونيسيا في وقت قريب كلها من تأثير تحرك الأطباق التكتونية في الأرض. و هذه الحركة تحدث في كل بقاع العالم و ليس لها دخل بأعمال الإنسان. فللإجابة علي هذا السؤال نقول نعم، الأرض تحركت و لازالت تتحرك، فهنالك ” دلائل حديثة علي تحرك كل القارات علي وجه الأرض” كما ذكر داوكنز، و هذا “يعطينا و بصورة كبيرة (لا تقبل الشك) أفضل تفسير لبعض الحقائق الرئيسية بخصوص التوزيع الحيواني و النباتي، و خصوصا للأحافير. فعلي سبيل المثال، هنالك تشابه بين الأحافير في أمريكا الجنوبية و أفريقيا، و القطب الجنوبي (أنتارتيكا) و مدغشقر، و الهند و أستراليا، و التي نفسرها اليوم بالإستشهاد بالقارة الجنوبية العظيمة جوندوانا و التي كانت في يوم ما تجمع كل هذه الأراضي الحديثة٠”٠

١٥- كيف كان إكتشاف الشفرة الجينية  دليلا بصحة نظرية التطور؟

يقول داوكنز أنه ” كما هي الهياكل العظمية لكل الفقاريات غير مختلفة بينما تختلف العظام (لكل منها)، و  كما هي أصداف القشريات غير متغيرة بينما تختلف ‘قناة’ (كل منها)، و كذلك هي الشفرات الجينية لكل الكائنات الحية (غير متغيرة) بينما تختلف الجينات الفردية (لكل كائن). و هذه هي الحقيقة المدهشة، و التي تبين أكثر من أي شيء آخر أن جميع الكائنات الحية إنحدرت من جد واحد. و هذا ليس مقتصر فقط علي الشفرات الجينية ، (بل يشمل) جميع النظام الجيني \ البروتيني المسير للحياة… فهو نفسه لجميع الحيوانات، النباتات، الفطريات، البكتيريا، الأرشيا و الفيروسات. ما يتباين فيها هو (النص) المكتوب علي الشفره، و ليس الشفرة نفسها. فعندما ننظر إلي (النص) المكتوب بالشفرات – (أي) الترتيب الجيني الواقعي لكل الكائنات المختلفة- من أجل المقارنة فإننا نجد تشابها في نفس النوع من الشجرة الطبقية. (بل) نجد نفس شجرة العائلة – مع كونها معروضة بصورة أكثر تمكينا ( تفصيلا ) و إقناع  (للباحث) – (و هي) كما وجدناها (متشابهة بمقارنة) الجهاز العظمي للفقاريات، و (مقارنة) أصداف القشريات (شرحهم بالتفصيل في الكتاب)، و بالتأكيد كل صور التشابه العظوي في جميع مملكة الأحياء . ” فإذا أردنا معرفة مدي تقارب نوعين  من الكائنات – لنقل (علي سبيل المثال) القنفذ مع القرد – فالوضع المثالي يكون هو بالنظر في النص الكامل لكل جين من جينات الحيوانين، و مقارنة كل نقطة و علامه، كما يفعل أستاذ الإنجيل عندما يقارن شريحتين من أشعيه”٠

*

بعض الأمثلة علي الحلقات الوسطية:٠

تطور السمك \ البرمائيات

Eusthenopteron
Ichthyostega
Acanthostega
Tiktaalik

تطور الحيتان

إضغط هنا

جد كلاب البحر الحديئة

Puijila darwini

جد الإنسان\ القرد
Java Man
Peking Man
Mrs. Ples
Lucy
Ardi

يتبع

تحديث

شعب هايتي محتاج للمساعدة بأي صورة ممكنه، يرجي التبرع لهم من خلال الغوغل أو أي طريق آخر. و هذا رابط للتبرع من خلال الجمعية التي لا تفرق بين الناس من حيث دياناتهم(آحد مؤسسيها ريتشارد داوكنز)٠

The Reason Project

أعظم مسرحية علي وجه الأرض (٣)… مراجعة كتاب

إثباتات لعلم النشوء و الإرتقاء للكاتب ريتشارد داوكنز

For English click here

٥- ما هو عمر الأحياء علي الأرض؟ أو ما هو الوقت  المحسوب منذ زحف السمك لأول مرة إلى الأرض ليقطنها؟

من الأهمية بمكان أن نعرف عمر الآرض لكي يسهل علينا تصور المدة الزمنية الهائلة التي أخذتها الأحياء للتطور علي وجهها. يقول ريتشارد داوكنز أن “العمر المقاس لكوكبنا هو ٤.٦ بليون (مليار) سنه.” و الوقت ” الذي قضي منذ أن مشي جد كل الثدييات علي الأرض هو تقريبا مليوني قرن (٢٠٠،٠٠٠،٠٠٠) ، و قد يبدو القرن وقتا طويلا بالنسبة لنا. (و لكن) هل تستطيع تخيل مليوني قرن ممتدين كل قرن خلف الآخر؟ (أما) الوقت الذي مر منذ أن حبي أو زحف جدنا السمك خارج الماء إلي اليابسة (فإنه) يقارب ثلاثة ونصف مليون قرن؛ و هذا يعني أنه أخذ فترة أطول بحوالي عشرون ألف مرة من المدة التي أخذها (الإنسان) ليشكل كل الأنواع المختلفة من الكلاب (أقل من ألف سنه)- و في الحقيقة هي مختلفة جدا – من الجد المشترك بينها.” و أربعة و سته أعشار من البليون عدد هائل نسبة إلي ثلاثة و نصف من ملايين القرون. و لكن إن وضعنا عمر الكون  في الإعتبار بداية من حصول الإنفجار الكبير ( أي قبل زمن لا يقل عن ١٣.٥ بليون (مليار) سنة)، فحسب الفلكي الراحل كارل سيجان، فكل أشكال الحياة لا تتعدي الدقائق الأخيرة علي الرزنامة الكونية علي مقياس معادلة ١٣.٥ بليون سنة لكل سنة كونية ( إنظر لهذا الرابط للتوضيح) أي أننا عندما نتحدث عن التطور فإننا نتحدث عن الأزمان الجيولوجية العميقة و ليس عملية تغييرية واضحه  و مباشرة من جيل إلي جيل٠

٦- كيف نعرف عمر الصخور؟ و كيف نعرف عمر الأرض؟

في الفصل الرابع يقدم ريتشارد داوكنز  تفصيل شامل لأنواع عديدة من الساعات الجيولوجية الطبيعية و يبين كيفية عملها. فيقدم ‘الساعات الإشعاعية’ لحساب تواريخ الصخور البركانية  (الإشعاعية) و ذلك لسهولة تقدير أعمارها، فهذه الصخور تتحول ذراتها و بصورة زمنية ثابتة لكل منها إلي ذرات تلك المواد القريبة منها في الجدول الذري . و عند أخذ عينة من هذه الصخور إلي المختبر يتم حساب نسبه المواد المتقاربة علي الجدول الذري لمعرفة عمرها الزمني منذ أن بدأت بالتصلب بعد خروجها بصورة ‘لافا’ من باطن البركان. و هكذا  يقدرون عمر الطبقات إلي واحد بالمئة من الخطأ.  و كذلك قدم الساعات الطبيعية الأخري مثل حساب حلقات السنين في جذع الشجرة، فالشجرة تكون معرضة لتغير الأحوال الجوية و بالتالي يحدث تغيير في قشرتها الخارجية في كل فصل، بل و من سنة إلي أخري حسب السنوات الممطره و سنوات الجفاف و يشبه ذلك أيضا الحلقات المرجانية التي تتكون سنويا و يستخدمونها في تقدير العمر الزمني للبراكين القديمة. و نفس العملية مع الترسبات في البحيرات الجيولوجية من سنة إلي أخري.  أما الساعات الكربونية فهي خاصة بتقدير عمر الأحافير في كل طبقة، فكل الأحياء بما فيها النبات و الحيوان يدخل الكربون في تركيبها و بنسب معينة بين نوعين منها هو كربون 12 و كربون 14، و عندما يموت الكائن الحي تختلف هذه النسب و من هذا الإختلاف ممكن تقدير ساعة موته و بالتالي تقدير الحقبة التي عاش بها الكائن الحي.  و ما ذكرته أنا في هذه العجالة إنما جزء قليل من ما هو متوفر في الطبيعة. و يقول داوكنز أن وجود هذا الكم من الساعات في الطبيعة في الواقع هو من حسن حضنا ” فلتبارك الطبيعة التي زودتنا بأصناف واسعة من الساعات التي نحتاجها، و  الأكثر من ذلك أن حساسية مدي كل منها متداخل مع الآخر و هذا يسمح لنا أن نستخدم الواحدة للتدقيق علي الأخري.” بمعني أن عملية تقدير عمر الأرض و الطبقات ليست عملية حدسية و حسب، بل عملية قياسية تعتمد علي الحساب و التدقيق الدائم٠

٧- هل يشترط المدة الزمنية الكبيرة لحصول عملية التطور بحيث لا يمكن أن نكون شهودا عليها؟

يقول داوكنز بأنه مع أن الأغلبية الغالبة لعمليات التطور كانت قد حدثت قبل أن يوجد الإنسان، ألا أنه ليس ذلك شرطا لحدوث العملية. فالطبيعة بها بعض الحالات التي تطورت فيها الكائنات بصورة سريعة لدرجة أنها ممكن أن تحدث خلال المده الزمنية لجيل واحد من عمر الإنسان. و ليؤكد هذا الكلام قام داوكنز بإستعراض بعض الأمثلة و منها علي سبيل المثال إنقراض الفيلة الأوغندية ذوات الأسنان العاجية الكبيرة و بقاء تلك ذات الأسنان العاجية الأقل وزنا خلال ثلاثة و ثلاثين سنه (1925-1958). و يرجع سبب ذلك إلي الإقبال علي صيد تلك الفيلة و ترك الأخري لتتكاثر مما كان نتيجته إنقراض الفيلة ذات السن العاجية الكبيره. و كذلك قدم داوكنز تجارب عملية  قام بها العلماء في الطبيعة و المختبرات ليشهدوا عملية التطور تحدث أمام أعينهم ، فقدم  التجربة التي تم عملها بالطبيعة علي سحليات من جزيرة بود كابستي علي الشاطيء الكرواتي عندما تم تغيير بيئتها و ذلك بنقلها إلي بود مروكارو و هي جزيرة  أخري بنفس الشاطيء  و لا يوجد فيها هذه النوعية من السحالي، مما كان له أثر علي طريقة تطورها بصورة مغايرة  تم قياسها بعد سبعة و ثلاثون سنة.  و من التجارب المختبرية قدم داوكنز التجارب التي قام بها لينسكي و تلاميذه علي البكتيريا حيث قاموا بفصلها في  إثني عشر مجاميع و غيروا طريقة تغذيتها و كذلك قاموا بتجميد بعضها و من ثم إرجاعها للحياة ليقارنوها بأخواتها التي تكاثرت  بخمسة و أربعين ألف جيل  خلال عشرين سنه (و التجربة لازالت قائمه). أما أكثر الأمثلة إثارة للدهشه فلقد كانت لتطور الجنين في الشهور الأولي في بطن أمه، حيث أسهب داوكنز في بيان ميكانيكية تطور و دور الجينات مبينا أن الجينوم  و الذي يحمل تاريخ الصفات الوراثية لا يعمل كرسمة البناء الجاهزة ‘بلو برنت’ لبعض الصفات الناقله  كما هو موصوف في كتب الأحياء المدرسية و لكن عملها يكون أقرب لوصفة الطعام حيث تكون المقادير معروفة  مسبقا و لكن الطبق في النهاية يكون خاضع للقوانين المحلية (مثل ذوق الشيف و غيره). فالخلية الأولي التي تتكون من الأب و الأم في الواقع تحمل جميع الصفات الوراثية و لكن ما يتحكم في عمل بعضها و عدم عمل البعض  الأخر (شبهها داوكنز بمفتاح الكهرباء حيث يتم إطفاء البعض و إشعال البعض الآخر) هي القوانين المحلية في كل خلية  أثناء تطور الجنين و منذ الخلية الأولي و الخلايا الأخري المنقسمة عنها لاحقا و هكذا لمدة تسعة أشهر. ” إن أحد الأمور المفاجأة التي تعلمناها من عملية التطور أنها ممكن أن تكون سريعة جدا” كما يقول داوكنز. و كذلك يؤكد أن هنالك حالات من التطور تتم ببطيء شديد لدرجة أن تلك الحيوانات بالكاد تختلف عن جدودها الموجوده في الطبقات القديمة من الأرض و لذلك تم تسميتها بإسم ‘ الأحافير الحية’. فالحيوانات ” غير مبالية  بزمن تطورها، و ممكن حتي تكون غير مبالية للتطور بالمره” كما يذكر داوكنز٠

٨- هل إنحدر الإنسان من القرد؟

كلا، الإنسان لم ينحدر من القرد، و لكننا نشاركهم بجد واحد. “الجد المشترك قد يكون أكثر تشابها بالقرد من الإنسان، و إحتمال أن نسميه بالقرد إذا كنا قابلناه قبل خمسة و عشرون مليون سنه. و لكن حتي لو كان الإنسان إنحدر من جد ممكن نسميه قردا، فلا يوجد حيوان يلد مباشرة حيوان من نوع آخر، أو علي الآقل ليس بإختلاف كبير كالإختلاف بين الإنسان و القرد أو حتي الشمبانزي. التطور لا يعمل بهذه الصورة. فالتطور ليس فقط عملية تدريجية في الواقع؛ و لكن عليها أن تكون تدريجية حتي يمكنها إعطاء التفسير المناسب لما يحدث (بالطبيعه). فالقفزة الكبيرة في الجيل الواحد -و الذي هو مثل ولادة الإنسان من قرد – هو غير وارد و يتساوي بذلك مع (القول) بالخلق المقدس، و يستبعد لنفس الأسباب؛ إحتمالات حدوث الأثنين إحصائيا غير ممكن.” كما ذكر داوكنز٠

٩- هل يوجد ‘ ثغرات’ من الأحافير في الطبقات الأرضية؟

يقول داوكنز أننا في الواقع “محظوظون لوجود الأحافير من الأساس، فدع عنك الكمية الكبيرة التي نملكها بين أيدينا و الكافية لتسجيل التاريخ التطوري  (للكائن الحي)- حيث يوجد بين هذه الأعداد الكبيرة، و بكل المقاييس حلقات وسطية جميلة. ” و في الفصل التاسع يبين داوكنز أن التوزيع الحيواني في الجزر و القارات هي بالضبط كما نتوقعه أن يكون “إذا كانت جميع (هذه الكائنات) أبناء عمومة  و تطورت من جد مشترك علي مدي زمني طويل”. و في الفصل العاشر يقارن داوكنز صفات الحيوانات حسب توزيعها الجغرافي و بالخصوص شفراتها الجينية ليبرهن أننا في الواقع لا نحتاج إلي الأحافير لإثبات أن التطور حقيقه . فكما ذكر فالإثباتات لعلم التطور في أمان حتي لو لم يكن لأي إحفورة وجود. أما وجود الأحافير فتعتبر إظافة أو “بونص أن يكون لدينا مخزون غني بالأحافير، و  هذا العدد الكبير الذي يتم إكتشافه كل يوم. فالأحفاير الخاصة للكثير من الحيوانات الرئيسية موجودة و (تدل علي نفسها) بقوه ،  و لكن مع ذلك يوجد ثغرات”. و هذه الثغرات هي بالذات في ندرة وجود الأحافير في الحقبة التي تسبق الحقبة الكمبرية؟

١٠- ما سبب قلة وجود الأحافير في الحقبة ما قبل الكمبرية، علي ضوء نظرية التطور؟

قبل التغلغل في تخمين التصورات لأسباب ندرة الأحافير بحقبة ما قبل الحقبة الكمبرية، يقدم لنا داوكنز الدودة الشريطية، بلاتيهيلمينثس. و يعرفها بقوله أنها “رتبة عظيمة من الديدان بما تشملها من الديدان الطفيلية و الديدان المفلطحة،  و التي تمثل أهمية عظيمة في المجالات الطبية.” و من  ثم يسهب بالخصوص في ” دودة التربيبليريوم الحره، و التي يوجد منها أكثر من أربعة آلاف نوع: و هذا يساوي عدد كل الثدييات مجتمعه. و هي شائعة في الماء و اليابسة، و علي أغلب الضن كانت شائعة لمدد زمنية طويله، و مع ذلك فليس لها أحافير.” و لذا ”  فالعوامل التي أثرت علي عدم تكوين الأحافير للدودة الشريطية خلال تاريخها الجيولوجي و حتي اليوم، ” كما إستنتج داوكنز فلابد أنها ” هي نفسها التي أثرت علي كل مملكة الحيوان في الحقبة التي سبقت حقبة الكمبري” موضحا أنه ” إحتمال أن يكون أغلب الحيوانات في تلك الحقبة من النوع الرخوي كما هي الدودة الشريطية، و إحتمال أيضا أن تكون صغيرة كما هي دودة التربيبليريوم – أي ليست جيدة لتكوين الإحفورة. و من ثم حدث حادث  ما من نصف بليون سنة سابقة فسمح للحيوانات أن تصبح مادة جيدة للأحافير – كظهور الهيكل العضوي الصلب (الأصداف) علي سبيل المثال”٠

يتبع

 

 

 

أعظم مسرحية علي وجه الأرض (٢)…مراجعة كتاب

إثباتات لعلم النشوء و الإرتقاء للكاتب ريتشارد داوكنز

For English click here

Duke’s first grooming

في البوست الماضي ذكرت أني سأحاول أن أقدم بعض الأسئلة الأكثر شيوعا عن التطور و بالترتيب المدرج في الكتاب، و كذلك سأحاول تلخيص إجابات ريتشارد داوكنز عليها  بالإظافة إلي تعليقاتي، إن وجدت، لكل من لديه حب الإستطلاع لمعرفة علم التطور. و لكن قبل الدخول في ذلك، أعتقد أنه من الأهمية ذكر أنه لا يوجد عالم معتبر و لا رجل دين مثقف يرفض نظرية التطور، كما ذكر داوكنز – بالطبع هو يتكلم عن الغرب. فأسقف أكسفورد و رئيس أساقفة كانتيربري –  أتذكرون محاضرته الشهيرة و التي يطالب فيها بتطبيق الشريعة علي مسلمي بريطانيا؟- أو حتي البابا ليس لديهم مشكلة مع النظرية. ” رجال الدين المثقفين (في الدول الغربية) إستسلموا في محاولاتهم بدحضه بعد أن شهدوا الأدلة”، و لكنهم مستمرون بتظليل الشعوب، ” رجال الدين الذين يؤمنون بالتطور لا يبذلون الجهود لتثقيف الناس بأن آدم و حواء لم يكن لهما وجود أبدا، و إذا ضغطت عليهم يحتجون أن نيتهم (في تكرار القصة) ليس له إلا معني ‘رمزي’٠

١- هل التطور ‘مجرد نظريه’؟

من أجل الإجابة علي هذا السؤال، خصص داوكنز أول فصل في كتابه ليبين أن هنالك سوء فهم شائع بين الناس في تعريف كلمة ‘نظرية’  و ذلك عندما تستخدم بمعناها العام.  و حتي قاموس أكسفورد يحمل معنيين للنظرية. أما التعريف العلمي للنظرية فهي أقرب لتعريف الثيوريم .  و ” الثيوريم في العادة تبدأ  ‘كمجرد’ فرضيه” و الفرضية عبارة عن ” فكره تنتظر تأكيدها سواء بصحتها أو بخطئها”، و ” و قد تبدأ الفكره بمرحلة الغوص في وحل السخرية، قبل أن ترتقي بخطوات مؤلمه إلي أن تصل إلي مرحلة الثيورم أو الحقيقة التي لا جدال فيها.”  و  “كلما زادت محاولاتنا و تعمقت لدحض النظرية، و مع ذلك بقيت النظرية صامدة و كتب لها النجاة، كلما أصبحت أقرب إلي ما يسميه الإحساس البديهي لدينا بالحقيقه” و لا توجد نظرية تعرضت إلي هذا الكم الهائل من الهجوم في تاريخ البشر كمثل ما تعرضت له نظرية التطور من أول ما ظهرت مع دارون و إلي اليوم، مع أنها اليوم أصبحت واقع. فالنظرية تصبح واقع و حقيقة عندما يستخدم تطبيقاتها البشر. فالمضاد الحيوي علي سبيل المثال لا الحصر، و الذي يصفه الطبيب لمعالجة الإلتهابات و يفرض علينا أن نتبع إرشادات دقيقة في أخذه  ككورس لفترة معينه مع مراعاة الدقة  للفتره بين كل جرعة و أخري ليس إلا علم مبني علي أحد تطبيقات نظرية التطور. و في الواقع يقول داوكنز أن ” هذا الكتاب هو عبارة عن الدلائل الإيجابية بأن التطور ليست ‘ مجرد نظرية’  بل أنه حقيقه.”. و علي هذا الأساس فهو خصص كل الفصول الإثني عشر الباقية  من الكتاب في تقديم بعض هذه الأدلة، مؤكدا أننا ” نعرف أن  نظرية التطور حقيقة لأن هنالك سيل من الأدلة يرتفع  بإستمار ( مع الزمن) لكي يساندها.” و علي هذا الأساس بدأ مشواره  بتعريف لكلمة “الحقيقه” من قاموس أكسفورد ذاكرا أنها ‘الواقع المنظور أو الشهادة الثقه، في مقابل ما هو تخمين” و من ثم أكمل مشواره ببيان كيف أن هذا التعريف يطابق نظرية التطور تماما٠

كينيث ميللر بروفسور الأحياء المتخصص في علم الخلايا، و مؤلف الكثير من كتب الأحياء التي تدرس في الكثير من الثانويات في الولايات المتحدة الأمريكية، بالإضافة إلي  كونه كاتب الكثير من الكتب الأكثر مبيعا، ذكر  بينما كان يحاضر بموضوع  “تحطم نظرية التصميم الذكي” في جامعة كيس وستيرن أن نظرية التطور هي الحقيقة بقدر ما هي نظرية الجاذبية حقيقه، مع أننا نسمي الإثنان  ‘ نظرية’ و لا نسميهما حقيقة. و علي فكره ميلير كاثوليكي ملتزم، كما يصف هو نفسه

٢- إذا كان الإنسان تطور من الشمبانزي، فلماذا الشمبانزي مازال حيا يرزق في الأرض؟

هذا خطأ شائع، الحيوانات الحديثة لا تنحدر من بعضها البعض، و لكننا جميعا نتشارك في جد مشترك و كل منا أخذ خطا مغايرا للآخر في تطوره. ” الفكرة أن لكل حيوانين مختلفين لابد أن يكون هنالك دبوس شعر يجمع طرفيهما. و ذلك لسبب بسيط و هو أن كل كائن حي يشارك الآخر بجد واحد : و كل ما علينا فعله هو أن نأخذ طرف أحد الكائنين و نرجع به  للوراء حتي نصل إلي هذا الجد المشترك ، و من ثم نغير الإتجاه خلال دبوس الشعر لنتقدم بالطرف الآخر ونصل إلي الكائن الحديث الآخر.”٠

٣- لماذا أخذ دارون كل هذه المدة ليظهر علي الساحة؟

مع أن فكره التطور لها جذور في فلسفة الإغريق  ( ذكر كارل ساجان في كتابه النظام الكوني – كوسموس – أن إمبيدوكليس و أناكسيماندر و ديموقريطس “توقعوا بعض مظاهر فكرة دارون العظيمة عن التطور بالإنتقاء الطبيعي”)  ألا أن نظرية التطور لم تأخذ حقها من البحث العلمي الجاد إلا بعد نظرية الإختيار الطبيعي لدارون – و كذلك ألفرد رسل واليس، و هو العالم المعاصر لدارون و إكتشف التطور بمعزل عن دارون – فما هو السبب؟

يقول داوكنز أن الأسباب عديده، ” قد يكون السبب هو أن عقولنا مرعوبة بالوقت الطويل الذي يحتاجه أي تغيير جذري لكي يحدث – عدم التوافق بين ما نسميه الأن الوقت الجيولوجي العميق و بين مده حياة الشخص  و درجة  إستيعابه عندما يحاول فهم  (الفكره). و قد يكون التلقين الديني هو سبب عدم تقبلنا  لها. و قد يكون السبب هو  التعقيد المهول لعضو حيوي كالعين، و الذي تم شحن العقول بها مع تأكيد الإعتقاد الوهمي المرعب بأنها من إنتاج مهندس بارع.” و أنا أضيف أنه من الممكن أن يكون السبب سياسي نتيجة لمعاهدات السياسيين الأزلية مع رجال الدين و في إصرارهم بالحفاظ علي الشعوب في غياهب الجهل و ذلك ليسهل عليهم التحكم، و هو إحتمال وارد و خصوصا أننا اليوم لدينا مثال واضح في الدول الإسلامية و كيفية تعامل حكامها مع الشعوب٠

و أضاف داوكنز إحتمال آخر ورد علي لسان  إيرنست ماير و يتعلق بالنظرية الفلسفية ‘الماهيه’، حيث ربط فكرة عدم إكتشاف التطور من قبل بسبب ‘ إفلاطون’. فبالنسبة لإفلاطون و هو الرياضي الذي يري جميع ما في الكون كأشكال هندسية، فإنه يري أن لكل شيء تصميم أساسي، و ما التعددية في أشكال الحيوانات في الرتبة الواحدة إلا ظل أو خيال للتصميم الأساسي، و الخيال ممكن أن يتغير و لكن الأصل يظل هو النموذج. أي أن الأرنب قد يتغير بالشكل، و الكلاب قد تتغير بالنوع، و لكنها تضل صورة مموهة من التصميم الرئيسي. و هذه النظرة تعارض الفكرة الأساسية في التطور. فالتطور يعمل بصورة تراكم التغييرات الطفيفة من جيل إلي جيل و التي تكون في الأساس نبتت من نفس البذرة و من ثم تفرعت إلي الأنواع المتعدده، فلا يوجد تصميم أساسي لللأرنب، و لا يوجد تصميم أساسي للكلب. و التعددية هي في كون كل فرع يتطور بفردية عن غيره. فهي كالشجرة التي تتطور منها الأفرع بصورة مختلفة بسبب الظروف المختلفة لكل منها و التأثيرات ‘التي تسبب التغيار الأحيائي. “بالنسبة لماير” كما يذكر داوكنز “السبب الذي أخر بروز نظرية دارون علي الساحة (العلمية) هو أننا – سواء بتأثير من الفلسفة الإغريقية أو لأي سبب آخر – لدينا الماهية محترقة في جيناتنا الفكرية.”٠

فقبل دارون كان الإعتقاد الشائع أن الصفات الوراثية تنتقل بين الأجيال و تعمل كمزج الألوان ببعضها حيث تكون النتيجة لون جديد مغاير للألوان الأصلية؛ مثال علي ذلك هو اللون الرمادي الناتج عن خلط اللونين الأسود و الأبيض. و بعد إكتشاف الجينات و البحيرات الجينية التي يحملها كل كائن حي ، تغيرت الفكرة إلي ما يشبة خلط ورق اللعب (الجنجفه)، و هذا ما أرجع فكرة دارون الخاص بالإنتقاء الطبيعي إلي الساحة بصورة أقوي. دارون بنفسه لم يكن يعلم عن الجينات ( مع أن أول من ذكرها كان قس ألماني يدعي جورج مندل و كان معاصرا له)، و لكن ما كتبه عن توليد أو تهجين الحيوانات (شرح ذلك في كتابه و إستفاض في شرح توليد الكلاب و الطيور و خصوصا الحمام) في ضوء نظرية التطور طابق تماما مع ما تم إكتشافه و بحثه لاحقا. فالحيوانات تحمل الجينات و تخلطها  كما نخلط الورق و تورثها للأجيال اللاحقة لتحدث التعددية. و هكذا من جيل إلي جيل. و هذه الجينات قد تظهر أو لا تظهر في صفات الأجيال و لكنها تكون دائما موجودة بالخلية الحية كملف تاريخي لكل كائن حي (جينوم). مربي الكلاب و مولدوها يستخدمون الإنتقاء الصناعي كي ‘ يشكلوا’ الكلاب حسب مواصفات يرغبون بها؛ مثل ذيل أقصر، أو بوز أطول. و نفس الشيء يحصل بالطبيعة ألا أن الإختيار يكون طبيعيا. و هذه كانت نقطة القوي في فكرة دارون٠

٤- ماذا يعني الإنتقاء الطبيعي؟

هنالك خطآ شائع بنسب المصطلح ‘ البقاء للأصلح’ إلي دارون، فهذا المصطلح إخترعه سبنسر و الذي عاصر دارون و كتب عن التطور. و يبدو أن دارون لم يستخدم هذا المصطلح حتي يتجنب سوء الفهم الذي قد ينتج عنه. و عوضا عن ذلك إستخدم دارون مباديء الإنتقاء الصناعي، حتي يوضح و عن طريق التجربة و البرهان كيفية عمل الإنتقاء الطبيعي، بدون تدخل الإنسان. فتوليد و تهجين الكلاب هو إنتقاء صناعي، و تربية الماشية لتحسين الحليب هو إنتقاء صناعي. و تربية الخيل و تهجينها لسباقات القفز علي الحواجز هو إنتقاء صناعي. الطبيعة تعمل بنفس الطريقة تماما، ألا أن التدخل الطبيعي يكون مختلفا لكل كائن علي حده (يمكن أن يكون التطور في عضو معين فقط، أو في جزء معين بالجسم). و هنا يقدم داوكنز العيد من الأمثلة في ميكانيكية الإنتقاء الصناعي و الإنتقاء الطبيعي إبتداء من الفصل الثاني في كتابه. و يؤكد لنا أن ” الإنتقاء الصناعي ليس فقط أداة قياس للإنتقاء الطبيعي” فالإنتقاء الصناعي هو ” الإختبار العملي الحقيقي – بمقابل النظري – لفرضية أن الإختيار يسبب التغيير التطوري.” فالأزهار في الطبيعة، علي سبيل المثال، و التي لها روائح أفضل و ألوان أزهي يكون فرصتها بالبقاء أكبر لأن لها فرص أكبر لجذب الحشرات و الطيور و إغرائها، مما يكون نتيجته فرصة أكبر لنشر حبوب لقاحها و زيادة إنتاجها بالتكاثر. بينما الحشرات و الطيور التي تملك أعضاء تؤهلها بصورة أكبر لإستخلاص رحيق الأزهار و التغذية عليها، لها فرصة أكبر بالحياة و بالتالي نقل جيناتها للأجيال القادمة. و إذا تمت هذه العملية بصورة دائمة علي المدي الزمني الكافي، فذلك يعني أن كل كائن حي يصبح مصمم أو ناحت للآخر. و هذه هي ميكانيكية عمل الإنتقاء الطبيعي بصورة عامه.  و هي ليست مقتصرة علي الأزهار و الحشرات و لا علي الرائحة و النظر. و علي هذا المنوال فالجينات في بحيرة الجين قد تم إنتقاؤها علي مدي زمني هائل لكي تقوم بنحت ما نحن عليه اليوم. و في الفصل الثاني يبين داوكنز مثال رائع في الإنتقاء الصناعي ببيان دور ” عين الإنسان (النظر) الذي يعمل في إختيار التوليد علي مدي أجيال، و كيف قامت بعمل نحت و عجن النسيج اللحمي للكلاب لينتج التعددية المذهلة بالشكل و اللون و الحجم و كذلك التصرفات.” أما في الفصل الثالث فهو يباشر في “عملية الإغواء  الذهني ، خطوة بخطوه، ليمررنا من الأجواء المحلية المألوفة بالنسبة لنا في عالم تربية الكلاب و الإنتقاء الصناعي وصولا إلي فكرة دارون بالإنتقاء الطبيعي من خلال ألوان متعددة من المراحل الوسطيه” كما ذكر ذلك بنفسه٠

يتبع

 

 

 

 

 

 

 

أعظم مسرحية علي وجه الأرض(١)… مراجعة كتاب

أعظم مسرحية علي وجه الأرض\ إثباتات لعلم النشوء و الإرتقاء للكاتب ريتشارد داوكنز

كتاب في ٤٨٠ صفحه، نشر في عام ٢٠٠٩

The Greatest Show on Earth/ A book Review

إضغط هذا الرابط
و هذا الرابط

For English click Here

من يعتقد أن العلم بارد و جاف و غير رومانسي عليه قراءه آخر  كتاب – و الثاني بعد تقاعده-  لبروفسور الأحياء في  جامعة أكسفورد السيد ريتشارد داوكنز حتي يفهم كم هو بعيد عن الحقيقه. فريتشارد داوكنز بقدراته العلمية الواسعه بالإضافة إلي تحكمه البارع في اللغة العلمية و الشعرية، لم يجعل العلم سهلا علي الفهم و حسب، بل جعله أيضا مدهشا و ممتع. و علي الرغم أن ريتشارد داوكنز نشر عدة كتب في نظرية النشوء و الإرتقاء (نسميها هنا مجازا بالتطور) – حيث قرأت شخصيا أغلبيتها- و لكنها لم تكن بهذه القوة و بهذه القدرة علي تشغيل الدماغ و بهذه الصورة في الإيحاء كهذا الكتاب. فهو بصورة عملية برهن التطور بتطوير نفسه في كل كتاب كتبه؛ حيث كان التغير التدريجي في إسلوبه واضح مبين . و علي الرغم من أنه  لم يكن في نية الكاتب مناقشة ميكانيكية علم التطور في هذا الكتاب، كما ذكر هو شخصيا،  و ذلك لأن كتبه السابقه ‘الجين الأناني’  و ‘تسلق جبل اللا إحتمال’ و ‘ صانع الساعات الأعمي’ نشرت لهذا الغرض و لتبسيط علم التطور لمن هم من خارج الإختصاص العلمي، كما أن  أكبر كتبه حجما ‘ قصة الأجداد’- و الذي هو غني بالمعلومات- كتب ليضع  فيه جميع ما يخص تاريخ الحياة علي الأرض. و لذا، فبالنسبة له فهو قد أعطي موضوع التطور حقه العادل. و لكنه  مع ذلك كان يشعر أن هنالك فراغ كان لابد من ملئه، أو ‘ حلقة ناقصة’ عليه أن يعطيها إهتمامه – و هي أن يعطي إثباتات لعلم التطور. و هذا كان الغرض من كتابة هذا الكتاب. و لكن بغض النظر لنية الكاتب الأساسية، ففي وجهه نظري  الشخصية داوكنز ألقي عصفورين بحجر واحد و خلق تحفة فنية بمناسبة مرور مئتي عام علي ميلاد دارون و مائة و خمسين عام علي نشر كتابه ‘أصل الأنواع’٠

يؤكد لنا داوكنز أنه مع تطور الكثير من العلوم علي ضوء نظرية التطور ، فالموضوع لا يحتاج إلي كتاب أو حتي لعالم مثله لكي يدافع عنه؛ فالدلائل محسوسه في كل مكان. الطبيعة تعطينا هذه الدلائل كل يوم. فالتطور ليس مقصورا علي تلك  الكائنات التي تأخذ ملايين السنين لكي يتغير نوعها ، بل هي عملية حيويه تحدث في كل دقيقه لدرجة أننا من الممكن أن نكون شهودا عليها خلال مدة حياة الواحد فينا ، و لكن للأسف هنالك جهل متفشي بين الشعوب و لأسباب غير علميه . فقد ذكر أنه و منذ عام ١٩٨٢ بينت إحصائيات غالوب، و هي الإحصاءات الأمريكية الأكثر شهرة أنه  “أكثر من ٤٠ في المئة من الأمريكيين ينكرون أن الإنسان تطور من حيوانات أخري، و يعتقدون – أن الحياة – قد خلقها الله خلال   ١٠،٠٠٠عام” و أن “الإنسان الأول عاش جنبا إلي جنب مع الديناصورات” و هذا ما جعل نشر هذا الكتاب “ضروريا” في نظره. و للأسف، كما ذكر، هذه الموجة من الجهل ليست فقط منتشرة في الولايات المتحدة الأمريكية، و لكنها أيضا وصلت إلي بريطانيا و أوربا مؤخرا،كما بينت إحصائيات اليوروباروميتر المقدمة في سنة ٢٠٠٥، و هذا ما يوعزه داوكنز  بالتأثير الأمريكي من ناحية، و من ناحية أخري بسبب ” التزايد الإسلامي في صفوف المدارس الأوربية – و بتحريض من الإلتزام الرسمي ل’ التعددية’ و الرهبة المصاحبة للعنصرية”. و هذا الواقع جعل الجهود المبذولة من قبل مدرسي العلوم الذين  يتداولون مباديء التطور في صميم عملهم جهودا ضائعة ” فهؤلاء يتم مهاجمتهم بأستمرار،  و يتم إحراجهم و محاربتهم و إساءة معاملتهم و حتي تهديدهم بفقد وظائفهم.” و هو سمي هؤلاء “ناكري التاريخ ” و ” ذوي الأربعين بالمئة” و لأجلهم كتب هذا الكتاب. و لكنه ذكر أيضا أن المعلومات التي وضعها في هذا الكتاب يمكن أن تكون في متناول من يعرفون أن التطور هو حقيقة الحياة، و لكن ينقصهم الخلفية العلمية لتساندهم في مناقشاتهم مع ناكري التاريخ أو الخلقيين أو – المحدثين – الذين يسمون أنفسهم ناصري التصميم الذكي. فكما ذكر داوكنز ” أحاول أن أصل إلي ناكري التاريخ في هذا الكتاب، و كذلك من هم ليسوا ناكري التاريخ و لكن ليس مهيئين لمناقشة الموضوع مع ناكري التاريخ.” و كذلك إتهم ناكري التاريخ بإنكار ” ليس فقط حقائق الأحياء، بل أيضا حقائق الفيزياء و الجيولوجيا، و الفلك، و الأحافير، و التاريخ و كذلك الكيمياء.”٠

و هذا الكتاب حتما ليس للقراء المسلمين لأنه و بصورة واضحة إذا تم عمل مثل هذه الإحصائيات  في البلاد الإسلامية، فالنتيجة ستكون ليست فقط مقلقة و لكن أيضا ستكون مخجلة. و لذا فداوكنز لامس الموضوع بحساسيه عندما تكلم عن المسلمين مع إحتفاظه بمسافة آمنه و لأسباب معروفه للجميع. و عدا عن عرض النسب العالية  في الإحصائيات لناكري التاريخ في تركيا – الدولة العلمانية المسلمة الوحيدة بين الدول الإسلامية –  فهو ذكر كيف أنه و عشرات المئات من العلماء حصلوا علي كتاب ضخم ملون – شيء شبيه بكتب  الزينة علي طاولات الإستقبال – ك ‘هدية’ من هارون يحيي. و شرح كيف أن المدعو هارون ليس له أدني فكرة عن التصنيف في علم التطور و الذي إرتجل فيه عندما قدم تبريرات لمواضيعه، دع عنك ‘ الحلقات الناقصة’  التي ذكرها في موضوع لم يقدمه بصورة مناسبة من البداية. فلقد كتب داوكنز عنه، ” و هنالك مثال مماثل بالسخرية (و الجهل) نجده بكتاب المدافع الإسلامي هارون يحيي  ‘ أطلس الخلق’ و الذي تم الصرف ببذخ علي إنتاج أوراقه اللامعة بمعلومات خاطئة تنم علي جهل صاحبه. هذا الكتاب لاشك أنه كلف الكثير لإنتاجه، و هذا ما يجعل كونه يوزع و بدون مقابل لعشرات الآلاف من مدرسي العلوم بما فيهم أنا، أكثر غرابة. و علي الرغم من الكلفة المدهشة لهذا الكتاب، فالأخطاء فيه أصبحت إسطورية. فحتي يبين هارون المعلومة الخاطئة  التي تقول أن الأحافير القديمة لا يمكن  فصلها عن الحيوانات الحديثة المرادفة لها، فهو يقدم ‘ثعبان البحر’ علي أنه ‘الإنقليس’ (حيوانان مختلفان لدرجة أنهما وضعا في رتب مختلفة من الفقاريات) و يقدم ‘سمكة النجمة’ علي آنها بريتل ستار’ ( و هي حيوانات مختلفة في رتب القناقذ) و دودة السابليد (أنيليد) ك ‘كرينويد’ أو ‘ زنبق البحر’ ( إكرونيد: و هذان الكائنان ليسا فقط مختلفان بالدرجة الرئيسة  لتصنيف كل منهما و لكنهما يختلفان بوضعهما تحت ما قبل المملكة التي يتبعها كل منهما -رتب رئيسيه.  و لذا فلا يمكن أن يكونا متقاربين لبعضهما حتي لو حاولا ذلك مع كونهما حيوانات) و كذلك – و هذه هي الأظرف – قدم ‘سنارة صيد السمك ‘ علي أنها ‘ حشرة الكادس’٠

و أكثر ما يدعو للسخرية في  ما جاء في تعليق داوكنز  عن المسلمين كانت هذه الجملة التي شدت إنتباهي و حرضتني علي كتابة هذه المراجعه، “و لا يسعني إلا أن أتوقع أنه (يحيي) يعرف جماهيره تمام المعرفة، و أنه و بقصد و سخرية يستغل جهلهم .” فشر البلية ما يضحك. و لذا فسأحاول بدوري أن أسلط الضوء علي بعض الأسئلة و أن ألخص أجابات داوكنز بالإضافة إلي تعليقاتي عليها في هذه المراجعة، ليس لتثقيف  السواد الأعظم الجاهل في المجتمعات الإسلامية، و لكن للأقلية اللامعة التي تريد و بحق الفهم و لكن تقف اللغة في سبيلها. و يجب علينا أن نضع بالإعتبار أن ما أكتبه هنا ليس كافيا لمعرفة نظرية التطور و حتما لا يغني عن قراءة الكتاب. أما من يستطيع قراءة اللغة الإنجليزية فأنا أقترح و بشدة قراءته. فالتطور ليس فقط فرع من فروع العلوم و لكنه معرفة للحياة. إنه الأساس لمعرفة طبيعتنا البشرية، و علاقاتنا كأفراد في جماعات، و كذلك لمعرفة مكاننا في هذا الكون٠

يتبع

 

 

إذا أراد ولي الأمر شيئا قال له كن فيكون

أستغرب جدا محدودية تفكير الفرد في المجتمعات الإسلامية و كيف أنه لم يفقه إلي الآن أن ما يحدث من تضييق الحريات في مجتمعاتهم إنما هو بأمر السلطان. فكل الجماعات الإسلامية المتسيسة اليوم ترضخ لأمره كما كانت في أسلاف الأزمان. فالمسيحية مثلا ما كان لها أن تنتشر بهذه الصورة في أوروبا العصور القديمة دون دعم من الملك قسطنطين الأول. فالسلطان بيده أن يغير حتي عقلية المجتمعات. و لكن للأسف لم يدرك حكامنا اليوم أن إعطاء أمر الرعية للمتأسلمين سيكون أمره وبال عليهم في النهاية. فهم لاشك يستفيدون بالمدي القصير  من هذا التضامن و لكن علي المدي البعيد الحاكم سيكون هو الخاسر الأول. و هذا ما حصل بالكويت عندما إنقلب السحر علي الساحر و شيشت الجماعات الإسلامية الشعب ضد الحكم و الحاكم عندما تزعزع بيت الحكم بسبب عدم التخطيط المستقبلي و قصر النظر و الإختيارات غير الحكيمة  للشخوص الإدارية في الحكومات المتتالية.
و هذا هو الدرس الذي تعلمه حكام السعودية بعد سنين من التضامن مع الوهابيين , و لا يخفي علي العاقل أن ما فعله الملك عبدالله ببناء جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية  المختلطة و السماح لها بتدريس نظرية التطور كأحد أساسيات العلوم الطبيعية لهو قرار كبير علي بلد مغلق كالسعودية.  بل و الأدهي من ذلك أن  مجرد نقاش هذا القرار كان نتيجته إقالة شيخ دين هو الشثري و الذي يعتبر الثاني في المركز الديني للمملكه  في أقل من آربعة و عشرون ساعة لمجرد إعطائه رأي أو وصية

و مع أني شخصيا ضد هذا الإسلوب الدكتاتوري في التعامل مع الرأي و الرأي الآخر، ألا أني أري أن الملك عبدالله كان لابد له من إستخدام الحزم لكي يصلح ما أفسد  أسلافه مع الوهابيون. و ها هو  الشيخ أحمد الغامدي يؤيد الإختلاط و لا يعتبره مساسا بالدين الإسلامي. فأين كان هذا الشيخ قبل الآن و لماذا السكوت كل هذه المده؟ و لماذا نطق الآن بالذات؟

http://www.alarabiya.net/articles/2009/12/12/93988.html

و المضحك المبكي أنه يقول ” نصوص الجواز أخفيت بحجة ‘الفتنه’ و الحجاب لآمهات المؤمنين” ٠

الحجاب لأمهات المؤمنين !!٠

كيف هذا يا شيخ و أنت مدير هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في مكة المكرمة و أزلامك باتوا عقودا يظلمون الناس و يجرجرونهم إلي محاكم التفتيش الدينية بسبب الإختلاط و بسبب الحجاب الذي تقر الآن أنه ليس فرض علي غير أمهات المؤمنين ؟ و كم من الأمور الآخري أخفيتموها عن الناس و آظللتم سبيلهم لغرض في بطن يعقوب؟

كذب المتأسلمون و لو صدقوا

و نرجع الآن إلي ما يحصل في الكويت، فنحن للأسف لازلنا نتجرع تبعات حكم الشيخ جابر السلفي التوجه، ففي عهده إزدهر المتأسلمون من جماعة إخوان المسلمين و الوهابيين السلفيين ،  فحكومته أطلقت لهم اليد في التغلغل بكل مرافق الدولة و مصانع تشكيل عقليات الفرد، فإنتفخوا من أموال البترودولار و من لديه المال هو السلطان، و كونوا لهم حكومات داخل الحكومة، و شكلوا عقليات الشعب بالتعليم و الإعلام المؤدلج، و أصبحوا هم اليوم قوي داخل الدولة تنافس حتي الشيوخ مستغليين الديموقراطية بعد أن ضمنوا ولاء الشعب لهم بالتغييب الفكري.  فلا عزاء لكم  يا آل الصباح  إلا أن الدستور يحميكم .
الحاكم اليوم أمام معضلة عويصه ليرجع ولاء الشعب له. و إذا كان السكوت في الماضي من الحكمة في شيء، فسكوت اليوم مدمر. الحاكم عليه أن يضع الخطوط الحمراء طالما الشعب المؤدلج يؤمن أن الولاية و الكلمة الأخيرة للحاكم. فالدستور يؤمن العلاقة بين الشعب و الحاكم و لكن الشريعة هي التي تعطي للحاكم الولاء المطلق، و من هذا المنطلق يستطيع الحاكم إسكات كل الأصوات النشاز و إرجاع الأمور إلي نصابها. فكيف يسمح الحاكم مثلا لمفتو الكويت بإصدار هذه الفتاوي و يضل ساكت؟ هل نفهم من ذلك أن السكوت علامة الرضى؟
http://www.alaan.cc/pagedetails.asp?nid=43670&cid=30

أما آن الأوان لولي الأمر أن ينطق و يضع حدا لهؤلاء؟

ماذا ينتظر؟

عجبي!! ٠

ملحوظه

لقد تم تشغيل الموديريتر لفلترة التعليقات من بعض الفيروسات الإسلامية و التي زادت في الفترة الأخيرة، و لذا ألتمس العذر منكم إذا كان ذلك فيه بعض المضايقة

تحديث

http://www.alraimedia.com/Alrai/Article.aspx?id=177291