قبل سنتين تقريبا و بينما كنت أتمشي في شارع كاسترو التاريخي القديم في مدينه ماونتين فيو في وادي السيليكون، حيث تنتشر المحال التجاريه و القهاوي و المطاعم المتعدده، بين الصيني و الياباني و الهندي و التاي و العربي و الإيراني و الإسباني و المكسيكي و حتي المغولي، بالإظافه إلي المكتبات و المحال الخاصه باليوجا و النيو أيج، سواء ببيع منتجاتها أو بتقديم دورات التوعيه فيها، لفت نظري إعلان كبير علي واجهه أحدا المحلات كتب عليه دايانتكس
Dianetics
و أخذني حب الإستطلاع و الفضول إلي داخل المحل للإستفسار. المحل لم يبدو كبيرا بالمقارنه مع غيره من المحال المجاوره، و لم يكن بالمحل إلا إمرآه وراء الكاونتر، و بعض الكاونترات التي صفت عليها كتب و دي في دي و بعض البوسترات. و ما أن رأتني المرأه أدخل المحل إلا و توسع شدقيها عن إبتسامه و كأنها لم تصدق أن هنالك من يدخل هذا المحل بمحض إرادته. و عندما ذكرت لها أني مجرد فضوليه أريد أن أعرف ما هو بضاعتها حتي أخرجت ورقه و قامت بسؤالي أسئله شخصيه عامه من الإسم و رقم التلفون و البريد الإلكتروني و غيره من الأسئله. و من ثم إتصلت بالتلفون في أحد الموظفين و الذي ظهر من الباب الجانبي و رحب بي أيما ترحاب و عرض علي بعمل لفه بالمحل للتعريف علي البضاعه. و ما لفت نظري هو توحيد الزي الأسود (بدل) بالنسبه للموظفين و شده إحترامهم و كذلك شبابهم و جمالهم الشكلي. و قام الشاب بأخذي إلي كل بوستر لشرح ديانه الساينتولوجي. و قبل هذه اللحظه لم أكن أعرف ما هو السيانتولوجي و لا علاقه الديانتكس و الذي يعني بالصحه العقليه بالسينتولوجي. المهم أخذني الشاب الحليوه من بوستر لأخر و طال الحديث لمده ساعه تقريبا و هو يحاول أن يفهمني و أنا أناقشه في كل جزء و بالتفصيل الممل حتي غلب حماره. فعرض علي مشاهده فيلم لمده نصف ساعه و لم أمانع كوني لم أكن منشغله وقتها بأي ظرف. و هنا أدخلني من أحد الأبواب إلي صاله كبيره كانت مهيئه لعمل المحاظرات من البروجكترات و غيرها، فإستغربت من كون المحل لا يوحي بأنه بهذا الحجم من الخارج. ثم دخلنا من باب آخر إلي ممر طويل تناثرت به مكاتب الموظفين بين اليمين و اليسار و الموظفين يعملون كخليه من النحل، كلهم بنفس البدله (الكشخه) و شباب مبتسم مرحب جميل الصوره. و في آخر المحل أدخلني إلي قاعه سينما صغيره المساحه نسبه إلي قاعات السينما النموذجيه و لكنها لم تكن صغيره المساحه، أي تكفي لعشرين شخص علي أقل تقدير. فأشغل الشاب الحليوه أبو عيون فتانه الفيلم و تركني لأشاهده لوحدي
الفلم كان عن تاريخ الساينتولوجي و تقديم مؤسسه
L. Ron Hubbard
و كيفيه توصله إلي علم الحقيقه حسب نظرته. و بعد إنتهاء العرض زادت تساؤلاتي و وهقت الشاب الحليوه معاي بها. فعرض علي عمل إختبار لمعرفه حالتي النفسيه و بالتالي شرح ما يمكنه الساينتولوجي أن يقدمه لي. و عندما أحظر الجهاز عرفت أنه جهاز كشف الكذب و الذي كان يستخدم في الماضي في المحاكم و توقف بعد ذلك لعدم دقته. و عندما واجهته و رفضت عمل الإختبار سألني ما تعلمت من الفيلم و من الجوله. فكنت صريحه معه و أخبرته أن ما يقوم بتقديمه لا يخرج عن كونه ديانه جديده قديمه، خلط فيها تعاليم الكنيسه بالتعاليم و الحكم الشرقيه، و أدخل فيها علم السيكولوجي بصوره إبتزازيه. و لا يمت للعلم بشيء و شكرته علي مجهوده متأهبه للخروج. و هنا قام الشاب بإهدائي كتابين و دي في دي، و عرض علي حظور محاظره بالليل مع العشاء المجاني الهائل علي هذه الأشياء
المهم لم أذهب للعشاء و كان هذا هو آول و آخر مره أدخل فيها المحل. و لكني لاحظت في المرات القادمه إنتشار الموظفين أمام المحل لإستجلاب الزبائن و إهدائهم الهدايه التذكاريه من أقلام و النوتات و غيرها. فمن يقوم بالصرف الهائل علي هذه الأشياء
و لكن قصتي مع الساينتولوجي للأسف لم تنتهي هنا. فمن بعد هذه الزياره أصبحت الإيميلات و البريد العادي تهل علي مثل المطر. و تبدأ ب
Dear Scientologist
هذا عدا عن دعوات العشاء المجانيه و دعوات الرحلات الترفيهيه و التي تكلف الشيء الفلاني، من بحريه علي يخوت إلي سفرات لدول شرقيه. و غير ذلك من التليفونات الشخصيه، كل مره من موظف مختلف. و مع أني نبهتهم أكثر من مره أن زيارتي لا تعني أني إعتنقت ديانتهم و التي لم يستطيعوا هم حتي إقناعي بكونها ديانه أصلا، و عليه لا يحق لهم بتكنيتي بالساينتولوجست، و لكن عمك أصمخ
و في أحد المرات كان الإتصال من فتاة حبوبه إسمها ليلي و سأختصر المكالمه هنا فقط لأبين ضحاله الفكر الساينتولوجي :
ليلي: مساء الخير، ممكن أتحدث مع السيده آيا
آيا: تفضلي، آيا معك
ليلي: أهلا و سهلا سيده آيا، لقد بعثت لك بالبريد الدي في دي الجديد لهابرد، فهل وصلك؟
آيا: نعم وصلني و رميته بالريسايكل، فلقد كنت ذكرت في الماضي للموظف الذي إتصل بي و قال أنه سيرسله، بألا يفعل ذلك فأنا لا أحب التواصل بالبريد العادي لأني من أشد المراعين بحفظ الطاقه و لا أحب التبذير و مع ذلك بعثه و لم يتوقف البريد الورقي.
ليلي: آه أنا آسفه عزيزتي، معك حق. و لكن هل معني ذلك أنك لا تمانعين بالبريد الإليكتروني؟
أيا: ليس لدي مشكله مع البريد الإليكتروني، و لكن رجاء لا تكنوني بالساينتولوجست، فأنا لست عضوه في تشكيلكم، و كل ما في الأمر أنني زرت محلكم مره يتيمه بغرض حب الإستطلاع فقط لا غير.
ليلي: آسفه عزيزتي علي فضولي، و لكن أحب أن أعرف رأيك في الساينتولوجي، إذا لم يكن لديك مانع.
آيا: بالنسبه لي الساينتولوجي بعد قراءه الكتابين و الدي في دي و الجوله في المحل لا يخرج من كونه قص و لزق للديانه المسيحيه مع إدخال بعض الحكم الشرقيه القديمه و الكثير من السيكولوجي و الذي إستخدم بطريقه مبتذله ليعطي هذا “الكالت” قيمه معنويه، و لا شيء آخر.
ليلي: و لكن أليست كل الديانات هكذا
آيا: نعم، بصوره أو أخري هي هكذا، و لذا فلا نحتاج إلي دين جديد ليكمل علي ما هو موجود، فما الفائده إذا؟
ليلي: بصراحه كلامك سليم، فأنا سويسريه الأصل، إنتقلت إلي الولايات المتحده قبل ثلاثه سنوات تقريبا بعد إعتناقي الساينتولوجي لأكون قريبه من المؤسسين. و ما جذبني إليه هو الخدمه العامه التي يقدمها للمجتمع.
آيا: و هل الخدمه العامه لا تكون إلا بإعتناق دين معين، أو الإعتقاد بوجود كائن خيالي من خلاله نعمل؟
ليلي: بالطبع لا، و لكن الساينتولوجي يوفر المجتمع المصغر و البيئه و التدريب اللازم لهذا العمل من خلاله.
آيا: يمكن عمل هذا من خلال جمعيات النفع العام. و لا تنسي أن أوباما كانت هذه بداياته و لم يتقيد بأي جماعه دينيه. فهذا الشيء متوفر و بصوره جميله في المجتمع الأمريكي، فحتي الجيران بينهم تعاون خدمي
“Community services”
و يعتمد علي رغبه الشخص في الإنخراط فيهاو ليس لها دخل في الديانات.
ليلي: لم أفكر بذلك من قبل، و لكن كلامك سليم. و بصراحه جعلتيني أعيد النظر في الكثير من القرارات التي إتخذتها في الماضي و أثرت فضولي، فهل يحق لي أن أسألك إذا كنت تدينين بدين معين؟
آيا: لا، أنا لا أعتقد بالأديان بصوره عامه. فالأديان بها الجيد و بها القبيح، و إذا كان الأمر متروك لي شخصيا بالإختيار بين الجيد و بين القبيح من خلال الدين، أي أن المسأله عقليه بالدرجه الأولي، فلماذا الإنتساب لأي ديانه بالأساس مادام الإختيار عقلي بحت؟
ليلي: صحيح، و لكن ماذا عن الروحانيات، ألا تعتقدين أن الدين يوفر ذلك؟
آيا: لنعرف أولا معني الروحانيات. فالروحانيات بالنسبه للديانه البوذيه و التي تمثل فيها العمود الفقري هي الوصول إلي حاله من الرضاء النفسي. و تكون معضمها متعلقه بالخيال. فمن يصل إلي هذه الدرجات يشعر بأن بإستطاعته أن يمشي علي الماء. فهل هذا الشعور حقيقي؟ بالطبع لا. فبالنهايه الروحانيه حاله سيكولوجيه تعطينا القوه لمجابهه أعباء الحياه. و لكنها تضل خياليه و خاصه بالشخص نفسه.
ليلي: لم أفهم ماذا تقصدين! هل معني ذلك أن الشخص غير محتاج لهذه الروحانيات في حياته؟
آيا: بالطبع لا. بل تعريفي كان أساسا لوضع النقاط علي الحروف. فالمتدين عندما يدخل مكان مقدس مثل المسجد أو الكنيسه هو مهيأ فكريا لهذه الروحانيات فيشعر براحه نفسيه. ومن يقوم بتدريبات الراجا يوجا أيضا يصل لهذه الراحه النفسيه. و لكن الأهم بالنسبه لي و الشيء الذي لا يضاهيه للوصول لهذه الحاله هو إنجاز العمل و إتمامه و إتقانه بصوره مرضيه. فكم من مره كان بيدك مشروع ما تعبت عليه و سهرت الليالي و بعد ذلك رأيتي إنتاجك و حلمك يتحقق؟ و ماذا كان شعورك وقتها؟ فعندما سألوا بيل غيت ما هو شعورك عندما حصلت علي أول مليون دولار، أجابهم” بل السؤال يكون ماذا هو شعوري عندما صنعت أول مليون، فهو شعور لا أستطيع أن أوصفه”.
ليلي: آه …ذكرتني بهوايه الرسم، فكل لوحه رسمتها و أتممتها برضي نفسي بالفعل أحسست كمن يمشي علي الماء
آيا: هذا بالضبط ما كنت أقصده
ليلي: للأسف نسيت عن هذه الهوايه بإنشغالي في حياتي، وأعتقد أني سأرجع لها عن قريب
آيا:ه
Good for you
و لا نعلم، قد يكون بين أيدينا مواهب مطموره، و السبيل الوحيد لإكتشافها و تنميتها هي بالممارسه
ليلي: بصراحه لا أعلم ماذا آقول، فلم يصادفي قط مناقشه من ليس لهم دين يوجههم في الحياة. و كنت أعتقد أن الدنيا لا يمكن أن تكون سهله بدونه. سؤال أخير إذا لم يكن هنالك إحراج؛ ماذا بعد الموت؟ كيف سيكون مصيرنا؟ و ما معني الحياه إذا لم يكن لعمل الخير لآخره مرضيه؟
آيا: لا أحد يستطيع الجواب علي هذا السؤال، فلم يذهب أحدنا إلي الحياه الأخري و رجع كي ينبئنا. و لكني أعتقد أن الإنسان عندما يموت ينتهي دوره. فكل شيء في الحياه له دوره، يبدأ بالولاده و ينتهي بالموت. و السؤال هو ماذا عملنا في هذه الحياه و كيف ممكن أن نجعل الأرض أكثر ترحيبا و أفضل لمن يلينا من الأجيال؟ ما هي إنجازاتنا؟ فهذا بذاته يعطي معني للحياه. فكما أنك وجدت السعاده في الخدمه الجماعيه، فهنالك من يذهب إلي مواقع الحروب و قد يضحي بحياه الرفاهيه ليسهم في التخفيف عن مآسي البشر و هذا من شأنه أن يعطي معني لحياته دون الدخول في سبب وجودنا علي الأرض.
ليلي: بصراحه… لقد أقنعتني بوجهه نظرك، و أعتقد أني سأضل أفكر بالموضوع لفتره فلقد أشغلتي لي فكري في الكثير من الأمور، و كم يسعدني أن أكون صديقه لك، فهل تمانعين ذلك؟
آيا: يسعدني أن نكون أصدقاء يا ليلي، و لكن بشرط ألا تحديثيني عن الساينتولوجي بعد الآن.
ليلي (مقهقهه): لا أعتقد أني سأكون عضوه بعد اليوم، ما رأيك بفنجان قهوه في الويك إند.
آيا: و هو كذلك و العزومه علي
أنا و ليلي الأن أصدقاء و هي تركت الساينتولوجي و رجعت إلي بلدها و لازالت المراسلات بيننا. و لكن مع كل ذلك لم تتوقف الرسائل البريديه و الدعوات و الرسائل الإليكترونيه التي تكنيني بالساينتولوجست، و المكالمات الهاتفيه و التي أصبحت أنهيها بتسكير الخط حالما أعرف أن المتصل من قبل المركز
Recent Comments