كتاب “التصميم العظيم” ؛ مراجعة و ترجمة مختصرة (٥)٠
13 Dec 2010 34 Comments
in athiesm, Book Review, Education, Religion, Science, skepticism
كتاب “التصميم العظيم” ؛ مراجعة و ترجمة مختصرة (٤)٠
04 Dec 2010 17 Comments
in athiesm, Book Review, Contemplation, Education, Science, skepticism
الفصل الثالث: ما هو الواقع؟
أو بمعنى آخر ، إذا كانت أدمغتنا هي التي تعكس صور عن الواقع، و كل منا له وسيلته الخاصة الشخصية لعمل صورة في الدماغ لهذا الواقع، فهل ما تراه أنت هو نفس ما أراه أنا؟ و إذا إتفقنا أن لنا نظرة عامة لهذا الواقع نستطيع من خلالها أن نتفاهم و نصف ما نرى بصورة جماعية، فكيف لنا أن نعرف أن ما نراه هو صورة حقيقية ، غير مشوشة عن واقعنا؟
فكثيرا ما نصادف من يقول لنا أن عقولنا البشرية محدودة في قدراتها، و مهما رأينا و قدرنا بحواسنا أنه الواقع المنعكس من خلال هذه الأجهزة الحسية ، فإننا لن نعرف ما هو الواقع الفعلي. و على هذا المنوال فأين هو الواقع الفعلي و كيف يكون وصفه؟
هذه الأسئلة كانت و لازالت أسئلة فلسفية أشبعوها الفلاسفة تحليلا و تمحيصا و تشخيصا و تقديرا ، أتى على ذكرها المؤلف ، بإعتقادي الشخصي، لكي يتفادى الكثير من تلك المسائل الشائكة التي من الممكن أن تثار عندما يتعمق بدوره في شرح النظرية الكلية – هذا إذا كان لهذه النظرية وجود. ليس هذا و حسب بل أيضا ليبين لنا أنه بإستخدم إسلوب “الحتمية المعتمدة علي النموذج ” ، و الذي يقوم بشرحه بإسهاب في هذا الفصل ، تمكن المؤلف من تخطي هذه المسائل الفلسفية مؤكدا أنه في جميع الأحوال و مهما يكن الواقع المادي في الطبيعة ، ف “الواقع ” بالنسبة لنا هو ما نقدره نحن و نتفق عليه بصورة عامة و بشروط نتفق عليها سلفا. و عليه فهو يبدأ هذا الفصل بالتطرق إلي وجهة نظر الفلاسفة “الواقعيين ” ، أو بالأحرى الذين يناقشون بعدم وجود واقع فعلي ، ليبين كيف أن الواقع هو مسألة نسبية ، فيقوم بإعطاء مثال عن سمكة ذهبية في إناء كروي في ركن من الغرفة. فنظرة هذه السمكة إلي الكون من حولها لا تشبه نظرتنا مع أنها أيضا تخضع لقوانين معينة . و إذا كان بوسع هذ السمكة أن تضع قوانينها فهذه القوانين بالتأكيد لن تكون كقوانيننا حتى لو كانت مشابهه لها، أو “ستكون أكثر تعقيدا من القوانين في مجالنا {بسبب وجود الحاجز المائي و الزجاج المقعر}” ، مؤكدا في الوقت ذاته أن التعقيد هنا أمر نسبي، فكما يقول المؤلف أن ” البساطه هي مسألة ذوق”. و لذا ” فإذا قامت السمكة الذهبية بصياغة قوانينها، فإنه وجب علينا الإعتراف بأن لها نظرة حقيقية للواقع {حسب رؤيتها هي}”. و وجود السمكة في عالم آخر – مائي في محيط كروي- ليس فقط هو السبب الوحيد لرؤيتها العالم من حولها بصورة مختلفة، فهناك الكثير من الأمثلة من الواقع المعاش الفعلي لشخصين بنفس المحيط ممن لهما صورتين مختلفتين لنفس الواقع ، و هنا يعطي المؤلف مثال لأشهرها في التاريخ على الإطلاق، و كان ذلك في سنة ١٥٠م مع نظرة بطليموس (٨٥-١٦٥م) للكون٠
Ptolemy
فبطليموس قام بشرح حركة الأجسام السماوية في الكون و قام بنشرها في نظرية جمعها في ثلاثة عشر كتابا إشتهر بالإسم العربي الماجسطي {بسبب إهتمام العرب به و إحياؤه إبان الدولة العباسية\الأموية في الأندلس}٠
Almagest
بدأ بطليموس كتابه ” بتفسير أسباب إعتقاده بأن الأرض كروية الشكل، و أنها ثابتة {لا تتحرك} و مستقرة في مركز العالم”، حيث بدا سكون الأرض أمرا طبيعيا للشخص الواقف علي سطحها ما لم يحدث زلازل يحركها و بالتالي يشعر هو بها، كما ذكر المؤلف، و أضاف أنه ” على الرغم من وجود نموذج أرستارخوس الهيليوسنترك {أي القائلة بأن الشمس هي مركز نظامنا الشمسي في ذاك الوقت} ألا أن الإعتقادات التي صاغها بطليموس ضلت هي السائدة في محيط المثقفين الإغريق على الأقل منذ زمن أرسطو ” و التي كانت أغلبها تصر “بأن الأرض يجب أن تكون هي مركز الكون” و بناء على هذه الإفتراضية الأولية رسم بطليموس “نموذجا يجعل فيه الأرض ثابته في الوسط و جميع الكواكب و الشمس تتحرك حولها في دوائر و مدارات معقدة التركيب ، تحتوي على دوائر أخرى أصغر تسمي إيبيسايكل
Epicycles
و كأنها عجلات على عجلات، حتى يستطيع أن يفسر و يتنبأ بالأوضاع المستقبلية كما يشهدها في الواقع للحركة الكونية. و هذا النموذج بدا منطقي لدرجة أنه ” تم تبني نموذج أرسطو و بطليموس من قبل الكنيسة الكاثوليكية {و كذلك المسلمون بعد ذلك حيث أدخلوه} كتعاليم و علوم أساسية {يتم العمل بها و تدريسها للناشئة} لمدة أربعة عشر قرنا. و لم يظهر نموذج بديل إلا في سنة ١٥٤٣ من قبل كوبرنيكاس في كتابه “ثورة الكرات السماوية”٠
De revolutionibus orbium coelestium (On the Revolutions of the Celestial Spheres)
و الذي لم يتم نشره إلا في العام الذي توفى فيه مع أنه قام بكتابته عدة عقود سابقة ” كما جئنا على ذكر ذلك سابقا. فكابيرنيكاس، مثله مثل أريستاخوس الذي أتى قبله بسبعة عشر قرنا، فسر العالم من خلال نموذج وضع فيه الشمس في حالة ثبات، و الكواكب ، بما فيها الأرض، هي التي تدور حول الشمس٠ في مدارات مختلفة، و لكن ” لم يقبل بهذا النموذج في حينه لأن مضمونه يخالف ما جاء بالإنجيل، و الذي تم تفسير محتواه إعتمادا علي النموذح القديم {البطليموسي} و الذي يقول أن الأرض هي المركز و كل شيء آخر يدور حوله {تماما كما يفعل مفسروا الإعجاز القرآني اليوم في مسألة الإنفجار العظيم و غيرها من المسائل العلمية}. هذا مع العلم أن الإنجيل لم يقل ذلك أبدا بهذا الوضوح {و بهذه الدقة} . و لكن {هذا الخلط حصل لأنه } في الواقع عندما تم كتابة الإنجيل كان الناس يعتقدون أن الأرض مسطحة. و لذا أصبح نموذج كوبرنيكاس سببا لمناقشات حادة بعد ذلك كانت ذروتها محاكمة جاليليو الشهيرة. فالكنيسة ما كانت لتسمح أبدا بأن يعتقد كائن من كان ” بإحتمال رأي بعد أن تم نقضة { أو تفسيره بصورة مغايرة } من قبل الإنجيل {أو بالأصح من قبل مفسريه} “٠
و لنرجع الآن إلى المثال السابق، حيث يتساءل المؤلف ” أيهما أصح؛ نموذج بطليموس أم نموذج كابرنيكاس؟” و يجادل بأن مع أنه “أصبح من المعتاد أن يقول الناس أن كابرنيكاس أثبت خطأ بطليموس، فهذه الجملة تفقد المصداقية {لأن ذلك يعتمد على الإفتراض الأصلي ، أو النظرة المغايرة الأساسية ، فيما إذا كانت الشمس أم الأرض في المركز، بالضبط مثل نظرة السمكة الذهبية}، فنظام كوبرنيكاس ، هو ببساطة معادلات للحركة في مجال القاعدة التي تفترض أن الشمس هي الثابتة {و العكس صحيح لنظام بطليموس} .” و لكن إذا كانت المسألة تعتمد فقط علي الفرضية الأولية ” فكيف لنا أن نعلم {مثلا } أننا لسنا إلا شخصيات بتمثيليات قام كمبيوتر {ما } بخلقها؟” كما يتساءل المؤلف ، أو كما يزعم البعض بأننا لسنا إلا آلات و دمى مسيرة من قبل قوى خارقة خارجة عن نطاق إستيعابنا و عقولنا المحدودة، و أن ما نراه هو غير ما يراه محرك هذه القوى؟٠
الفرضية السابقة مردود عليها بالطبع كما يؤكد المؤلف ، لأننا بكل الأحوال “إذا كنا نعيش في عالم خيالي إصطناعي، فالحوادث لن يكون لها بالضرورة أي منطق أو ثبات أو تقييد بقوانين ” ، و في جميع الأحوال فإننا سنسعى لوضع قوانين كي نفهم من خلالها واقعنا لأن كل ما نراه و نحس به هو المهم بالنسبة لنا و هو واقعنا حتى لو تغيرت الصورة و تغير الإفتراض الأولي، فهو سيضل بالنسبة لنا واقع لأنه ” لا توجد أية صورة- أو نظرية- مستقلة {كليا} عن فكرة الواقع{المادي}” كما أكد المؤلف . و لذا فهو قام بتبني النظرة أو الإسلوب الذي سماه “الحتميةالمعتمدة على النموذج”٠
Model-Dependent Realism
و هي فكرة يطرحها المؤلف بمضمون “أن النظرية الفيزيائية أو الصورة عن العالم هو بالواقع نموذج ( في الغالب ذات طبيعة رياضية) و مجموعة قوانين تربط عناصر هذا النموذج بالمشاهدة” و ذلك لكي ” يعطينا الإيطار الذي يمكننا من خلاله تفسير الفيزياء الحديثة” و يشرح ذلك بإعطاء مثال سوريالي بأنه” إذا شاهدت قطيع من الحمار الوحشي يتعاركون لأخذ مكان في موقف السيارات، هذا لأن هذا هو الواقع. و كل المشاهدين الآخرين سيقرون بنفس المشاهدة، و سيملك هذا القطيع هذه الخاصية سواء شاهدناهم أم لم نشاهدهم. و في علم الفلسفة تسمي تلك الخاصية “الحتمية””. و هذه الطريقة في رؤية الأمور ضرورية لأن “ما نعرفه عن الفيزياء الحديثة يجعل الدفاع عن “واقعيته” مسألة صعبة. فعلى سبيل المثال حسب مباديء الفيزياء الكمية، و التي هي التفسير الواقعي للطبيعة بأدق تفاصيلها، فالجزيء ليس له مكان معين {في واقعنا} و لا سرعة معينة إلا إذا تم قياس كمياته من قبل المشاهد. و على هذا فمن غير الصحيح أن نقول أن القياس يعطي نتائج معينة لأنه الكمية المقاسة كان لها تلك القيمة في وقت عمل القياس” و كذلك “في بعض الحالات الأشياء الفردية حتي لا يوجد لها وجود مستقل، بل تتواجد فقط كجزء من مجموعة أكبر ” . فإذا مثلا ” أثبتت النظرية التي تسمي بالمباديء الهولوغرافية صحتها
Holographic Principle
فنحن و عالمنا الرباعي الأبعاد نكون ظلال في أطراف عالم أكبر ذو أبعاد خماسية {تقول النظرية أن عالمنا {المكاني} ممكن أن يكون ثنائي الأبعاد و ما نراه من البعد الثالث- ما هو إلا تفسير ماكروسكوبي لهذا الواقع}” ، كما يشرح المؤلف، و يزيد بأن ” الكثير من النظريات العلمية و التي أثبتت صحتها {في السابق} تم إستبدالها بأخري، مماثلة لها بصحة الإثبات مع إعتمادها علي مباديء جديدة عن الواقع، {مثل المثال السابق عن بطليموس، فلا نملك إلا أن نقر بأن جميعها صحيحة طالما هي في الإيطار النموذجي الذي قمنا بالأساس إفتراضه} .” و بهذا يرد المؤلف علي المناهضين لفلسفة الواقعية ، و الذين يريدون فصل واضح بين المعرفة المثبتة و المعرفة النظرية . و الذين ” هم في العادة يجادلون أنه مع أن التجربة و البرهان و المشاهدة لها وزنها المعرفي، و لكن النظريات {الفيزيائية} ليست أكثر من وسائل مفيدة لا تتضمن أية حقائق عميقة لما تحتويه الظاهرة المرئية” كما وصفهم المؤلف. و لم يكتفي هؤلاء بدحض الواقع أو بالتقليل من قدرات الدماغ لفهم العالم الواقعي، فلقد وصل هذا التمادي في رفض الواقع لحقائق إلى حد أن جورج بيركلي (١٦٨٥-١٧٥٣م)٠
George Berkeley
ذهب إلى القول بأنه ليس لأي شيء وجود ما عدا الدماغ و ما يحويه من أفكار {أي أنك عندما تدخل في غرفة الطعام و تشاهد الطاولة، فهذه الطاولة غير موجودة إلا في دماغك، و من شاهد فيلم “السر” يعرف ما أقصد}” ٠
أما الفيلسوف ديفيد هيوم (١٧١١-١٧٧٦م)٠
David Hume
فإنه كان الأكثر “عقلانية” عندما كتب أنه “مع أننا ليس لدينا أساس منطقي للإعتقاد بالواقع المادي المحسوس، فنحن لانملك إلا أن نصدق أنه واقع”٠
و حسب إيطار الحتمية المعتمدة علي النموذج، فيقول المؤلف بأنه “ليس هنالك جدوى من السؤال فيما إذا كان هذا النموذج حقيقي أو واقعي، و لكن المهم إذا كان هذا النموذج يتفق مع المشاهدة {الجماعية، و التنبؤات المستقبلية }. فإذا كان هنالك نموذجين يتفقان مع المشاهدة، كما هو الحال مع نظرة السمكة الذهبية و نظرتنا للعالم من حولنا، فلا يمكن القول أن أحدها أكثر واقعية من الأخرى. بل يستطيع الشخص أن يستخدم ما هو أكثر ملائمة له في الحالات التي بين يديه” أي “لا توجد طريقة لفصلنا كمشاهدين عن ما نشاهد {من الماديات} في الكون حولنا و الذي هو مخلوق {كما تصوره لنا أعضاؤنا} الحسية ، و كما هي الطريقة التي نفكر بها و نمنطق الأمور من حولنا، و بالتالي فالمشاهدات التي نبني عليها نظرياتنا – ليست مباشرة، و لكنها بالنهاية تكون معيرة حسب عدسة معينة في البنية التفسيرية في أدمغتنا البشرية {و هذا هو المهم بالنسبة لنا}. و عليه فالحتمية المعتمدة علي النموذج تمثل الطريقة الأمثل ، التي نفهم من خلالها الأشياء حسب ما يصل إلي الدماغ من خلال مجموعة من الإشارات الحسية عن طريق العين ” ٠
و ليست هذه المعضلة هي الوحيدة التي حلتها إستخدام هذا الإسلوب ، كما يؤكد المؤلف ، بل هنالك مشكلة أخرى ” حلتها الحتمية المعتمدة علي النموذج، أو علي الأقل حاولت تجنبها، و هي معنى الوجود. أي ماذا يعني أن نقول أن الأشياء التي لا نستطيع أن نراها، كالإليكترونات و الكواركس – و هي الجزيئات التي تدخل في تركيبة البروتون و النيوترون في الذره- موجودة؟” ٠
في حالة الجزيئات التحت الذرية و التي لا يمكننا أن نراها، “تكون الإليكترونات نماذج مفيدة في شرح مشاهدات { في الطبيعة}، مثال {على ذلك} تلك النقط الضوئية التي تظهر على شاشة التلفزيون (عندما نعير الموجة علي قناة غير مستخدمة). و كذلك لشرح الكثير من الظواهر الأخرى حتى لو لم تكن مرئية. فثومسون
J. J. Thomson
مثلا، و الذي يرجع له الفضل في إكتشاف الإليكترون ، لم يرى الإليكترون في أرض الواقع أبدا . و حتي تخميناته بوجوده لم يتم بعرضه بطريقة مباشرة و لا حتي عن طريق تجاربه. و لكنه تبين {بعد ذلك} أن النموذج {الذي قام بإفتراضه للإليكترون} كان حاسما {و مهما} في الكثير من الأمور العلمية إبتداءا من التطبيقات الخاصة بالعلوم الأساسية {لفهم الظواهر الطبيعية} و إنتهاءا إلى {التطبيقات} الهندسية في التكنولوجيا {و التي صارت من مستلزمات حياتنا اليومية}. و اليوم يعتقد جميع العلماء {بلا منازع} بوجود الإليكترون، حتي مع عدم قدرتنا رؤيته. و الكواركس الذي لا نستطيع أن نراه أيضا هو نموذج لتفسير خواص البروتون و النيوترون داخل نواة الذره. فمع أن البروتونات و النيوترونات نقول عنهما أنهما مصنوعتان بتركيبة من الكواركس، فنحن لم نرى الكواركس أبدا لأن القوة الرابطة بين الكواركس تزداد مع إنفصال هذه الجزيئات، و عليه فلا يمكن أن تتواجد الكواركس بصورة منفردة في الطبيعة {تمكننا من مشاهدتها بهذه الصورة}، و عليه فهي دائما ما تتواجد في مجموعات ثلاثة (بروتونات و نيوترونات)، أو بالتزاوج بين الكواركس و قرينتها الأنتي-كواركس و تتصرف و كأنها مربوطة برباط مطاطي”٠
هذا و يؤكد المؤلف بأن فكرة إفتراض قوة ما و تسميتها بدون المشاهدة كانت صعبة علي العلماء و لمدة طويلة {و الكثير من المسلمين ، المؤمنين بوجود الله قارن وجود الإليكترون بوجود الله من حيث عدم إستطاعة رؤيته مع أن المقارنة هنا غير منطقية }، أو كما ذكر بإسلوبة أن ” فكرة تخصيص الواقعية إلى جزيء غير مرئي كان ، كمبدأ ، صعبا على الكثير من الفيزيائيين ، و لكن على مر السنوات، و بعد أن قاد الكواركس لتنبؤات صحيحة أكثر فأكثر، إختفى بالتدريج هذا الإعتراض من قبلهم” ٠
و على كل ما فات، فالحتمية المعتمدة على النموذج بإمكانها أيضا أن تعطينا إيطار لمناقشة أسئلة عديدة منها على سبيل المثال” إذا كان العالم مخلوق بزمن معين في الماضي، فماذا حصل قبل هذا الزمن؟” حيث أجاب الفيلسوف المسيحي القديس أوغسطين (٣٥٤-٤٣٠م)٠
St.Augustine
عليه بأن الزمن” هو خاصية من خصائص عالمنا الذي خلقه الله و عليه فالوقت لم يكن له وجود قبل الخلق” . و هذا القول ، بغض النظر عن كونه صحيحا أم لا فهو شرعي حتى مع كون أوغسطين يعتقد أن بداية الكون لم يكن منذ زمن بعيد ، كما جاء على لسان المؤلف و الذي يقول أن ” هذا أحد النماذج المحتملة، و التي يفضلها أولائك الذين يؤمنون بصدق الإنجيل حرفيا حتى مع وجود حفريات و أدلة أخرى تجعلها {أي الأرض} تبدو أكثر عمرا بكثير” . و يستطرد بأن ” ممكن لنا أيضا أن نعتقد بنموذج مغاير بقول أن عمر الأرض ١٣،٧ بليون سنة رجوعا إلى الإنفجار الكبير. و هذا النموذج هو الذي يفسر مشاهداتنا الحالية، بما في ذلك الأدلة التاريخية و الجيولوجية، و هو أفضل عرض نملكه عن الماضي لأنه يفسر وجود الحفريات و يفسر سجل النشاط الإشعاعي {في الصخور} و يفسر حقيقة كوننا نستقبل أضواء من مجرات تبعد ملايين من السنوات الضوئية عنا، و لذا فهذا النموذج – نظرية الإنفجار الكبير- هو الأكثر إفادة لنا من ما قبله ” . و لكننا مع ذلك ” لا نستطيع أن نقول أن أحد هذه النماذج أكثر واقعية من الأخرى” . أما عن مسألة الواقع فيما قبل الإنفجار العظيم فيقول المؤلف بأنه إستنادا علي ما مضى فإنه ” يبدو لنا بأن قوانين تطور الكون ممكن أن تتحطم مع نظرية الإنفجار الكبير. و إذا كان ذلك صحيحا، فليس هنالك حاجة ، منطقيا، لخلق نموذج يحتوي على زمن ما قبل الإنفجار الكبير، لأن ما حدث في ذاك الوقت ، ليس له عواقب محسوسة في الوقت الحالي، و عليه نستطيع أن نقول أن الإنفجار الكبير هو في الواقع بداية خلق العالم {جوازا}٠” و هنا تتفق نظرة القديس أوغسطين مع المؤلف٠
و الآن و بعد أن بين لنا المؤلف بأن الواقع يعتمد على فرضيتنا الأولية، و النموذج اللاحق على أساس هذه الفرضية و كيف أنه في حال وجود أكثر من نظرية فذلك لا يعني أن أحدها صحيح و الآخر خطأ، يشرح و بالتفصيل عوامل التفاضل بين هذه النماذج. أي يبين ما هو الشيء الذي يجعل من نموذج ما أكثر قبولا بين الأوساط العلمية من النموذج الآخر. أو ما هو النموذج الجيد ، فيقول أن هنالك عدة عوامل للتفاضل بين النماذج . فالنموذج “هو جيد {مثلا } إذا كان : أنيق. و يحتوي على أقل ما يمكن من العناصر العشوائية أو {بالأحرى} لا يحتوي على الكثير من العناصر القابلة { أو التي تنتظر التعديل أو } التكيف ، و هو النموذج الذي يتفق مع ،أو يفسر، كل المشاهدات الموجودة، و يعمل تنبوءات تفصيلية عن مشاهدات مستقبلية، يمكن على أساسها قياس مدى صحته أو حتى خطئه”٠
فعلى سبيل المثال”نظرية أرسطو بأن العالم مصنوع من أربعة عناصر هي التراب و الهواء و النار و الماء، حيث يفترض أن هذه الأشياء {جميعها} مخلوقة لإستيفاء غرض معين لكل منها. هذه النظرية كانت أنيقة و لم تحتوي على الكثير من العناصر القابلة للتكيف و التعديل. و لكن في أحوال كثيرة لم تقم النظرية بعمل التنبؤات المؤكدة، و عندما فعلت ذلك، لم تتفق هذه التنبؤات مع المشاهدات الواقعية. و أحد هذه المشاهدات التي لم تتفق مع النظرية كان بسقوط الأجسام، حيث تقول النظرية أن الأجسام التي تتصف بالثقل تكون مخلوقة كذلك لأن الغرض منها هو أن تصل أسرع إلي الأرض من الأجسام الأخف عندما ترمي من الأماكن العالية، و السبب هو أن هذه الأجسام غايتها { هو ثقلها و الذي} يكمن بالسقوط (جاليليو أثبت بعد عدة قرون خطأ هذه النظرية، أي أنه أثبت أن جميع الأجسام تصل إلى الأرض بنفس الوقت بغض النظر عن ثقل وزنها)” ٠
فالأناقة، كما يقول المؤلف ” مرغوبه، مع أنها صعبة القياس… هي مرغوبة بين العلماء لأن قوانين الطبيعة من المفروض أن تضع مجموعة من الحالات المعينة بصورة إقتصادية في معادلة سهلة. و لكن الأناقة لا يقصد بها شكل النظرية أو المعادلة و حسب، و إنما أيضا كونها متعلقة بصورة كبيره مع العناصر التي لا تحتوي على الكثير من المواد المضافة للتصحيح، لأن النظرية المليئة بالعوامل الملفقة لا تكون في العادة أنيقة {كمعادلات بطليموس المعقدة مثلا مقارنة بمعادلة أينشتاين }” . و لإعادة صياغة الجملة التي صاغها أينشتاين، يقول المؤلف أن ” النظرية يجب أن تكون من أبسط ما يمكن، و لكن ليس أبسط من ذلك” . بطليموس {على سبيل المثال كان مجبورا على } إضافة الدوائر الصغيرة للمدارات الكبيرة لكي يجعل نموذجه صحيحا في تفسير حركة الكواكب. و كان من الممكن أن يكون النموذج حتى أكثر دقة بإضافة دوائر صغيرة لهذه الدوائر الصغيرة أو حتى دوائر صغيرة أخرى للمدارات {و هكذا}، مع أن هذا من شأنه أن يضيف تعقيدا إلى التعقيد على النموذج حتى لو صحح من مساره {و هنا تصبح المعادلة مشكوك في صحة إفتراضيتها الأولية}. فالعلماء ينظرون إلى النموذج الذي يتم تحويره {أو إعادة تعديلة} كي يطابق مجموعة من المشاهدات بأنه نموذج فاشل، و يمثل كاتالوج من البيانات أكثر من أن يمثل نظرية تحتوي على أي مبدأ مفيد”٠
و هذا ما يجرنا إلى العامل الثاني في التفاضل بين النظريات، ألا و هو أن تكون النظرية ” تحتوي على القليل من العناصر العشوائية أو القابلة للتعديل” لعمل التنبؤات المستقبلية . ففي الفصل الخامس يبين المؤلف كيف أن “هنالك الكثيرون من الذين يرون أن ” النموذج الموحد” {أو النظرية الكلية الموحدة}، و الذي يفسر التداخل بين الجزيئات الإبتدائية في الطبيعة هو نموذج غير أنيق. مع أن هذا النموذج أكثر نجاحا من نموذج بطليموس بمراحل. و السبب أنه يتنبأ بوجود عدة جزيئات جديدة قبل أن يتم مشاهدتها، و يشرح نتائج الكثير من التجارب التي تمت علي مدي عقود كثيرة بصورة جدا دقيقة. و لكنها تحتوي علي دزينات من العوامل القابلة للتصحيح و التي تتطلب قيمها أن تكون ثابتة لتتطابق مع المشاهدات، بدل أن تكون متغيرات في المعادلة نفسها٠ أما العامل الثالث للتناظر فهو كون النظرية ” تتفق و تفسر كل المشاهدات الموجودة ” حسب قياسات الواقع أو المشاهد. و كذلك مؤهل بأن “يعمل تنبؤات تفصيلية عن المشاهدات المستقبلية و التي من شأنها أن تدحض أو تؤكد النموذج”٠
و يبين هنا المؤلف كيف أن “العلماء دائما ما يكونون معجبين عندما يتم إثبات صحة تنبؤات جديدة أو مذهله لنظرياتهم. و في المقابل، عندما يكون النموذج قاصرا تكون ردة الفعل لديهم هو بالقول أن التجربة كانت خاطئة. و حتى إن لم تكن التجربة خاطئة، فهم لا يستغنون عن النموذج {بسهولة} و لكنهم يحاولون إنقاذه من خلال عمل التحديثات عليه و الإضافات له. فالفيزيائيين معروفين بتمسكهم الشديد بمحاولات إنقاذ نظريات يعجبون بها، ألا أن قابليتهم للتحديث تختفي عندما يصل التحديث إلى درجة تصبح فيها التعديلات تبدو إصطناعية أو متعبة {حاول إينشتاين التعديل على نظرياته للوصول إلي النظرية الكلية حتى علي فراش الموت} و عليه تصبح “غير أنيقة” و لا مرغوبة٠
فعلى سبيل المثال ” في العشرينات من القرن الماضي إعتقد أغلب العلماء أن الكون ثابت {الحجم}، و في ١٩٢٩ نشر إدوين هابل مشاهداته ليرينا أن الكون {ليس ثابت الحجم} بل هو يتسع {مع الوقت}… فعند تحليل الضوء القادم من الأجرام البعيدة، إستطاع هابل أن يقيس سرعتها. و كان قد توقع أن يجد الكثير من الأجرام التي تبتعد عنا و مثلها في العدد من التي تقترب منا. و لكنه تفاجأ في كون جميعها تقريبا تبتعد عنا، و كلما كانت هذه الأجرام أبعد كلما زادت سرعتها. و عليه فهابل إستنتج أن الكون في حالة إتساع {و كل الأجسام السماوية فيه تشبه النقط على سطح بالون ينتفخ}. و لكن نظريته هذه لم تلاقي القبول لأنه كان هنالك الآخرون و الذين كانوا متمسكين بالنماذج الأقدم، ممن حاولوا تفسير مشاهداته ضمن السياق الخاص بالكون الثابت… و هكذا إستمر العلماء و لمدة عقود بعد هابل بالتمسك بنظرية جمود أو ثبات الكون {القديمة} . و لكن النموذج الأكثر واقعيا كان هو النموذج الذي قدمه هابل و القائل بالكون المتسع أو المتمدد، و هو النموذج الذي تم الأخذ به حديثا”٠
و كذلك الحال مع نظرية نيوتن المعروفة بالكوربوسكيولار
Corpuscular theory of light
و التي يقول فيها أن الضوء عبارة عن جزيئات مادية ، هذا على الرغم مما شاهده بنفسه من التصرفات الغريبة للضوء – على إفتراض أنها جزيئات مادية- و لم يتمكن نيوتن من تفسير هذه الظاهرة التي عرفت بخواتم نيوتن بعد ذلك، و كما ذكر المؤلف ” فكون الضوء جزيء مادي لا يفسر هذه الخواتم، و لكن من الممكن أن يعتد به في نظرية الموجات { أي ممكن أن نفهم ما يحدث إذا إعتبرنا الضوء موجات، حيث تمثل هذه الدوائر} ظاهرة تسمي تداخل {الموجات}”٠
Interference
فالأمواج الضوئية مثل الأمواج المائية {ممكن تصويرها بما } تحتوي عليه من مجموعات { متكررة} من قمة و حضيض ، تمثل هذه الدوائر{سوداء و بيضاء-ناتج جبري لجمع أكثر من موجة}”. و مع ذلك أخذت نظرية نيوتن كتأكيد على النظرية الجزيئية {أي أن الضوء جزيء} في القرن التاسع عشر. و لكن في بدايات القرن العشرين بين أينشتاين أن التأثير الضوئي\الكهربي
Photoelectric effect
و هو ما يستخدم اليوم في صناعة التلفزيونات و الكامرات الرقمية ممكن أن يفسر تصرف الضوء ، بكونه اجزيء أو ذرات مادية {تقوم بالتصادم فيما بينها } فتضرب الذره جارتها الذره الأخرى لتطرد إليكترون منها {تخرج بهيئة طاقة أو بالأصح فوتون يعمل كعمل الموجات} . و عليه فالضوء يتصرف كجزيء و كموج في ذات الوقت”٠
و ” الحالات الإزدواجية كهذه الحالة -و التي تقوم فيها نظريتين مختلفتين تماما بتفسير نفس الظاهرة- هي موافقة للحتمية المعتمدة على النموذج” كما يؤكد المؤلف” فكل نظرية بإمكانها أن تفسر خواص معينة، و لا يمكننا أن نقول عن أحدها بأنها أفضل أو أكثر واقعية من الأخرى”٠
و هذا أيضا ينطبق علي جميع القوانين التي تتحكم في العالم . و عليه يقول المؤلف بأنه كما حصل مع تصرف الفوتون الضوئي فهو وارد لجميع قوانين الطبيعة و ” ما نستطيع أن نقوله هو أنه يبدو لنا أنه لا يوجد نمودج رياضي واحد أو نظرية معينة بإستطاعتها أن تشرح كل شيء عن الكون . بل، و كما تم الإشارة له في الفصل الإفتتاحي، فإن هنالك مجموعة متداخلة من النظريات التي ممكن الإعتداد بها و هي تلك التي تسمي نظرية-م” و هذا يتفق مع إسلوب الحتمية المعتمدة علي النموذج في كون “كل نظرية من نظريات-م جيدة في شرح ظاهرة {معينة} و في مجال معين . و عندما تتداخل المجالات، فجميع النظريات المعنية تتفق فيما بينها، و لذا يمكن أن نقول عنها أنها جزء من نفس النظرية. و لكن لا توجد نظرية بحد ذاتها ضمن {نظرية-م} تستطيع منفردة أن تعطينا تفسيرا لكل الظواهر في الكون- أي كل قوى الطبيعة، و الجزيئات التي تشعر بهذه القوى، و الإيطار العام من المكان و الزمان التي تحتويها٠
و مع أن هذه الحالة لا تحقق حلم الفيزيائيين التقليديين بالحصول على نظرية واحدة موحدة، فهو مقبول في إيطار الحتمية المعتمدة على النموذج” و التي يقترحها المؤلف٠
و لذا فالنظرة الحديثة للطبيعة يجب أن تعتمد على الفيزياء الكمية، كما يرى المؤلف ، “و بالأخص، طريقة فهمنا لها و التي تسمى {طريقة} التواريخ المتناوبة”٠
Alternative Histories
و هذا ما سنقوم بالتطرق إليه في البوست القادم
يتبع
كتاب “التصميم العظيم” ؛ مراجعة و ترجمة مختصرة (1)٠
16 Nov 2010 31 Comments
in athiesm, Book Review, Contemplation, Education, Science
كتاب من تأليف عالم الفيزياء النظرية المعروف ستيفن هوكنغ و الفزيائي ليونارد ملوديناو. نشر في العام الجاري (٢٠١٠) . و رغم أن الكتاب صغير الحجم نسبيا حيث لم يتعدى عدد صفحاته المائتان و الثمان صفحات، ألا أنه غني و دسم من حيث المعلومات. و إسلوب الكتاب سهل في بعض أجزائه و كثير التعقيد في بعض الأجزاء الأخرى. سهل من حيث الإسلوب الذي يبدو أن الكاتبان أراداه لتصل المعلومة إلي من هم من غير الإختصاص العلمي، أو بالأحري القاريء المستهدف هو القاريء العادي. و كذلك سهل من ناحية وجود كثرة الأمثلة لشرح الموضوع مع وضع تسلسل تاريخي للأحداث العلمية في التاريخ البشري لزيادة المتابعه و التركيز. أما صعوبته فهو بسبب صعوبة المادة العلمية نفسها حتي لمن هم من ذوي الإختصاص، و خصوصا عندما يتعمق الكتاب في شرح نظريات الفيزياء الكمية الحديثة
Quantum Physics
و ربطها بالفيزياء الكلاسيكية٠ و لكن بإستطاعة القاريء العادي أن يخرج منه -حتي لو لم يستوعب المادة العلمية بعمق-بنتيجه مرضيه ( أو قد تكون محيرة أكثر للبعض) بعد توسعة مداركه و مفاهيمه و تكوين صورة في دماغه عن ميكانيكية عمل الكون بتغيير الواجهة أو التلسكوب التقليدي الذي كان ينظر به إلي الآشياء من حوله٠
يبدأ الكتاب بشرح عام ليبين الغرض الآساسي منه، و الذي يتركز علي الإجابة علي قائمة من أسئلة كانت و لازالت محيرة للبشر. أسئلة كانت الإجابات عليها و حتي إلى وقت قريب مقتصرة علي الفلاسفة، ليبين كيف أن العلم أصبح اليوم يملك الإجابات علي بعضها. و من أجل ذلك يقوم هوكنغ بطرح هذه الأسئلة “الكبيرة”، و من ثم سرد التاريخ التطوري للعلوم الفيزيائية، بداية من الإغريق و نهاية بالعديد من النظريات الحديثة و التي تبدو في مجملها معارضة لبعضها البعض ، مرورا بمسار العلوم و معوقات مسارها ، و من ثم شرح النظريات الحديثة و ربطها بالنظريات الكلاسيكية للفيزياء ليخرج بتصور و تفسير يقدمة للقاريء في ثمان فصول ، و ذلك ليبين في النهاية كيف أن جميع القوانين الفيزيائية تصب في قالب واحد إذا نظرنا لها من وجهة نظر مختلفة عن تلك النظرة الكلاسيكية، و لينتهي إلي إستنتاج أنه، خلافا للنظرة القديمة ، فإن “الشيء ” ممكن أن يخلق من “اللاشيء! ” و أن الكون في الواقع لا يحتاج إلي خالق ليخلقه، بل قد يكون هذا مساره في أزمان أزلية. و كيف أنه بالإمكان خلق نظام دقيق و معقد من خلال العشوائية و البساطة. و هذا في الواقع يطابق ما أكده دارون بمباديء علم النشوء و الإرتقاء منذ قرنين تقريبا٠
و لا يخفي علي القاريء أنه بعمل هذا التسلسل في سرد النظريات الفيزيائية و معوقات تقدمها علي مر السنين إنما يؤكد، و بطريقة غير مباشرة، ما ذكره الفلكي الراحل كارل ساجان في برنامجه الشهير بإسم النظام الكوني “كوزموس ” في الثمانينات من القرن المنصرم و هذه ترجمة لنصه:٠
العلوم لا تتميز بالمثالية {و لا بالمطلق من المعلومات} . و بالإمكان إساءة إستغلالها. فهي مجرد وسيلة. و لكنها أفضل وسيلة نمتلكها علي الإطلاق، فهي تتميز بكونها ذاتية التصحيح، مستمرة، و بالإمكان تطبيقها علي كل شيء. و لكن لها قانونان {يجب ألا تحيد عنهما}. الأول: لا توجد حقائق مقدسة؛ فكل الإفتراضات فيها يجب أن تكون تحت التجربة النقدية؛ و مناقشات ذوي السلطة غير مجدية {لأنها لا يجب أن تخضع لأهواء المسئولين و نزواتهم و إعتقاداتهم السابقة }. و ثانيا: كل ما هو غير متفق مع الحقائق {التنبؤات} وجب رميه أو إعادة مراجعته… و لذا ، “فالبديهيات” (في المجال العلمي) تصبح أشياء خاطئة {أحيانا }، و “المستحيلات ” تصبح أشياء واقعية { في أحيانا أخرى}٠
إنتهى
فالعلوم البشرية تمتلك الطبيعة التراكمية و “التصحيح الذاتي”. أي أن الأخطاء العلمية إحتمالات واردة ، و لكن بالرغم من وجود هذه الأخطاء و بالرغم من الظروف التي تفرضها مثل هذه الأخطاء ، فالعلم دائما ما يصحح نفسه بنفسه مع الزمن، فتموت النظريات الخاطئة أو تتطور لتصحح إتجاهها إلي الإتجاه الصحيح. و لقد كنت في السابق عملت تشبيه لطالب علم الطبيعة كلعبة البحث عن الكنز في الجزيرة المهجورة، فهو يمشي علي حسب حدسة باحثا عن اللغز الأول ليحله و يكتشف الخيط الأول الذي يدله بالتالي إلي المكان التالي ، و عندما يجده يعرف إذا كان طريقه صحيح أم أنه يحتاج لتغيير مساره و هكذا هو ينتقل من مكان إلي آخر و من لغز إلي آخر و من خيط إلي آخر ، حتي يصل بالنهاية إلي الكنز المنشود. و هذا هو طريق العلم، لا يوجد فيه مطلقات أبدا، و جماله في البحث و ليس في المعلومة بحد ذاتها، مع أهمية ذلك . و قد لا نكون اليوم وصلنا إلي الكنز بالصورة التي ترضي غرورنا البشري و حسب حب الإستطلاع الغريزي لدينا ، و لكننا لاشك قطعنا شوطا كبيرا و قريبين جدا من هذا الكنز حتي ليتخيل للبعض منا أننا وصلنا له. و لكن بغض النظر عن كل ذلك ، فالشيء الأكيد هو أننا اليوم علي الأقل في الطريق الصحيح. و هذا الكتاب يسرد هذا الطريق بتفاصيله و التي تعنيت هنا لترجمة أكبر قدر منه لأني شخصيا أعتبر هذا الجزء الأخير و الخاص بالسرد التاريخي بمثابة بونص أو مكافئة أضافت للكتاب بعدا معرفيا مهما آخر حتى لو لم يكن هذا هو الهدف الأساسي منه ، بل الهدف كما ذكرت هي محاولة الإجابة علي الأسئلة التي يحاول ستيفن هوكينغ التطرق لها من الوجهة النظرية العلمية البحتة، و هذه الأسئلة كانت و لازالت محل جدل الفلاسفة، فأصبح اليوم يتنافس العلماء لإيجاد إجابات علمية لها لأنهم هم من يفهمون الكون كمختصين أكثر من غيرهم و عليهم تقع مسئولية تنوير العامة و تمكينهم من النظر بمنظارهم٠
الكتاب في غاية الأهمية لكونه ليس من الكتب الإعتيادية، و لذا فمراجعتي له إرتأيت فيها أن تكون أيضا غير عادية ، و لذا فالمعلومات التي أدرجتها هي جدا وافية لدرجة قد يشعر معها القاريء بنوع من التكرار – و لكن ليس معني ذلك هو الإستغناء عن الكتاب الأصلي و لا أن هذا التكرار في غير محله؛ فأنا أقدم فيه بقدر الإمكان المختصر المفيد-رغم صعوبة ذلك بسبب كثافة المعلومات- و أترجم هذا المختصر بصورة حاولت فيها أن تكون مطابقة للنص و لكن غير الحرفي إلا في بعض المواضع القليلة حتي لا يكون المعني الإجمالي مضلا . و كذلك وضعت بعض الشرح بين القوسين الكبيرين { } حسب فهمي للنص و ذلك لزيادة التوضيح٠ و كذلك من أجل السهولة إرتأيت من خلال السرد أن تكون الإشارة إلي المؤلف بالصيغة الفردية أو بذكر إسم المؤلف الأول ستيفن هوكنغ٠
الفصل الأول: غموض الوجود
يقول هوكنغ أن العالم لطالما كان غامضا للبشرية ، فالخوف من الظواهر الطبيعية و الرغبة في إيجاد قوانين تنظيمة لها، تساعدهم علي التنبؤ بالأحداث قبل وقوعها ، على أمل أن يتفادوا أخطارها ، هذه الرغبة كانت وراء تساؤلاتهم العديدة لأسئلة كبيرة مثل ” كيف بإستطاعتنا أن نفهم العالم من حولنا؟ ما هي ميكانيكية الكون؟ و ما هي طبيعة الواقع؟” بل أنهم ذهبوا إلي أبعد من ذلك بسؤال ” هل يحتاج الكون إلي خالق؟” و من ثم يصرح أن ” الأغلبية الغالبة منا لا يقضي معظم وقته قلقا بشأن هذه الآسئلة {بالتأكيد}، و لكن {لابد} أننا كلنا قلقنا بشأنها بعضا من الوقت.” و لذلك فهذه الأسئلة لها أهميتها في حياة كل فرد. و من ثم يتطرق إلي أن هذه النوعية من الأسئلة كانت في الماضي ذات طبيعة فلسفية ، و لذا فالعلماء النظريين و العمليين كانوا في الغالب لا يتطرقون لها ، و لكن اليوم وصلنا إلي مرحلة توجب علي العلماء و ليس غيرهم مواجهة تلك الأسئلة ، و خصوصا أن” الفلسفة ماتت” حسب تعبيره . فعلم الفلسفة كما يقول “لم يواكب التطورات الحديثة في العلوم، و بالأخص في علم الفيزياء. فأصبح العلماء {هم } حاملي شعلة الإستكشافات المعرفية.” و عليهم تقع مسئولية الإجابة علي الأسئلة الكبيرة٠
يبدأ الفصل الأول ببيان الهدف من الكتاب حيث يقول المؤلف أن الغرض منه هو ” إعطاء إجابات للأسئلة السابقة من خلال الإستكشافات الحديثة و النظريات {الفيزيائية} الحديثة” . رغبة أن يقودنا ذلك إلي تكوين صورة جديدة عن الكون و مكاننا فيه و الذي إختلفت كثيرا عن الصورة القديمة، بل و حتي “إختلفت عن الصورة التي رسمناها في العقد أو العقدين الماضيين ” حسب تعبيره. و لكنه يرجع ليؤكد لنا أن بدايات الفكرة أو بدايات وضع “الرسم التخطيطي لهذا التصور الجديد بالإمكان تتبع أثره إلي قرن تقريبا” . أي أن الفكرة بالأساس قديمة، حيث ” وجد أنه في {العشرينيات من القرن الماضي} أن الصورة التقليدية لا يمكن الإعتماد عليها {في تفسير} التصرفات التي تبدو غريبة علينا عند عمل المشاهدة {فيما يحدث } في المستوي الذري و ما تحت الذري من الوجود.” و بما أن المستوي الذري هو بالواقع تفصيل دقيق لما يحدث على المستوي العادي من الحياة اليومية { و هي في الواقع صورة الكون في بداياته و قبل أن يتمدد و يصبح هائلا } فكان لابد من إيجاد حل لهذه المعضلة يساهم في ربط الإثنين معا، أو كما ذكر ” كان من الظروري أن نتبني بنية جديدة ” و هذه البنية الجديدة كانت البدايات لظهور ما يسمي بعلم الفيزياء الكمية {كوانتوم فيزيكس } . و حتي هذه الساعة فالنظريات الكمية تبين و بصورة مذهلة مدي دقتها عند عمل التنبؤات { أو التوقعات العلمية} في تلك المقاييس {البالغة الصغر}، و في نفس الوقت سمحت لنا بإعادة ” إنتاج تنبؤات النظريات الكلاسيكية القديمة عندما طبقت علي المستوي الماكروسكوبي {العادي} للحياة اليومية” ٠
و من ثم يسهب داوكنغ في شرح كيف أن “الفيزياء الكمية و الفيزياء الكلاسيكية ، كل منهما مبنيان علي أساسيات مختلفه جدا من حيث نظرتنا إلي الواقع الفيزيائي لهما. ” فبينما تفرض الفيزياء الكلاسيكية النظرة الأحادية للكون؛ أي أن للكون تاريخ واحد، له بداية و سيكون له نهاية، “فالنظريات الذرية {ليست كذلك لأنها} ممكن أن تصيغ بأشكال عديدة مختلفة عن بعضها البعض {في المسار التاريخي}، و قد يكون أكثر وصف بديهي لها هو ما قدمه ريتشارد (ديك) فينمان… فحسب فينمان، النظم {بصورة عامة} ليس لها تاريخ واحد فقط {بل عدة تواريخ محتملة ، و عليه يجب النظر إليها من خلال} كل تلك التواريخ المحتمله”٠ ثم يوضح فينمان ذلك بقوله ” أن الكون بنفسه ليس له تاريخ واحد، و لا حتي وجود مستقل”، بل عدة تواريخ محتمله و من الضروري أخذها جميعا بالإعتبار حتي تتكون لدينا الصورة الدقيقة لما يحصل في الواقع ، و هذا صعب تصوره٠لأنه “حتي {فترة قريبة نسبيا} عند بداية حلول الفيزياء الحديثة كان الإعتقاد الشائع أن كل الأمور المعرفية في العالم ممكن أن نحصل عليها من المشاهدة المباشرة، أي أن الأشياء تكون{دائما } كما تبدو لنا، أو كما تصورها الخلايا الحسية لدينا. و لكن النجاح الهائل لعلم الفيزياء الحديثة، و المبنية علي مفاهيم مثل تلك الخاصة بفينمان ، و التي تتصادم مع ما نشاهده أو نجربه في حياتنا اليومية، قد بينت أن {الطريقة التقليدية للنظر للأمور} غير مجدية.” و عليه ” فالنظرة السطحية للواقع لا تتوائم مع {قوانين } الفيزياء الحديثة.” حسب تعبيره٠
و حتي يتعامل هوكنغ مع هذه المتناقضات فإنه قام بطرح طريقة للنظر إلي الأمور ، سماها “الحتمية المعتمدة علي النموذج” أو
Model-Dependent Realism
هذه الطريقة مبنية على” قاعدة {مفادها} أن أدمغتنا تفسر المدخلات من الأجهزة الحسية بصنع صورة { نموذجية} للعالم . و عندما يكون هذا النموذج ناجحا في شرح الأحداث {من حولنا }، فنحن ننسب له، و للعناصر و المفاهيم التي يحتويه، خاصية الواقعية أو الحقيقة المطلقة. و لكن {المشكلة في هذه الطريقة أن } هنالك العديد من الطرق المختلفة و التي يمكن من خلالها أن يبني الشخص نموذجا لنفس الحالة الفيزيائية، و مع كل واحدة {من هذه النماذج} يستخدم عناصر أساسية و مفاهيم مختلفة {تماما عن الأخري}. فإذا كان إثنين من هذه النظريات الفيزيائية أو النماذج دقيقان {في صحة } عمل التنبؤات {العلمية} لنفس الحدث، فلا يمكن أن نقول {مثلا } أن أحدها أكثر واقعية من الأخري؛ {بل} علي الأصح، نحن أحرار في إستخدام النموذج الأكثر ملائمة لنا. و في تاريخنا العلمي، نحن إكتشفنا سلسلة من النظريات أو النماذج الأحسن و الأحسن، {إبتداء} من عهد بطليموس و {مرورا} بالنظرية التقليدية لنيوتن {و وصولا } بالنظريات الذرية الحديثة. ” ثم يتساءل “هل { يا ترى } ستصل هذه السلسلة إلي نقطة النهاية، { و التي هي الوصول إلى } النظرية الشمولية { الموحدة الكاملة } للكون؛ بحيث تحتوي {هذه النظرية على } كل القوى {المعروفة لدينا} و تتنبأ بكل مشاهدة {بدقة} ؟ أم أننا سنظل نبحث إلي مالانهاية عن نظريات عديدة أفضل، { و نترك فكرة البحث عن} نظرية واحدة شاملة لا نستطيع تطويرها؟ ” ثم يرجع بعد ذلك ليؤكد أن هذا سابق لأوانه حيث يقول أننا ” لا نملك حتى الآن الإجابة المؤكدة علي هذا السؤال”، هذا مع العلم بوجود مرشح قوي لهذه النظرية الشاملة لكل شيء {النظرية الكلية}، فإذا كان بالفعل هنالك نظرية واحدة موجودة، فإن هذه النظرية هي { لا شك} نظرية ” م” ٠
M-theory
و هذه النظرية هي النموذج الذي يملك كل المقومات التي” نعتقد أنها يجب أن تكون موجودة بالنظرية النهائية” حسب رأيه، و هي النظرية التي إعتمد عليها المؤلف في تفسير الكثير من الأسئلة و إجاباتها بمناقشاته٠
يقول المؤلف في شرحه لنظرية -م أنها ” ليست نظرية بالمفهوم المعتاد. {بل هي} عائلة كاملة من نظريات مختلفة، كل منها تعطي شرح جيد للأحداث الفيزيائية.” و من ثم شبهها بالخريطة قائلا أنه “كما هو معروف، ليس بالإمكان أن نعرض مسطح الأرض بأكمله على خريطة واحدة {لكون الأرض كروية\منطعجة}. فالإسقاط المركاتوري العادي {طريقة في رسم الخرائط تمثل فيها خطوط الطول و العرض بخطوط مستقيمة لا بخطوط منحنية} المستخدم في عمل خرائط العالم تجعل المناطق تبدو أكبر و أكبر في الأجزاء الأقصى بعدا بالقطب الشمالي و القطب الجنوبي. و حتي تكون الخرائط أكثر دقة، فنحن علينا أن نستخدم خرائط عديدة، كل منها تغطي مجال محدد. الخرائط {في هذه الحالة} سوف تتداخل مع بعضها البعض، و عند هذه التداخلات تبين جميع {الخرائط} نفس المنظر الطبيعي العام.” و ذكر كيف أن ” عائلة نظرية-م قد {يبدو أفرادها} مختلفين تماما، و لكن من الممكن إحتسابهم جميعا كمفاهيم لنفس النظرية الضمنية. {أي } أنهم نسخ من النظرية التي من الممكن تطبيقها فقط في حدود معينة- علي سبيل المثال، عندما تكون بعض الكميات المحددة من الطاقة صغيره . فكما هو الحال في خرائط الإسقاطات المركاتورية، حيث تتداخل النسخ {في كل خريطة}، {فهذه القوى عند تداخلها} تتنبأ بنفس الظاهرة. و لكن كما هو الحال في عدم وجود خرائط مسطحة لإعطاء العرض الجيد لكل سطح الأرض، لا توجد نظرية بحد ذاتها قادرة علي إعطاء عرض جيد لمشاهداتنا في جميع الأحوال٠
و من ثم يقوم المؤلف في الفصول اللاحقة بوصف كيف بإمكان نظرية-م أن تعطينا الأجوبة علي سؤال الخلق. فحسب نظرية-م،” كوننا ليس هو الكون الوحيد. و إنما، تتوقع نظرية-م أن يكون هنالك الكثير جدا من الأكوان التي خلقت من لاشيء.” و يبين أن “خلق {هذه الأكوان} لا يحتاج لتدخل أي قوى ميتافيزيقية أو إلاه. و الأصح هو أن هذه الأكوان المتعددة تنمو طبيعيا من خلال القوانين الفيزيائية. أي هي تنبؤات علمية. فكل كون له عدة تواريخ { ماضية} محتمله و كذا وضعيات محتمل {وجودها} بعد ذلك، أي في الوقت الحالي، و بعد مرور وقت طويل جدا من خلقها.” و يؤكد لنا أن “معظم هذه الوضعيات ليست كما نشاهدها { في الطبيعة} و لا هي قابلة لأي وجود للحياة عليها. {إنما الحياة تكون على } عدد محدد صغير جدا منها ، و هذه {هي الأكوان التي} تسمح {قوانينها} لكائنات مثلنا بالتواجد عليها. و عليه فوجودنا {هو الذي } يختار من بين كل هذه النظم الهائلة فقط تلك الأكوان التي تلائم وجودنا. فنحن نعتبر توافه صغيرة في المقاييس الكونية العظيمة، و لكن {ندرة وجود أمثالنا} هو ما يجعلنا نوعا ما {نشعر أننا} سادة المخلوقات. و لكن حتي نفهم الكون بمستوي أعمق فنحن نحتاج أن نعرف، ليس فقط كيف يعمل الكون {أو الأكوان}، و لكن أيضا لماذا {يعمل بهذه الصورة؟}. و لماذا يوجد شيء بدلا من اللاشيء؟ و لماذا نحن موجودون؟ و لماذا هذه المجموعة المحددة { بالذات} من القوانين الكونية و ليس غيرها؟”٠
فحسب ما جاء علي لسان المؤلف أن “هذا هو السؤال الكلي عن الحياة، و الكون، {بل } و كل شيء٠
يتبع
رمضانيات ٣: علم إيه اللي إنت جي تقول عليه
04 Sep 2010 45 Comments
in athiesm, Politics, Religion
كثيرا ما ألتقي بمؤمنين و مؤمنات ، مسلمين و مسلمات ، متعلمين و متعلمات، مثقفين و مثقفات و بعضهم حتي خريجي الجامعات االكبيرة الغربية المعروفة و الأكاديميات العريقة ممن يقول لي أن العلم لا يتعارض مع الدين. و في الواقع لا أعلم من أي منطلق يتحدث هؤلاء؟
العالم ستيفن هوكنغ ألقي مؤخرا قنبلته البينج بانجية ( نسبة إلي البيج بانج أو الإنفجار العظيم) في الوسط العلمي عندما ذكر في كتابه الجديد أن الإطار العلمي الكبير لا يترك حيزا لتدخل خالق للكون. و المثير للتساؤل هو أن هوكينغ كان بنفسه متدينا قبل عدة سنوات، حيث كان يردد أن هنالك إحتمال لوجود خالق، و طالما لا يوجد ما ينفي هذا الإحتمال فسيظل موجودا,حتي لو كان الإحتمال ضعيف، فماذا حصل يا تري؟
يقول الفيلسوف الإنجليزي الشهير برتنارد رسل
إقتباس
إذا كنت إقترحت عليكم بأنه…يوجد إبريق شاي صيني يدور حول الشمس في حركة بيضاوية حول محور إهليجي، فلن يستطيع أي كان أن ينفي تأكيدي عليه (و خصوصا) إذا كنت حريصا أن أضيف بأن الإبريق صغير جدا بحيث لا يمكن أن يري حتي مع إستخدام أقوي ما لدينا من التلسكوبات . و لكني إن واصلت بالقول أنه، بما أن تأكيدي (علي وجود الإبريق) لا يمكن نفيه، فلا يجوز حسب منطقنا الإنساني الشك به، فيحق (وقتها) أن يعتقد (الجميع) أن حديثي هراء
و لكن إذا كان وجود هذا الإبريق مؤكد في الكتب العتيقة التي تدرسه كحقيقة مقدسة كل يوم أحد، و يتم زرعه في عقول الطلبة في المدارس، فالتردد لتصديق وجوده سيكون علامه الإختلاف المركزي و سيخول من يشك (بهذه المعلومة)أن يكون مريضا نفسيا في عهد التنوير أو معرضا للتحقيق (في محاكم التفتيش) في الأزمنه القديمة
إنتهي الإقتباس
و أنا بدوري أضيف و بنفس منطق رسل أنه لا يمكن إثبات عدم وجود الغولة فهل معني ذلك أنها موجوده؟
الفرق بين ستيفن هوكغ و برتنارد رسل أن الأول عالم فيزياء نظري تخصصة البحث في السماء بين النجوم . أما برتنارد رسل فهو فيلسوف يستخدم المنطق حسب المعطيات العلمية في جعبته؛ قد يصيب و قد يخيب، و هذا ما تبينه الأيام مع كل إكتشاف علمي جديد. ففي قديم الزمان لم يكن هنالك فرق بين الفلسفة و العلم ، و لكن اليوم هذين العلمين إنفصلا، شكرا للعرب و علمائهم في قرون إزدهارهم. و كل أخذ طريق يكمل و يتمم و يؤكد الأخر. فالعالم لا يعتقد بالشيء إلا بعد التجربة و البرهان و الإثبات، و لذلك فهو دائم الشك، و كل الإحتمالات واردة لديه حتي لو كانت ضعيفة إلي أن يأتي الإثبات علي تأكيدها أو نفيها و من أكثر من مصدر. و النظرية لديه تظل نظرية إلي أن تثبت صلابتها ضد كل ما يناقضها، مثل نظرية التطور مثلا، كما يذكر ريتشارد داوكنز في آخر كتبه ” أعظم مسرحية علي وجه الأرض”، و لذلك فما ذكره ستيفن هوكنغ ليست فقط فلسفة إنما هو يرتكز علي إثباتات، و هذه الإثباتات تحتاج وقت و برهان و صلابة، و إذا كنا في الماضي نتغاضي عن ما يقوله الفلاسفة لكون الموضوع قابل للنقاش و الأخذ و العطاء، فإننا اليوم لا نستطيع مناقشة العلم. فكل يوم و مع كل إكتشاف جديد تنهدم نظرية الخلق تدريجيا علي أرض الواقع، و لكن هذه النظرية، أي نظرية الخلق ، كونت هالة قدسية بسبب الميم (مصطلح قدمه ريتشارد داوكنز في كتابه ” الجين الأناني”)، و الميم هو الإعتقادات الموروثة. فحتي مع كل هدم للنظرية علي أرض الواقع ، كما الضرب عليه بالشاكوش مع كل قنبله علميه، فهي غير قابلة للهدم في فضاء الإعتقادات. و هذا إن دل فهو يدل علي أنه يوجد خلل ما في عقل الإنسان ، و عليه لا يمكن أن يكون الصانع أجاد صنعته. وهذا بحد ذاته دحض لنظرية الخلق و التي تقول بجودة الصنع الإلاهي
إنظر إلي التعليقات في رابط الخبر أعلاه لتعرف كيف أننا كمسلمون وصلنا إلي آخر درجات التقهقر في الفكر، فنحن لازلنا نبحث عن العلم في دفتي القرآن. و بعد أن تظهر النظريات و يتفق عليها العالم أجمع، نقول” آها…هذا موجود في قرآننا من قبل ١٤٠٠ سنة، و هذا هو الإعجاز بعينه و دليل علي صحة الإسلام، فكيف عرف الرسول عن هذه الأمور في زمنه!”. ما دامه كان موجودا كل هذه المدة في القرآن فأتعجب بالفعل لماذا لم يكتشفها العرب المسلمون قبل غيرهم و هم من إختارهم الرب ليعطيهم العلم في ملعقة من ذهب؟ لماذا إكتشفوا أن الإعجاز في بول البعير و فوائده . و النطفة فعلقه هي مراحل التطور الجنيني ، و لم يكتشفوا أن الأرض هي التي تدور حول الشمس قبل أن يكتشفها جاليليو؟ أننا نقيم المؤتمرات و علي أعلي المستويات، إنظر هذا الرابط. و يشترك فيها علماؤنا العرب و المسلمون (أين هم اليوم من علماؤنا في الأيام الغابرة) لنثبت الإعجاز العلمي في القرآن ، و نستخلص أن بول الغلام أطهر من بول الفتاة! و نعلن ذلك في صحفنا و جرائدنا دون أن نشعر بالخجل . و ندفع أموال البترودولار لمن هو “عالم كلام” مثل محمد العوضي و الذي أصبح مقرر رسمي في فضائياتنا ليظهر علي شاشاتنا مدحضا في دقائق علم التطور و الذي أخذ ٢٠٠ سنة ليعترف به ٩٩.٩٩ من علماء أمريكا و ١٠٠ في المئة من من هم أهل الإختصاص. و الناس، حتي المتعلمين منهم يصدقونه. و نهلل و نكبر في صبري الدمرداش و زغلول النجار و هارون يحيى لأنهم يقولون ما نريد أن نسمع، و لا نسأل عن ثرائهم المفاجيء، مع أني أكاد أن أجزم أن كل هؤلاء لن يجدوا وظيفة مساعد عالم في الدول الغربية
فالميم هنا هو الغالب حتي علي منطقنا و إدراكنا، و زاد تأثير الميم بزيادة الجرعات الدينية في السنوات الأخيرة حتي تم إدخال الدين في كل أمور حياتنا المعاشة. فأصبحت لغتنا دينية، و مناقشاتنا لا تخلو أبدا منها. و أصبح حل مشاكلنا الدنيوية لا تتم إلا بالطرق الدينية، فنمنع ما لا نستطيع أن نجد له حلولا، كمنع الخمور. أو نتحايل عليه كما نفعل بإقراره رسميا كما نعمل بإستبدال البغاء بالزواج المؤقت . و نحجب أجساد نسائنا درءا للمفاسد دون أن ندرس علميا تأثير هذا الحجب و المنع علي سيكلوجية الإنسان، ذكرا كان أو آنثي ، و لا نري تأثير سيطرة الجنس علي شعوبنا بسبب هذه القرارات السيئة. و نستعين بشيوخ الدين في طرد الجن من أجسادنا بدل الإستعانة بطبيب نفساني لمعالجة المرضي. و نشرب بول البعير مع حليبة لمعالجة السرطان ، و نذهب بعد ذلك إلي المستشفيات في الغرب و نشكر الله علي الشفاء بدل من شكر الطبيب و الهيئة التمريضية، معتقدين أن شفائنا كان بفضلة و فضل بول البعير . و نتغاضي عن سيئاتنا و نداري سوءاتنا و كأننا لا نراها، أو كأنها ستختفي من نفسها. فأصبحنا أسوء الخلق، إذا كان هنالك خالق، خلقا (بضم الخاء و اللام). لا بل أصبحنا نتطور و نتحور و لكن في الإتجاه المعاكس عن كل البشر
و هذا ما يحدث للذين يريدون أن يتعلموا أمور دنياهم بدينهم، تاركين سنوات البحث العلمي وراء ضهورهم و ضاحكين علي ذقون البسطاء ، و خصوصا أولائك الذين يرون الدين كدليل إستخدام في حياتهم، و الذين هم اليوم العامة بين المسلمين و بالذات العرب. و نعلل عدم أخذنا بالعلوم الدنيوية بكونها علوم متغيرة مع الزمن ، و لكن ننسي أن مع كون ذلك صحيحا، فالعلم يظل ذاتي التصليح، يصلح مساره مع الزمن ، كما ذكر رائد الفضاء الراحل كارل ساجان، صاحب البرنامج العلمي في السبعينات و الثمانينات “النظام الكوني-كوزموس”. و عليه فمن الأولي علينا إن كنا نريد أن نكون في مصاف العلماء في العالم أن نبدأ من حيث إنتهي الأخرون و نترك كتاب القرآن حيث يجب أن يكون: في المساجد
فالقرآن ليس كتاب علوم، و ليس كتاب جغرافيا، و ليس كتاب علم النفس، و ليس كتاب علم الإجتماع و ليس كتاب علوم سياسية أو إقتصاد. حتي أنه ليس كتاب تاريخ، فسوره لم تجمع تاريخيا، و عليه فكل ما وصلنا عنه كان تكهنات علماء دين ليسوا أكثر علما من الداعية نبيل العوضي، بل العوضي أكثر علما من كل هؤلاء الأقدمين إذا وضعنا في الإعتبار تقدم زمنه العلمي عن زمن هؤلاء
القرآن كتاب روحاني، يجد فيه الملايين من المسلمين راحة نفسية، فيا حبذا لو ظل كذلك، و لم يسلبه المسلمون من ما تبقي من رمقه الروحاني الأخير. و علي ذكر الروحانيات و كارك سيجان، فالروحانيات -كإصطلاح- أدوات مريحة للنفس، و هذه هي صفتها الإيجابية و لكن ذلك لا يعني أن القرآن أو أي كتاب مقدس أخر يحتكر الروحانية، فبالنهاية ما يفعله الشخص و ما يتأثر به إنما يخصه لوحده كونه يتطور مفردا حسب علم الإنسان-أنثروبولوجي- فقد يجد شخصا ما الروحانية في قراءة سورة “تبارك الذي بيده الملك” أو قد يجدها في سر الطبيعة كما كان أينشتاين بانثيا، ربه هو الطبيعة التي تخلق نفسها بنفسها. أما شخصيا فأجد في كلمات كارك ساجان في الكوزموس، راحة نفسية-روحانية- ما بعدها راحة، و هذه ترجمة متواضعة مني للإفتتاحية ببرنامجه كوزموس:٠
الكون هو كل ما هو موجود، أو ما كان عليه (بالسابق)، أو ما سيكون عليه دائما . فتأملاتنا للنظام الكوني تثيرنا. و تحدث وخزا (نشعر به) في عمودنا الفقري، و نبرة في صوتنا، و إحساس باهت و كأنه آت من ذكريات بعيدة عن سقوط هائل. فنحن نعرف أننا نقترب من أعظم الآسرار…النظام الكوني هو بداخلنا . نحن المصنوعين من ذرات النجوم أصبحنا في النهاية نتساءل عن أصولنا. مواد مصنوعة من النجوم تتأمل النجوم. مجموعة مرتبة من عشرات الملايين الملايين الملايين من الذرات تتأمل تطور المادة، و تتتبع أثر الطريق الطويل و الذي أدي إلي (صنع) الوعي (و الإدراك) هنا علي كوكب الأرض ، و ربما في أماكن أخري في النظام الكوني. فتعهدنا بالحرص علي البقاء و الإزدهار (في الآرض) لم يأتي كأمر داخلي فينا فقط، بل هو تعهد لذلك النظام الكوني، القديم الواسع، و الذي منه نبتنا
عيد فطر سعيد مقدما
علاقة إزدياد معدلات الجريمة بإزدياد تدين المجتمع
26 Jul 2010 48 Comments
in athiesm, Contemplation, culture, islam contradictories, Religion
هل هي مصادفة بأنه كلما زاد تدين مجتمع ما كلما زاد معدل الجريمة؟
يقول الكاتب السعودي إبراهيم البليهي أن ثقافة كل جيل ما هو إلا نتاج تربية و تعليم الجيل الذي سبقه . و علي هذا الآساس فثقافة هذا الجيل هو نتاج تربية و تعليم جيل ما يسمي بالصحوة الدينية الإسلامية التي بدأت تتغلغل في أشلاء الدول الإسلامية منذ أواخر السبعينات و بعد الثورة علي حكم الشاه في إيران تحديدا ، و حتي بلغت “أكلها” اليوم في جميع الدول الإسلامية، فالواضح للعيان أن التدين في المجتمعات الإسلامية في تزايد إذا ما قارنا بين الوضع اليوم بما كان في الستينات و السبعينات (لن أقارن بيننا و بين السويد ، تلك الدولة العلمانية المنهج ، فهذا ظلم للسويد) ٠
التدين في الدول الإسلامية زحف من خلال الحياة الإجتماعية و صقلها بالتربية و التعليم كمثل غرس الزرع، و إمتد إلي الأمور المالية و تدخل في الحياة السياسية و في العلم و التعليم و الإعلام. فدخل بين الوالد و ولده و الزوج و زوجته. فحرمت تداول الخمور و تجارتها بعد أن كانت مجازة في بعض الدول (كالكويت )و منع الإختلاط حتي في أعتاب الجامعة . و حددت الأدوار الوظيفية لكل فرد (المرأة في البيت و الرجل خارجه) بقوانين ماليه ( دولة الكويت تفرق بين العلاوات الإجتماعية للرجل و للمرأة في نفس الوظيفة، و تعطي الرجل علاوة الأطفال علي أساس أنه هو المسئول عن الإدارة المالية لعائلته حسب النهج الإسلامي، و عليه تصرف له و ليس للزوجة حتي لو كانت الزوجة هي من تصرف عليهم. و كذلك توزع الإرث حسب القوانين و الشريعة الإسلامية (للرجل حق الإنثيين ) في المحاكم المدنية للدولة ليزيد إعتماد المرأة علي الرجل ماديا). و حورب المثليين و تم جرجرتهم للسجون بغير ذنب سوي أنهم “خلقوا” هكذا و تم سن التشريعات لمحاربتهم خوفا من سخط الإلاه كما سخط علي قوم لوط ، و لم يرحم لا طفل و لا شيب و لا شاب. و أنشأت البنوك الإسلامية التي لا تعمل بالربا الحرام بل بالمرابحة الحلال (في محاولة للضحك علي ذقن الرب!)، و طبقت الشريعة الإسلامية بالدستور المدني لتجعله دين دوله. كما أبدعت في العلوم الإسلامية الطبية و أقامت لها مؤتمرات إفتتحها أكبر رأس في الدولة ، منها للوقاية من الأمراض ( قال رسول الله صلي الله عليه و سلم : إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه ثم لينزعه فإن في أحد جناحيه داء و في الآخري الشفاء. ” أخرجه البخاري و إبن ماجه” ) ، و منها للعلاج ، فأنتج الدواء لمعالجة السرطان بكلفه زهيده ليست أكثر من ثمن حليب الإبل مخلوطا ببوله كما جاء عن النبي في البخاري ، ” حدثنا موسي بن إسماعيل حدثنا همام عن قتادة عن أنس رضي الله عنه أن ناسا إجتووا في المدينة فأمرهم النبي صلي الله عليه و سلم أن يلحقوا براعية يعني الإبل فيشربوا من ألبانها و أبوالها فلحقوا براعية فشربوا من ألبانها و أبوالها حتي صلحت أبدانهم “، (السر علي ما أعتقد بالنسبة و التناسب بين البول و الحليب!) . و هذا غيض من فيض الإعجاز العلمي للقرآن و الذي يكون البحث فيه كما الطريقة الإسلامية هو الإعتماد علي التفسير العلمي للنصوص أو السير علي نهج الرسول و تقديس نخامته٠
و ليس بالإسلوب المنطقي في التجربة و البرهان في المختبرات. و لا بتشغيل آليات النقد كما هي صيحة العلم الحديث اليوم. و هذه هي مناهجنا التي دخلت تحبوا في المدارس العامة بالنقل و التكرار حتي آصبحنا صور مكررة ك (طبع\لصق) لبعضنا البعض دون أن تكون لنا إضافات تذكر. كما تمكنت هذه الثقافة المتوارثة من مناهجنا و نقحتها حسب الطائفة الغالبة في العدد (إيران شيعية إثنى عشرية، السعودية سنية وهابية) و أجبرت حتي من لا ينهج بنهجها علي أخذ هذه المناهج بقوة القانون و ترديد ما لغم بها في إتجاه أحادي إقصائي… و تحت مظله الدستور. و برزت الشخصيات الإعلامية الدينية و الدعوذية بدعم من الدولة بالضبط كما تدعم المواد الإستهلاكية في جمعياتها التعاونية، فأصبح المدعوذون هم علية القوم و أغنياؤه و تجاره، تعطي لهم شهادات الدكتوراه بشخطة قلم في جامعات و كليات لا يعترف بها أحد غيرهم ، و لنا في دولة الكويت نموذج حي ٠
فهل بعد عشرين سنة من كل مامضي “لغرس ” الفكر الأيدولوجي و إجبار المواطنين علي “دين الدولة” وصلنا إلي ما يشابه يوتوبيا المدينة الفاضلة المنشوده؟
تقول آخر التقارير أن معدل الجريمة في الكويت في حالة إزدياد مضطرد، و هذه السنة بلغت ٦٨ في المئة زيادة عن السنة الماضية حسب ما صرح به نائب رئيس المجلس الاعلى للقضاء الكويتي وعضو المحكمة الدستورية المستشار فيصل المرشد
شخصيا لا أعتقد بوجود المدينة الفاضلة إلا في الخيال، و لأكون أكثر واقعية أنا حتي لا أتوقع أن يخلو أي مجتمع من فساد أو جريمه، لأننا بالنهاية بشر، و البشر يختلفون بينهم. و علميا كل إنسان فريد بمواصفاته و درجة تطوره و حتي تعامله مع غيره . و لذا فلست ممن ينشد هذه اليوتوبيا و لا حتي أعتمد علي الإحصاءات بصورة دقيقة. و لكن الإحصاءات و إن كانت كاذبة كما يقول مارك توين
Lies, damned lies, and statistics
ألا أنها تعطي فكره أو صورة عامة عن الوضع العام. و الوضع العام حسب التقرير هو إزدياد معدل الجريمة ، و هذا متزامن مع إزدياد الفساد الحكومي و الفساد البرلماني، لدرجة أنه أصبح الفساد الفردي هو القاعدة و الأمانة هي العامل الشاذ. فأين هي المدينة الإسلامية الفاضلة؟ أو بالأحري أين هي نتائج الغرس الإسلامي في التقليل من الجريمة؟ و هل الإسلام هو الحل أم أنه أحد عوامل زيادة العقد؟
إذا لم يستطع المسلمون و علي مدي ١٥٠٠ سنه أن يخلقوا نموذج يقارب لهذه المدينة، ألا يعني ذلك أن هنالك خلل ما؟ و الطامة الكبري هي أننا نفتخر بكوننا أعظم خلق الله و معنا القرآن و الحديث و السنة المحمدية (دليل الإستخدام الآفضل بلا منازع) و مع ذلك لم نستطع أن نقلل من معدل الجريمة في مجتمعاتنا ! و إذا أردنا أن نكون صادقين في طرح هذه المشكلة و التي وصفها المستشار بأنها “خطيرة” فيجب أن نضع يدنا علي العلة، فأين هي العلة؟
هنالك إحتمالين لا ثالث لهما؛ إما نحن متخلفون “خلقة” عن بقية البشر في الأرض و اللوم هنا علي الرب الذي “خلقنا” أكثر تخلفا من بقية الأمم – غريب… مع أنه كرمنا عنهم!) ، أو أن وسيلتنا في النهج و النظام الإسلامي و الذي طبقناه في تشريعاتنا و دستورنا الشبه إسلامي و تعليمنا و إعلامنا و بنوكنا و علومنا و ثقافتنا بصورة عامة و السائدة كلها خطأ في خطأ. أو بمعني آخر: فشلت الصحوة الإسلامية المنادية بزيادة التدين بقوة القوانين من خلق الدولة المدنية . و المنطق يقول أنه لابد أن ندرس سبب فشلها لتفادي أخطاء جيل الصحوة في الجيل القادم٠
فهل ستكون هنالك دراسات علمية جادة و شفافة و صادقة و غير متحيزة لدراسة هذا الوضع المزري لمعرفة السبب من وراء إزدياد معدل الجريمة؟ هل سيتم وضع كل الإحتمالات بالحسبان بما في ذلك أثر التشريعات و القوانين الإسلامية و التي تعتمد علي القمع و المنع التي يفرضها المدعوذون السياسيون علي المجتمع بدلا من إتباع النهج العلماني و العلمي في بناء المدينة المدنية الحديثة و التي تحتاج لتخصصات علمية و تنافس بين علماء الإجتماع و علماء علم النفس و غيرهم من المختصين بالعلوم الحقيقية و ليس علم ” أهورا مازدا” و “زيوس”؟
و ماذا عن تصريح المستشار بأنه من الناحية المدنية ” أصبحت القضايا المالية من أكبر المسائل التي تفتت كيان الأسر”؟ فهل سيتم دراسة النظام الإسلامي للزواج و تكوين الأسرة، المبني علي أساس المادة تشريعا من الآية القرآنية ، [ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ]( النساء : 34 )و أثرهذا التشريع و المفاضلة بين الجنسين علي إزدياد القضايا الأسرية ( في محاكم الأحوال الشخصية المدارة من قبل رجال الدين)؟
لا أعتقد
أغلب الضن أننا سنسمع الأغلبية السائدة تردد “الله لا يغير علينا” فهذا الجيل هو نتاج تربية و تعليم جيل الغفوه (عفوا… الإساءة مقصوده)٠
Paul Says Spain Will Win
11 Jul 2010 47 Comments
in athiesm, News and Announcements
صدق بول العظيم في كل تنبؤاته، الحمد لبول رب العالمين؟
هل الله لديه مستقبل؟
30 Mar 2010 40 Comments
إحدي صديقات الطفولة و هي صديقة عزيزة علي قلبي ، متعلمة و مثقفة و ناجحة جدا في مجال عملها ، و هي الوحيدة من بين الصديقات في كونها تعمل بنصيحة فيروز و تزورني كل سنة مره. و لولا بعد المسافات لزادت زياراتها بالتأكيد ، فهي مثال الصديقة الصدوق الواصله. و مع أننا نتفق في الكثير من الأمور ألا أننا نختلف و بصورة جذرية في العقيدة الدينية ، فهي مليئة بها حتي التشبع و أنا خالية منها حتي العدم ؛ هي توصف نفسها بالمتمسكة بالإسلام ال “صحيح ” و أما غيرها من عامة المسلمين علي إختلاف طوائفهم و إتجاهاتهم فهم علي خطأ ، و أنا أعتقد أن الأديان و الآلهه من صنع الإنسان ، خلقها هو و من ثم تطورت معه ، و لذا فالكل يطبق ما يريد هو أن يكون الإسلام “الصحيح” بغض النظر عما إذا كان نموذجه يطابق النموذج الذي جاء في الكتاب و السنة حرفيا أم لا . فصاحبتي إسلامها يتلخص في أداء العبادات الرئيسية : الصلاة بأوقاتها ، الصيام في رمضان ، الزكاة ( و تدفع بسخاء للمؤسسات الإسلامية معتمدة علي ثقة عمياء بشيوخها و هذا يغيضني شخصيا و أعتبره قلة مسئوليه)، حج بيت الله . و هي لا تقرب الخمر مع أنها لا تمانع في حضور مجالسه ، و لاتأكل إلا لحم حلال . و عدا عن ذلك فهي لا تعرف عن دينها أي شيء آخر و لا حتي يهمها أن تعرف . و لقد كانت علي شفي التحجب قبل كم سنة ، و بعد مناقشات طويلة بيننا و الذي كان نتيجته أن نشرت بوست عن مدي إلزامية الحجاب في الإسلام لأخذ رأي القراء ، قامت صاحبتي بعدها بالتحري الشخصي لتخرج إلي نتيجة أن الحجاب ليس ملزما للمسلمات بل هي فريضة لأمهات المؤمنين و عليه إمتنعت عن لبس الحجاب . في العادة أنا و صديقتي نحاول ألا نتجادل في الأمور الدينيه ، فكما تعلمون المسلمين جدا حساسين للنقد الديني و أنا لا أستطيع السكوت كلما أسمع ما لا يروق لأذني، و مع هذا دائما ما ننتهي إلي مجادلة . آخر مجادلاتنا إنتهت بنصيحة منها لي بشراء كتاب شوبرا مؤكدة لي أن ذلك سيغير من نظرتي للدين بمقدار مائة و ثمانين درجه . و شوبرا لمن لا يعرفه هو “الهبه” الجديدة في عالم الميتافيزيقيات . أصله دكتور هرمونات ، خالط العلم مع الخزعبلات الهندوسية و عامل له شوربة غريبه عجيبه فيها دواء و شفاء و تدخل في نطاق الطب البديل . و له لغة خاصة لا يفهمها إلا هو . له متابعين كثيرين حول العالم، ليس لأنهم يفهمون كلامه، بل العكس صحيح، فهم لأنهم لا يفهمون ما يقول يعتقدون أن لكلامة معني أعمق من ما هو ظاهر ، شأنه في ذلك شأن غير المختص ، يكبر و يعجب فيما يسمع حتي لو لم يفقه ما قيل ، ضانا أن مشكلة عدم الفهم ليس لأن الشخص الذي أمامه يهرف بما هو غير مفهوم و لكن لأنها (أي المشكلة) راجعة لقصور عقله في إستيعام ما يقول
و صديقتي تعبد شيء إسمه الروحانيات و الماورائيات، تدفع الغالي و النفيس لحضور حلقات الريكي و الراجا يوجا “فتحاول” تطبيقها في صلواتها مع صعوبة ذلك كونها إمرأة أعمال مشغولة علي الدوام . و تحرص علي حضور محاضرات توني روبنس أينما كانت و مهما كان الثمن
فبالنسبة لها لا يهم إن كان الحضور يمثلون إثنيات مختلفة فالرب واحد حتي لو إختلفت طرق العباده. و كل سيكون له جزاء علي النية حتي لو كان علي الطريق الخطأ (لاحظوا أن ذلك يشمل بن لادن لأنه بالنهاية سيحاسب علي النية و ليس علي ما قام به من دمار) . و صديقتي هذه ليست الوحيدة في نظرتها المنفردة و التطورية للإسلام فأحد الأصدقاء القدماء ذكر لي أنه بصدد كتابة كتاب يخشي أن ينشره كونه يعبر عن نظرة شخصية غير عامة للإسلام ، فهو أيضا إنسان متعلم مثقف و ناجح في عمله و هو يتبع الطائفة الشيعية و له طقوس خاصة به يعرفها بالعبادات العرفانية ، و هو أيضا يعتقد أن الله واحد و لا يهم الوسيلة للوصول إلي الله و لايهم الدين لأن الشخص سيصل إلي درجة يري بها الحقيقة فيكمل المسير إذا كان علي الطريق الحق ( و هو بالطبع طريق الحسين ) أو يحول المسار عندما يري الطريق الحق . المهم صاحبي هذا أيضا يعتقد بالروحانيات و الميتافيزيقيات علي نهج سيدنا شوبرا ٠
فما هي يا تري الأمور المشتركة بين رب الإسلام و براهما الهندوس…لا شيء لأن تعريفهما بالأساس مختلف، و لكن صديقتي، خلقت ربها بما يناسبها و أصبحت تتعبده، فلا يهم إذا كان من يدعو له هندوسيا أو يهوديا أو مسيحيا أو بوذيا ، و لا يهم إذا كان إسمه الله أو بوذا أو براهما أو زوس أو حتي الغول… المهم أن يجد كل شخص ما يلائمه من صفات جيدة “ليلصقها” بربه. و أعتقد هذا ما سيكون مصير الآلهه بالمستقبل و هو ما كان موضوع الحلقة النقاشية في الكليب القادم . و لكن قبل الدخول بالكليب لنتحدث قليلا عن العلم و الدين و محاولة البعض للخلط بينهما
قبل سنوات قليلة ظهر كليب في الأسواق إسمه السر ” ذه سيكرت “. و في هذا الكليب و الذي لا أنكر أني تأثرت به شخصيا وقتها يستخدم مقدموه نتاح الدراسات في علم الفيزياء الذرية أو النظرية الكمية ليطبقوها علي ما هو أكبر من مقياس الذرات، و ليثبتوا من خلالها المعجزات و الخوارق . أي يطبقوها علينا نحن البشر و علي ما هو بحجم الكواكب في السماء كما يطبقوها علي الذرات. و الحجة في أنه بما أننا جميعا ننتهي إلي ذرات ، و كل ما حولنا أيضا ينتهي إلي ذرات، و تختلف هذه الذرات ليس بالبروتون و الإليكترون أو النيوترون الذي تحملها كل ذرة ، لأن صفات البروتونات و الإليكترونات هي واحدة لجميع الذرات، سواء كانت هذه الذرات تابعة لجسمي أم للطاولة التي أمامي، ما يفرق بينها هي الطاقة الجاذبة لكل ذرة من إليكترون واحد إلي إكس من الإلكترونات . فما يجري في داخل الذرة و حولها من قوي جذب و تنافر لابد أنه يحكم ما هو أكبر من الذرة سواء كان ذلك علي قياسنا أو علي قياس الكون. كلام منطقي، و لكن الواقع غير ذلك. فالقوانين التي تحكم الذرة هي خاصة بالذرة و تتغير كلما خرجنا من مستواها إلي عوالم أكبر . و لذا فلا يمكن لشخص ما أن يتواجد في مكانين معا كما يحدث ذلك للإلكترون مثلا، كما لا يمكن أن تتخيل بأنك مليونير و بقدرة قادر و بين يوم و ليلة تتحول من معدم إلي بليونير كما يدعي ” ممثلوا” فلم سيكرت. نعم التفكير الإيجابي جميل و يعمل جو إيجابي للمحيط ، و لكن تأثيره المباشر لا يتعدي محيط الجسم و ليس شيئا سحريا خارقا للعوازل ، أما تأثيره علي من هو خارج الجسم فهو نابع من الإتصال و التعامل سواء بإستخدام اللغة اللفظية أو بالإيماءات البدنية التي يفهمها الطرف الآخر و يرد عليها سواء بالإيجاب أو بالسلب ، و ليست لموجات و ترددات كهربية في الجو أو حتي لمجالات غير معرفة كما يحاول بعض الثيولوجيين مثل شوبرا تفسيره أنه الله، و حتي لو كان هنالك موجات كهرومغناطيسية فهي بالتأكيد ليست بالقوة التي تخولها بالتدخل بالأشياء الخارجية لتغير مسارها
الكليب التالي تقدم فيه قناة إيه بي سي برنامج فيس- أف لمناقشة بين طرفين أحدهما علمي و الآخر ثيولوجي \ فلسفي؛ يمثل الطرف الأول مؤسس مجلة التشكيك “سكيبتيسزم ” و مؤلف كتاب “لماذا يهم دارون” مايكل شمر ، ( و هو بالمناسبة أسهل كتاب كتب عن نظرية التطور حسب إعتقادي ، كان الكاتب قبلة طالب دين في الجامعة و بعد الإنتهاء من البحث في نظرية التطور أصبح متشككا و غير مجاله العلمي ) مع بروفسور النيورولوجي سام هاريس و هو كاتب عدة كتب أكثرها شهرة “رسالة للعالم المسيحي” ( و هو بالمناسبة ظل مدة من حياته ناسكا علي الطريقة البوذية) ، و الطرف الآخر يمثله صاحبنا ديباك شوبرا مع الكاتبة الفيلسوفة جين هوستون٠
و السؤال الذي أود أن يشاركني القراء برأيهم فيه : هل الله لديه مستقبل ؟ أو بمعني آخر هل ستموت الديانات و يصبح الله جزء من الماضي بعد كل المعلومات التي إستقيناها من العلوم و التي فضحت الديانات و كشفت زيفها و زيف الآلهه؟ أو هل ستأخذ الديانات منحي آخر لتواكب المعلومات العلمية الجديدة و تطور فكرة الدين و فكرة الله مثلما فعلت صاحبتي و صاحبي و الكثيرين غيرهم؟
تحياتي
دارون… يرجع من جديد
15 Oct 2009 17 Comments
in athiesm, culture, Education, Politics, Religion, skepticism
كنت قد كتبت موضوعا في السابق ( هنا الرابط ) أتطرق فيه لنظرية النشوء و التطور، و ذكرت به إعجابي الشديد بالعالم دارون. فكيف إستطاع عالم مثله لا يملك من أدوات القياس ما نملك اليوم و ليس بيديه أحافير متنوعة كما لدينا اليوم أن يضع نظرية علمية و بالشرح المفصل في كتاب ” أصل الأنواع” ليشرح الألية التي تقوم عليها نظرية التطور؟ هل كان نبيا مثلا؟
هنالك خطآ شائع بين الناس أن دارون هو صاحب نظرية التطور، و الواقع فدارون ليس أول من يقول بالنظرية فأصل النظرية لها جذور عند الإغريق القدماء، و كانت فكرة معروفه و شائعه و إن لم يكن يؤخذ بها لأنها تعارض قصة أدم و حواء في الكتب “السماوية” الثلاث. و هو حتي لم يكن آخر من ذكره أو بحث به. فالنظرية اليوم هي من المواد الأساسية في كل جامعة علمية محترمه، و إلزامية لطلبة الطب و الصيدلة و البيولوجيا و الجينات و الأجنة و علم الكشف علي المجرمين المسمي بالفورنزك، بل حتي إلزامية لطلبة علم النفس و علم الإجتماع و علم الإنسان (الأنثروبولوجي). فنظرية التطور و التي تدرس اليوم في الجامعات لا تقتصر علي بحوث دارون و لكنها تشمل بحوث علماء آخرون جاءوا بعده و طوروا فيه، و تم تطبيقه في الكثير من مجالات الحياة. فبدون فهم النظرية مثلا لم يكن بإستطاعة العلماء السيطرة علي مرض الإيدز، و هذا مثال بسيط للتطبيق. و لكن عبقرية دارون كانت في تحديد السبب الذي يتطور منه الكائن الحي من نوع إلي آخر، حيث ذكر أن السبب هو الحاجة للتطور من أجل البقاء، سماه “الإختيار الطبيعي”. و فسر أن إختلاف الأنواع ليس بتغير الأصل أو الشجرة بل بإختلاف التنوع أو الفروع
و هنا ألخص أهم ما جاءت به النظرية حسب نظرة دارون في كتابه سابق الذكر في هذه النقاط:٠
١-آصل جميع الكائنات واحد، و هو كالشجرة ذات فروع، و تشكل الفروع جميع الكائنات الحية و الشبه حية كالفيروسات
٢-يتغير النوع بتطوره إلي نوع آخر إذا كان هنالك حاجة إلي التغيير. أي أن البيئة و متطلباتها (إن تغيرت) هي التي تفرض التغيير علي الكائن. و موت نوع معين أو إنقراضه ( أو حتي عضو معين بالجسم) هو بداية النوع الجديد. مثال علي ذلك فقدان الأسماك التي تعيش في كهوف مظلمة في أعماق البحر للعين و تطور أدوات بيولوجية أخري لم تكن موجودة لديها في السابق لتساعدها علي إيجاد قوتها في الظلام الدامس. فالحاجة هنا هي التي فرضت التغيير البيولوجي. فالنظرية تقول آنك عندما لا تحتاج لإستخدام عضو ما فإنه سيختفي مع الزمن، و إذا كنت بحاجة له فسيدوم. و هنا أدخل دارون مصطلحات علمية مثل التأقلم (آدابتيشن) و الطباعه أو التكرار (ميوتيشن) لشرح هذه العملية
٣-التغيير لا يأتي فجأة، بل يأخذ من السنوات الكثير تحسب بالملايين و يكون متدرجا بصورة يصعب معها تحديد الحلقة بين آحد الأنواع و ما تطورت إليه بعد سنوات. فمع أن النظرية كانت دارجة في وقته آلا أنه لم يدخل بها عامل الزمن و لا عامل التغيير التدريجي. و لقد كان ثوماس هكسلي و هو من أشد مؤيدي دارون لدرجة أنه لقب بكلبه الأمين يختلف معه علي هذه النقطة بالذات، و ها هي أردي اليوم تثبت أن دارون كان محقا و هكسلي كان علي خطأ
٤- أقرب فرع لفرع الإنسان هو الشمبانزي
و من الجدير بالذكر هو قول دارون أن ما يقدمه من بحث إنما هو أول السيل و ليس آخر المطاف، بل طالب العلماء بزيادة البحث و من المنطلق الأساسي الذي ذكره في كتابه. كما توقع أن يكون المستقبل أكثر وضوحا عندما تتهيأ السبل من إكتشاف الإحافير و غيرها ( لم يكن علي علم بوقته في علم الجينات التي أعطت لنظريته الدعم الذي لم يتصوره) التي تدعم نظريته
و هنالك خطأ آخر أو إشاعة منتشرة و خصوصا بين مسلمي اليوم أن دارون ذكر أن أصل الإنسان قرد، و في الأغلب أن ذلك منشأه المناظرة الشهيرة في سنه ١٨٦٠ بين الكلب الأمين هكسلي و القس ولبرفورس في المتحف الخاص بجامعة أكسفورد حيث يقال أن القس عاير هكسلي بسؤاله عن ما إذا كان ما إستقاه من معلومات جاءت بواسطة أجداده القردة، فأجابه هكسلي بأنه لا يخجل من كون أجداده قرود و لكنه يخجل أن يكون علي علاقة مع من يملك قدرات (مثل قدرات القس العلمية) و يستخدمها لإخفاء الحقيقة. و مع أن هذه النظرة (علي أن الإنسان أصله قرد) قد إختفت في جدالات المجتمعات الغربية و إستبدل المحافظون مصطلحاتهم بمصطلحات أكثر ذكاء مثل “نظرية الخلق” و ” التصميم الذكي” و مطالباتهم بتدريسها جنبا إلي جنب مع نظرية التطور ( و لم تسمح النظم العلمانية بذلك) ألا أنها لازالت سائدة عند المسلمون، ليس كمفهوم فقط بل كحقيقة و واقع. و منشأ ذلك هو التعليم الفاقد للأمانه العلمية في مجتمعاتنا الإسلامية و يسانده علي ذلك إعلامنا المسيس
ففي الثاني من الشهر الجاري إكتشف العلماء أردي، و أردي هي سيدة من أراضي أثيوبيا تحمل أيدي تشبه الأيدي البشرية و أرجل غريبة، صالحة للمشي علي الأرض و كذلك للتسلق علي الشجر، عمرها حدده علماء الآثار ٤،٤ مليون سنة. و يعتبره الكثيرون من العلماء ، و منهم البيولوجي المعروف ريتشارد داوكنز أنها أحد الحلقات التطورية بين نوع و آخر، و التي طالما نادي بعدم وجودها الخلقيون ( مع وجود السمكة ذات العين الظامرة). ففي الواقع كان يعتقد في الماضي أن لوسي و التي إكتشفت قبل سنوات (و تشبه الإنسان بصوره أكبر) و قدر عمرها ٣.٢ مليون سنه هي من يمثل العصر الذي بدأ المشي علي الإثنين أو بالأحري إنفصال الإنسان و الشامبازي، و سبب الإنفصال فسره علماء التصنيف أن لوسي و جيلها عاش في السافانا حيث العشب الكثيف و قله وجود الأشجار، و لعدم الحاجة للتسلق علي الشجر تطورت الأرجل و إستقام الظهر (البلفيس) و كان النتيجة هي ظهور سلالة الإنسان. و لكن بعد ظهور أردي و شكله الغريب و بعد دراسة البيئة التي نشأت فيها أردي و التي تكثر بها الأشجار تغيرت نظرة علماء التصنيف بالفرع الذي إنفصل فيه الإنسان عن الشامبانزي ليكون أقدم، و كذلك تغير تفسير حاجة هذا التغير و يعتقد أنه لم يكن لإختفاء الأشجار كما كان يعتقد بالسابق و لكنه علي الأرجح كان لجلب الغذاء للأنثي و كسبها. فالكائن الجديد و الذي يمثل أصولنا كان قادرا علي التسلق كما كان قادرا علي المشي علي الإثنين
الخبر كما جاء ت به قناة الجزيرة
الخبر كما جاء بالإعلام الغربي
و رجوعا إلي الإعلام المسيس في الدول الإسلامية عموما و الدول العربية خصوصا فكلنا شهدنا ما قامت به قناة الجزيرة بتدليس لخبر الإكتشاف عندما حرفت كلام العلماء المكتشفين بالترجمة العربية عندما قالت أن إكتشاف أردي كان سببا لسقوط نظرية دارون و أنهم (أي العلماء) ذكروا أن شجرة سلالة الإنسان مختلفة عن شجرة الشمبانزي بينما ذكر العالم أن الفروع و في نفس الشجرة مختلفه، أو بالأحري أقدم. و كذلك ذكرت القناة أن دارون ذكر أن أصل الإنسان قرد و هذا تدليس علي ما قاله دارون أن أصل الكائنات واحد و لم يقل أنه قرد. بل أنها و بكل وقاحة و إنعدام الأمانة العلمية إستضافت زغلول أفندي النجار، صاحب المعجزات العلمية القرآنية، و الجيب المنتفخ من بيع الهرطقات و الأكاذيب العلمية بأموال البترودولار، و هو عالم جيولوجي بالتخصص و عالم دين بالفهلوه حيث ذكر الأتي حسب ما جاء في موقع الجزيرة
“ضربة لنظرية داروين
وعلق الدكتور زغلول النجار أستاذ الجيولوجيا في عدد من الجامعات العربية، بأن الغربيين بدؤوا يعودون إلى صوابهم بعد أن كانوا يتعاملون مع أصل الإنسان من منطلق مادي وإنكار للأديان.
وقال في اتصال مع الجزيرة إن هذا الكشف العلمي الذي وجه ضربة قوية لنظرية داروين يمثل تطورا هاما جدا.
وقال النجار إن حديث الباحثين عن أربعة ملايين سنة أمر مبالغ فيه، متوقعا أن يكون عمر الإنسان على الأرض لا يتعدى أربعمائة ألف سنة تقريبا.”
إذا كان هذا حال علماؤنا الذين يقدمون العلم في “عدد من الجامعات العربية” و هذا حالنا مع الإعلام، فهل هنالك غرابة إن كان الشعب متخلفا؟
و هذا غيض من فيض. فأين الأمانة العلمية لنقل الخبر علي الآقل؟
و لقد أرسلت الرابط الخاص بالجزيرة إلي إبني فسألني: ما هي الغاية يا تري من قيام قناة الجزيرة بتدليس خبر علمي؟ و ما دخل الخبر بالسياسة؟ و بصراحه لا أملك جواب غير أنه تصميم وسائل التعليم و الإعلام علي مكوث المسلمين في دائرة الجهل، فكلما زاد الجهل بالمجتمع زادت سيطرة السياسيين المؤدلجين علي الشعوب. و هذا رأيي الخاص و أترك للقراء الإجابة علي هذا السؤال المحير
ففي الواقع و بالرغم من الحرب الشرسة التي شنها الأصوليون علي دارون حتي بعد موته بقرون، فالتاريخ و البحوث العلمية و المكتشفات الجديدة تفرضه و تفرض نظريته ليكون بالفعل العالم و العلم الأكثر تأثيرا علي البشرية. و هذا ما كان هو يتوقعه. فكثيرا من النظريات النفسية و الإجتماعية التي كانت سائدة بالماضي في السبعينيات و منها نظريات أبو علم النفس الحديث فرويد كلها سقطت عند النظر إليها من خلال عدسة علم التطور الدارويني. و نشأت علوم جديدة علي الساحه منها علم النفس التطوري و علم الإجتماع التطوري. بل ما لا تعرفه العامة أن دارون أيضا كتب في ذلك ضمن كتب أخري مع أنه لم يكن الوحيد و لم تشتهر كتاباته و تعليقاته علي من سموا لاحقا بالداروينزم إلا حديثا
الخبر كما نشرته تايمز أون الاين
الجدال المشهور بجدال أكسفورد لعام ١٨٦٠
موقع الجزيرة و سقوط نظرية دارون
و الرابط الأخير خاص لطلب الغالية الكويت و باللغة العربية
تحياتي
Omar Khayyam, was He an Atheist? a Sufi? Or…
07 Sep 2009 21 Comments
in athiesm, Contemplation, culture, Education, General Poetry, Religion, skepticism
Abu’lfath Umar Ibn Ibrahim Al-khayyami (1048- 1131), known in the West as Omar Khayyam, was born in Nishapur, in Persia to a family of tentmakers and that’s how he got the name “Khayyam”. He was an astronomer, a mathematician and a philosopher in Seljuk Turks era, specifically during Sultan Jalal Al’deen Melikshah I, who summoned him and a number of other astronomers to reform the old calendar and initiate the Jalali calendar that bore his name. He had a lot of contributions in Algebra; mathematics in general and cubic equations in particular, adding to Al-Khwarizmi. *
But Khayyam’s fame with his kin was not for his scientific research, nor was for his philosophy. He was famous for his poetry, especially after his death where a volume of his poetry were divided into individual quatrains and the populous used it as a means to foresee the future, his only competitive rivals in this field were the poems of Hafiz Al-Shirazi and the Koran. And although Islam forbade fortunetelling, we still see it widely practiced even till today. His contributions to science and philosophy was not appreciated till after the West translated his poems to many languages. He was accused of being an atheist during his life, and the Sufis interpreted his poems spiritually defending him as a Sufi philosopher. And he replied to both in these beautiful quatrains that I found published in The portable atheist by Christopher Hitchens, translated by Edward Fitzgerald and modifies by Richard Le Gallienne.
I’m posting these quatrains here, with Arabic translation in The Kuwaiti Liberal Forum (poems included) to give the reader a sense of Khayyam’s philosophy and his perception on life, and leave the judgment to the reader. And please notice how Islamic social life has not changed in about a millennium, as if history had been frozen.
The bird of life is singing on the bough
His two eternal notes of “I and Thou”
O! hearken well, for soon the song sings through
And, would we hear it, we must hear it now
The bird of life is singing in the sun
Short is his song, nor just begun
A call, a trill, a rapture, then-so soon!
A silence, and the song is done-is done
Yea! What is man that deems himself divine?
Man is flagon, and his soul the wine;
Man is read, his soul the sound therein;
Man is the lantern, and his soul the shine
Would you be happy, hearken, then the way
Heeed not TO-MORROW, heed not YESTERDAY
The magic words of life are HERE and NOW
O fools, that after tomorrow stray
Were I a Sultan, say what greater bliss
Were I to summon to my side than this
Dear gleaming face, far brighter than the moon
O love! and this immortalizing kiss
To all of us the thought of heaven is dear
Why not be sure of it and make it here?
No doubt there is a heaven younder too
But ’tis so far away- and you are near
Men talk of heaven- there is no heaven but here
Men talk of hell- there is no hell but here
Men of hereafters talk, and future lives
O love, there is no other life-but here
Gay little moon, that hath not understood!
She claps her hands, and calls the red wine good
O careless and beloved , if she knew
This wine she fancies is my true heart’s blood
Girl, have you any thought what your eyes mean?
You must have stolen them from some dead queen
O little empty laughing soul that sings
And dances tell me- what do your eyes meam?
And all this body of ivory and myrrh
O gard it with some love and care
Know your own wonder, worship it with me
See how I fall before it deep in prayer
Nor idle I who speak it, nor profane
This playful wisdom growing out of pain
How many midnights whitened into morn
before the seeker knew he sought in vain
You want to know the secret-so did I
Low in the dust I sought it, and on high
Sought it in aweful flights from star to star
The Sultan’s watchman of the starry sky
Up up, where Parween hooves stamped heaven’s floor
My soul went knocking at each starry door
Till on the silly top of heaven’s stair
Clear eyed I looked-and laughed- and climbed no more
Of all my seeking this is all my gain:
No agony of any mortal brain
Shall wrest the secret of the life of man;
The search had taught me that the search is vain
Yet sometimes on a sudden all seems clear-
Hush! hush! my soul, the secret draweth near;
Make silence ready for the speech divine-
If heaven should speak, and there be none to hear!
Yea, sometimes on the instance all seems plain,
The simple sun could tell us, or the rain
The world, caught dreaming with a look of heaven
Seems on a sudden tip-toe to explain
Like to a maid who exquisitely turns
A promising face to him who, waiting, burns
In hell to hear her answer-so the world
Tricks all, and hints what no man learns
Look not above, there is no answer there
Pray not, for no one listens to your prayer
NEAR is as near to God as any FAR
And HERE is just the same deceit as THERE
But here are wine and beautiful young girls
Be wise and hide your sorrows in the curls
Dive as you will in life’s mysterious sea
You shall not bring us any better pearls
Allah, perchance, the secret word might spell
If Allah be, He keeps his secret well
What have he hidden, who shall hope to find?
Shall God His secret to a moggot tell?
So since with all my passion and my skill
The world’s mysteries meaning mocks me still
Shall I not piously believe that I
Am kept in darkness by heavenly will?
How sad to be a woman-not to know
Aught of the glory of this breast of snow
All unconcerned to comb this mighty hair
To be a woman and never know
Where I a woman. I would all day long
Sing my own beauty in some holy song
Bend low before it, hushed and half afraid
And say “I am a woman” all day long
The Koran! well , come put me to the test-
a lovely old book in hideous errors drest-
Believe me, I can quote the Koran too
The unbeliever knows his Kuran best
And do you think that unto such as you
A maggot-minded, starved, fanatic crew
God gave the secret, and denied it me?
Well, well, what matters it! believe that too
Old Khayam, say you, is a debauchee;
If only you were half so good as he!
He sins no sins but gentle drunkenness
Great-hearted mirth, and kind adultery
But yours the cold hearted, and the murderous tongues,
The wintry soul that hates to hear a song,
The close-shut fist, mean and measuring eyes,
And all the little poisoned of wrong
So I be written in the book of love,
I have no care about that book above,
Erase my name, or write it, as you please-
So I be written in the book of love.
What care I, love, for what the sufis say?
The sufis are but drunk another way;
So you be druk, it matters not the means,
So you be druk-and glorify your clay
Drunken myself, and with a merry mind,
An old man passed me, all in vine-leaves twined;
I said, “old man, hast thou forgotten God?”
“Go, drink yourself, ” he said, “for God is kind.”
“Did God set the grapes a-growing, do you think,
And at the same time make it sin to drink?
Give thanks to Him who foreordained it thus-
Surely He loves to hear the glasses clink!
From God’s own hands this earthly vessel came,
He, shaped it thus, be it for fame or shame;
If it be fair- to God be all the praise,
If it be foul-to God alone the blame
To me there is much comfort in the thought
That all our agonies can alter nought,
Our lives are written to their latest word,
We but repeat a lesson He hath taught
Our wildest wrong is part of His great Right
Our weakness is the shadow of His might,
Our sins are His, forgiven long ago
To make His mercy more exceeding bright
When first the stars were made and planets seven,
Already was it told of me in Heaven
That God had chosen me to sing His vine,
And in my dust had thrown the vinous leaven
ملاحظة: الترجمة العربية موجودة في المنتدي الليبرالي الكويتي
إضغط هنا
Another One Bites The Dust
19 Jul 2009 12 Comments
in athiesm, Human Rights Watch, islam contradictories, News and Announcements, Politics, Religion
Alrawandi
A free minded blogger, a teacher who has had enough, has finally revealed his true identity and fled the atrocities of the Islamic system of his country; Saudi Arabia.
A revolutionist who has gone astray without prior planning
His book is already circulating the Net
He has much to say to the world
Enough is enough
This is his blog
http://rawndy.blogspot.com
Has the age of enlightenment started in this part of the world?
Or could dictatorship prevail in the twenty-first century?
Alrawandi is a fighter and he chose to single-handedly fight the system his own way.
He may be mad
He may be acid-tongued
He may be gone overboard
But one thing is for sure:
He is freedom fighter
And he deserves our support
For the fight is not only his, even if we did not agree with the means
But, at the end of the day; who are we to judge?
Kudos to Alrawandi
An Update:
Great article by Eman Elbadah
Click Here
English translation*
Why “Alrawandi”?/ Eman Ali Albadah
Sun, July 19, 2009
“Alrawandi” was able in a very short time to enforce himself as one of the most infamous atheist of the Golf region and the whole Arab blogging communities. It is evident from his writings that he is educated, an avid reader, and somewhat learned. But the most distinct feature (in his writing style) is his wrath and disgust with his kin, religion and country in a very peculiar fashion for a young man of his age who has a lot to look forward to.
Alrawandi, in a very strange move, has published his full name, address, photographs of himself and photo copies of his IDs and certificates; (a move) which is considered suicidal in our Islamic World. So what had prompted an educated youth to dwell into dismay and resort to suicide? What is behind his endless wrath and public display of atheism against all what his society is found on?
What pushed him to this limit is – as he explains in detail in his blog- is the social, political and religious hypocrisy ( of a society) that sheds tears on the veils (hijab) of Moslem women in France and Turkey, while misusing and suppressing women publicly in all the Islamic world under a lawful creed umbrella, rant human rights Justus and, at the same time, practice slavery in its most vicious forms under the same umbrella. (Society) that calls for a dialog and tolerance and, at the same time, chases and sues others with different faiths or even different opinions. What pushed him to insanity boarders is the utter silence of the government against the Islamic Fatwas (advisory opinion) that encourages, and militarizes the youth for fighting in Iraq and Afghanistan in their blooming ages.
What made him lose his sanity was the (legal) permission to court an infant, ban alcoholic-based disinfectants in cleaning detergents, and absolve drinking urine. It killed him to see the waste in Arab youths and identities while their sheikhs (clerics) discuss trivialities such as menstruation, post pregnancy, and what invalidates ablution as if they were novelties of the twenty-first century.
Alrawandi, with his own conviction, is alcoholic, and his writing style has surpassed any limits of morality and public properness. But in any case, (Alrawandi) is one of many cases that symbolizes the vast number of his likes, in different age groups, who are prone to self-destruction and slow-pace suicide?
Most of the commentators on his blog are the educated youth, who had the courage to think and search, outside the boundaries of school curriculums and official books. They have queries, comments and opinions that are not very popular, but remain legitimate. On the opposite side there are the grand “ sages” of the nation, ready with mockery, disowning, belittlement and terrorism, (so) nothing was left for them but to disbelieve everything and resort to remorse and suicide.
Thinking (out of the box) is a blessing that caused humanity to evolve; contemplation and criticism are two beneficial traits that broke the barriers of “the shortcoming” of culture. It opened doors for creativity and novelty. (Now) how to deal with these traits is the difference between societies that are destined to evolve and survive, and those that (chose to) eat themselves to extinction. As for the fear over “founding ethics” and “historical facts” (rhetoric), this is nothing but a veil under which terror against renovation and change is concealed. Truth is obvious for any sane person to conceive in his heart before his mind, doesn’t the youth deserve some of our time and tolerance?
* I hope I have Eman’s permission
Recent Comments