داعش…الإبن العاق للإخوان و السلف (2)0

تابع البوست الماضي

ماذا تفعل داعش؟

 

الإسلاميون، و بالأخص الإخوان المسلمون، و هم أكبر حركة إسلامية سياسية و أكثرها تنظيماً، يجيدون الإصطياد بالماء العكر و خطف الثورات. فمن الملاحظ أنهم حصدوا جميع ثورات الربيع العربي لصالحهم. هذه الجماعة و جماعة السلف نجحوا بالسابق في توجيه الرأي العام الإسلامي، و خصوصاً بعد تحالف فروع الإخوان بالخليج مع الحكومات الخليجية و لمدة عقود. هذا التحالف الذي فتح لهم الأبواب على مصراعيها، سواء بالتدخل في المناهج الدراسية و بالمساجد و بالإعلام، لتشكيل الثقافة المجتمعية و الفكر الشمولي الموجه. و هذه الحكومات، و خاصة بالكويت حيث مقر البنك الممول لحركة الإخوان، أغدقت عليهم بأموال البترودولار و أعطت فرعهم بالكويت كل السبل لتكوين جمعياتهم الخيرية دون مراقبه منها. و الجيل الكويتي الذي تربى على يد هؤلاء و إنضم لهم كتحصيل حاصل بعد الإستفادة من خدماتهم، أصبح مدللا بعد التخرج فتبوأ أعلى المناصب و صار عاملاً أساسيا في توجيه سياسة البلد

 

 و بهذا صار الإخوان المسلمون ماردا ضخما رأسه في مصر و مركز تمويله بالكويت، و أعضاؤه منتشرون بكل دول العالم، بما في ذلك أمريكا (المفكر الفرنسي من الأصول المصرية طارق رمضان، الذي ينادي بالإسلام الوسطي هو من الإخوان، و رئيس وزراء تركيا رجب طيب أوردوغان و حزبه من الإخوان و غيرهم كثير). و صاروا هؤلاء الذين يشكلون الصف الثاني للقوة بعد الحكومات بمنطقة الشرق الأوسط متفردين في توجيه الفكر الجماعي و الرأي الشمولي فيها؛ فكان من الطبيعي أن يصعدوا للحكم بالديموقراطية الغربية التي كانوا بالأساس يزدرونها قبل أن يكتشفوا أن بإمكانهم إستغلالها، عند خلع رؤساء هذه الحكومات من قبل شعوبها، و هذا ما حصل في تونس و مصر و كان سيحصل بسوريا و جميع الدول العربية لولا عوامل كثيرة تدخلت لمنع إمتداد الربيع العربي. أي أن الإخوان كانوا قاب قوسين أو أدنى للوصول إلى الخلافة

 

و سر قوة هذه الجماعة هو تنظيمها المعتمد على السرية الشديدة. و هذا التنظيم يشبه تنظيم الماسونية بالقرن الرابع عشر و الذي أساسه يعتمد على تشكيل خلايا صغيرة تعمل بصورة إستقلالية بحيث لا يعرف معظمهم عن أفراد الخلية الأخرى. و حتى لو عرفوا فهم ينكرون أية ولاءات لها. فعلى سبيل المثال؛ لطالما أنكر الإخوان المسلمون بالكويت ولائهم لإخوان مصر، لكن كل أقنعتهم سقطت عندما تخبطوا بعد سقوط مرسي. و كذلك حماس لم تعلن أبداً ولائها الأعمى لإخوان مصر، لكن العالم شهد و بكل إستغراب و دهشة كيف أن أول تشابك لحماس مع إسرائيل تم تسويته و بصورة سلسة خلال عدة أيام فقط من تسلم مرسي لمقاليد الحكم عندما تدخلت مصر للصلح بينهما. و هو الأمر الذي إستساغته أمريكا، ضانة و بكل سذاجة أن المشكلة الأزلية بين الفلسطينيين و الإسرائيليين في طريقها للحل تحت راية الإخوان

 

بإكتسابها  فن الإدارة و التنظيم من الإخوان و القاعدة و وحشية التعامل مع الأعداء من البعث و الدروس المكتسبة من التاريخ الإسلامي في جدوى الإرهاب، و بإستغلالها للشبكات و المواقع الإليكترونية و اليوتوب، تمكنت داعش من الإنتشار الإعلامي و كسب المجاهدين و إنضمامهم لها من كل الدول بما في ذلك الدول الغربية، و زرع الهلع في قلوب كل من تغزوهم معتمدة على قوة الشائعات التي خلقت منه غودزيلا لا ينجو أي من يقف في سبيله. فشعارها هو: إزرع الإرهاب بقلوب الناس كي يسهل عليك السيطرة عليهم. فعلوا ذلك عندما إستولوا على الرقة بسوريا، كما فعلوا في الموصل بالعراق حيث قاموا بقتل أكثر من 1500 شخص و ألقوا المئات من الجثث في نهر دجلة بدون أية مراسيم دفن أسلامية  أو غيرها ثم قاموا بتسجيل كل ذلك على أشرطة الفيدو و نشرها باليوتوب ليدب الخوف في قلوب السكان (و هذا ما فعل جيوش صدام بكل من قاوم من الكويتيين إبان الغزو العراقي، حيث مثلوا بجثثهم و رموها أمام منازل الأهالى كي يزرعوا الخوف بالقلوب، و كما فعلوا بالأكراد عندما رشوا قرى بأكملها بالكيماوي). و هنا سيضطر من لا يشاركهم الدين كالمسيحيين و الأزديين الأكراد أو من لا يشاركهم المذهب كالشيعة و العلويين بالفرار تاركين لهم الأراضي و الحلال. أما العرب السنة من الذين يترجون تعاطف داعش كونها تشاركهم المذهب، فكان نصيبهم الإشتراك ببعض الغنائم أو بالأحرى الأموال المسلوبة في البداية، و مساعدتهم بتنظيف آثار الدمار و حفظ أمن المنطقة لفترة لحين أن يتمكن المفترس من الفريسة قبل أن ينقض عليها هي الأخرى بتطبيق قوانين الشريعة التي بها يفرضون سيطرتهم و يشبعون رغباتهم و يغتنون مستندين على النص القرآني و السنة. و ما فتوى إستباحة فروج نساء المنطقة من قبل المجاهدين شرعيا تحت عذر نكاح الجهاد إلا مثال واحد من عدة

 

 و من الأهمية بمكان هو فهم عقلية من يمثلون داعش، أو من خلق فكرة داعش، و ذلك لكي نعرف كيف نتعامل معهم و نتقي شرهم قبل أن يبسطوا نفوذهم على المنطقة و مقدراتها النفطية و بالتالي على العالم

 

فهناك نقطة جذرية يجب أن تؤخذ بعين الإعتبار، و هي أنه حتى تحت المذهب الواحد توجد إختلافات سياسية عديدة بين الأفراد. فالسنة مثلاً لا يشكلون فريق واحد، بل عدة فرق تشكل داعش واحدة منها فقط. و هي و إن كانت لا تختلف بالأساسيات الدينية لكنها تختلف لدرجة التكفير للغير بما يخص العبادات. و إن وضعنا عامل التنافس على السلطة، و هو العامل الأهم في تفكيك الدولة الإسلامية منذ نشوئها و حتى اليوم، نكون قد عرفنا نقطة ضعف داعش. و عكس ذلك، نجد أن نقطة قوة داعش و غيرها من الحركات السياسية الإسلامية يكمن في إتحادها. و لا يوجد شئ أقوى من خلق العدو الخارجي- حتى لو كان وهمياً- لكي يغض الناس النظرعن وحشية داعش و يوجهوا الأنظار و الجهود نحو العدو الخارجي. فالمثل العربي يقول: أنا و أخي على إبن عمي و أنا و إبن عمي على العدو. فالأمور في المجتمعات القبلية و التي تشكل جذور العرب و يشرعها الدين الإسلامي (في أدبيات “مَثَلُ المؤمنين في تَوَادِّهم وتراحُمهم وتعاطُفهم: مثلُ الجسد، إِذا اشتكى منه عضو: تَدَاعَى له سائرُ الجسد بالسَّهَرِ والحُمِّى ” ) تقاس ليس بمن يشكل الخطر الحقيقي عليها و على مصالحها و أمنها و إستقرارها، و لكن بمدى قرب أو بعد هذا العدو

 

و دعونا الآن ننظر للأحوال العامة للإخوان المسلمين، الأم الشرعية لداعش، في دول منطقة الشرق الأوسط قبل الصراع الإسرائيلي/الفلسطيني الأخير. هذه الفترة كانت من أصعب الفترات التي مرت على الجماعة بالمنطقة: فلقد تمت الثورة على مرسي و إزالته من الحكم في مصر، و ثار الثوار على الحكومة الإخوانية في تركيا، و وضعت جماعات الإخوان في الخليج العربي و بالأخص بالكويت، و الذين يمثلون البئر النفطي الذين، عملياً، هم من يمول كل جماعات الإخوان بالعالم، تحت مراقبة حكومات دول مجلس التعاون الخليجي، و بعضهم تم محاكمته بتهم التخوين في الإمارات. كما تم تجميد بعض مبرات الخير التابعة لهم بالكويت، و هي التي كانوا عن طريقها يمولون الإرهاب لمدة عقود دون أن تتحرك الحكومة الكويتية. و حصل شرخ بين دول مجلس التعاون الخليجي عندما إنقلبت على أحد أعضائها، قطر، و على قناة الجزيرة التابعة رسمياً لحكومتها، و ذلك لدورالأخيرة في دعم ومساندة الإخوان المسلمين. كما إنفصلت داعش إلى خليتين، في سوريا و العراق، تحاربان بعضهما البعض على أحقية كل منهما في منصب الخليفة، بعد أن عين العراقي، أبو بكر البغدادي نفسه خليفة، و أرسل مجاهديه لإبادة أختها حزب النصرة في سوريا، كما تبرأت منها القاعدة بحجة كونها “جماعة تكفيرية” و كأنها هي غير ذلك! و الأهم من ذلك كله أن حماس فقدت التعاطف العربي/الخليجي بعد قتلها الوحشي للمصريين في سيناء قبيل خلع مرسي من الحكم و إنقلاب الشعب المصري عليها كما حصل قبل ذلك بلبنان و العراق و الكويت

 

 

خلاصة الوضع أن هذه الفترة بينت للمسلم المغيب بشعارات “الإسلام هو الحل” خداع الجماعات الإسلامية و إستغلالهم القذر لكل شئ و بالأخص الدين و خطورة تقلدهم للسلطة، و عدم ملائمة الفقه و الشريعة المستنبطة من النص الحرفي، و خصوصاً ما يتعلق منها بشئون المرأة و الرق و معاملة غير المسلمين، لكل زمان

 

شئ واحد فقط بإمكانه توحيد شتات الشارع العربي/الإسلامي ، بمن فيهم الشيعة، مرة أخرى تحت راية الإسلام، كما فطنت حماس، ذراع الإخوان الأيمن، من تجاربها السابقة، و هذا الشيئ هو الحرب المقدسة في فلسطين، حيث وجود العدو التقليدي الخارجي على أراض تعتبر مقدسة لكل الديانات الإبراهيمية. و كل حرب توحيد تاريخية ثبت بالماضي نجاحها عند إثارة النعرة الدينية و خصوصاً إن كان العدو خارجي. فتسمية الحزب بالإخوان لم تأتي عبطاً، و كلما كانت صلة القرابة أكبر كلما زادت العصبية القبلية، و هذه الحقيقة لا تخص الشعوب العربية وحدها، بل هي طبيعة البشر. لكنها تسود بين شعوب و منها الشعوب العربية و تكاد تتنحى بين أخرى. و كل ما كان على حماس فعله هو إثارة هذه النعرة القبلية بالتحرش في إسرائيل، و ذلك لكي تشتت إنتباه الشارع العربي عن الكوارث التي سببها الإسلاميون في العراق و سوريا و تتناسي جراحها من الإخوان المسلمين و حماس بالخصوص، لتركز على موضوع إنساني، لن يتردد أي كان بإعطائه الأولوية، ألا و هو قتل الطفولة، و من يحصد أكثر ضحايا يزيد التعاطف العالمي معه، فكان لابد لحماس أن تتكسب من الوضع القائم بتقديم الأضاحي من أطفال غزة. و هذه ليست المرة الأولى التي تقوم بها الجماعات الإسلامية بإثارة إسرائيل لتشتيت الإنتباه عن بطشهم و زيادة جيوب شيوخ الدين المرتزقة من التابعين لهم بالبترودولار، لكنها حيلة تنجح في كل مرة، و يدفع ثمنها الشعب الفلسطيني البائس و أطفاله في كل مرة، مع أن المسرحية صارت معروفة من كثر التكرار. و هذه هي خطواتها:0

 

 إثارة إسرائيل بصورة أو بأخرى مع علم حماس (و كذلك حزب الله) أن إسرائيل سترد الصاع صاعين

 

إستخدام المدنيين و الشعب الأعزل كدروع بشرية. هذا بالإضافة لكون غزة و الضفة الغربية أصلاً مكثفة بالسكان حيث يقوم الشعب الفلسطيني بالتكاثر من أجل تقديم الضحايا للأرض (هذا ليس تبلي عليهم بل موثق في خطب سياسييهم و تصريحات شعوبهم)، و أية منطقة من مناطقها لن تخلو من المدنيين و العزل

 

نشر صور الضحايا المدنيين (و خصوصاً) الأطفال، كبروباغاندا إعلامية لكسب التعاطف العالمي، و إحراج العرب/المسلمون

 

 ثم الوصول لإتفاق بوقف تراشق النيران من الجهتين بعد ملئ جيوب رؤساء حماس بأموال البترودولار و ذلك عن طريق المبرات الخيرية الشعبية و لي أذرع حكام الخليج

 

و في كل مرة تقع إسرائيل في المصيدة بقيامها بالرد العنيف على كل إثارة من قبل الإسلاميين. و يكسب الشعب الفلسطيني التأييد الشعبي، كما يقوم حكام الخليج بفتح قنواتهم المالية لحماس… إلا هذه المرة

 

فعلى الرغم من نجاح حماس بتجييش الرفض العالمي ضد وحشية الرد الإسرائيلي و كسب التعاطف الإعلامي لمدنيي و أطفال غزة، و كسب تأييد المذاهب الإسلامية المختلفة لها، لكن الشارع العربي الذي تعود على حيل الإخوان بدا متناقض المشاعر حيال غزة هذه المرة، و خصوصاً في مصر و العراق و سوريا و دول الخليج العربي. فشعوب هذه الدول هم أكثر من إكتوى بنار الإخوان، و يعرفون تماما كيف تتحايل حماس و بكل الطرق لتحرج حكومات و شعوب المنطقة و تلوى أذرعتهم، ليس من أجل الأرض المقدسة و لا من أجل الأرواح البريئة التي تتسبب هي بقتلها قبل غيرها، بل لتملئ جيوب كبار شيوخ الإخوان بالأموال بعد أن تجبر حكام المنطقة على ذلك عندما تضعهم بموقف محرج. لكن حماس لم تحسب أن ردة الفعل هذه المرة ستكون مختلفة، و هذه الردة العكسية تجلت و بصورة واضحة بخطاب الملك عبدالله، ملك المملكة العربية السعودية، بأواخر رمضان 2014 و في عز الصراع الإسرائيلي/ الفلسطيني. فالملك أدان فعل الإسلاميين و وصمهم بالعار على الإسلام، و عكس ما كان متوقعا، لم يذكر إسم إسرائيل أو حماس بخطابه و لا حتى بالإشارة، على الرغم من كون الصراع الأخير و أطفال غزة شكلوا الحيز الأكبر من الإعلام العالمي وقتها. فالملك لابد أنه تعلم أن ما تحاول حماس عملة هو بتحييد الأنظار عن وحشية أختها داعش و إعادة كسب الثقة بالإسلاميين و خصوصاً بعد تبري الإخوان منهم،و لابد أن ذلك شكل خيبة أمل شديدة للإخوان و الذين كانوا يتوسمون إعادة الثقة بهم عن طريق حماس، لكن الملك لم يكن الوحيد الذي قال “لا” للإخوان، فهناك أيضا مصر، و رئيسها السيسي الذي لم يتحرك قيد إنملة تحت الضغط العالمي عليه، و لم يفتح رفح للجوء المدنيين، بل و الأدهى من ذلك رفض حتى الدخول بأية تسوية تكون حماس أحد أطرافها

 

و بنفس الوقت واصلت كل من داعش السورية و العراقية أطماعهما التوسعية، غير مبالية بحماس و الإخوان فدب الرعب في قلب جماعة الإخوان المسلمين لخوفهما من إنقلاب السحر على الساحر. فصارت تركيا و التي كانت تغض الطرف عن داعش و تعارض التدخل الأجنبي بالمنطقة، تعاتب أمريكا على سكوتها. و كذلك فعلت قناة الجزيرة، و هي التي كانت أول من صلبت حكام دول الخليج و شعوبها و وصمتهم بأقبح صفات الخيانة و العهر لإستعانتهم بأمريكا في حرب تحرير الكويت!0

 

هنالك درس تاريخي واحد على الأقل ممكن أن نستنتجه من كل ما سبق و هذا الدرس يتمثل في ترك الجماعات الإسلامية لمواجهة بعضها البعض و عدم التدخل المباشر من قبل الدول الغربية في شئونها الداخلية. فهذه الجماعات يميزها الحقد و الكره التاريخي بينها، و إن تركت في مواجهة بعضها البعض فهي حتماً ستشتت بحروب إبادة، قد تطول لمدة سنوات لكن بالآخر سيصل شعوبها إلى القناعة بالعلمانية و الديموقراطية المبنية على الأساس العلماني في عدم السماح للدين و شيوخه بالتدخل في شئون الدولة السياسية و الإجتماعية و الإعلامية و التربوية و سيفقه الشارع أهمية وضع الرجل المناسب في المكان المناسب للوصول إلى العدالة الإجتماعية التي تحفظ حقوق المواطنين بغض النظر عن ديانتهم أو إثنيتهم أو جنسهم. فهذه المبادئ لا تلقن من الغير و لا يمكن للغرب، و الذي تعلمها بعد تجربة حروب دينية دموية قاسية دامت أكثر من ثلاثون سنة، أن يفرضها على المنطقة. فها هي الديموقراطية تفشل في كل من فلسطين و العراق و مصر عندما فرضها الغرب بسبب قصر النظر الشعبي لخطورتها عندما تطبق على أسس غير علمانية. الديمقراطية العلمانية تكون بعدم السماح للأحزاب الدينية بالإشتراك بالسياسة، فمكان شيوخ الدين هو المسجد و المعبد و الكنيسة و ليس الحكومة و المدارس الحكومية و وسائل الإعلام الرسمى، كما أن مكان الطبيب هو المستشفى و ليس كراجات السيارات. و البرمجة الدينية في الوقت الحالي هي الطاغية على العقلية الحالية لهذه الشعوب العربية و ذلك لسيطرة الإسلاميين على الفكر الشمولي للشارع، و أيه فرصة للإختيار الديموقراطي سيكون منحازا بطبيعته لرجال الدين لكونهم يمثلون كلمة الله في مقابل كلمة البشر، و طبيعي أن تكون كلمة الله هي العليا، و الأخطر من ذلك كله هو إدراك الغرب أن أي تدخل خارجي له ردة عكسية عليها متمثلة بإتحاد جميع هذه القوى ضد العدو الخارجي و هذا سيشكل وبالا على شعوب المنطقة على المدى البعيد

 

الديموقراطية و العلمانية أمور تكتسب و تغرس كقناعات و لا توهب و لا تفرض من قبل الغير، و إلا فإنها ستشكل قوى تُسْتَغَل، كما تُسْتَغَل النصوص الدينية، في القضاء على نفسها بنفسها، و ستظل المنطقة تدور في دائرة العسكر و الحرامية و يتوارثها الدكتاتوريون سواء لبسوا البدلة المدنية أو العسكرية أو العمامة الدينية. الدولة المدنية تحتاج لإدارة مدنية علمانية مبنية على أسس الإدارة الحديثة المستقاة من تجارب البشر و ليس “بالفهلوة و لي الذراع” و لا بنصوص بالية، و إن كانت صالحة لزمنها، و على دستور علماني أساسه العدالة الإجتماعية يضعه الشعب بنفسه معتمداً على كل التجارب الإنسانية و ليس مفصلاً على دين أو إثنية أو مذهب. فالإنسان هو الإنسان أينما كان. و حتى تفهم الشعوب المنكوبة معنى ذلك فعليها أولاً أن تكتوي بنار الجماعات الإسلامية بالتجربة و الحروب و التضحيات فتغير الخطاب الديني عندما تقتنع بعدم جدوي الإعتماد على النصوص الدينية حرفياً و الإصرار على تطبيقها و فرضها في القرن الواحد و العشرين، لا بالسياسة و لا بالإعلام الموجه و لا بالمناهج الدراسية

إنتهى

داعش…الإبن العاق للإخوان و السلف (1)0

 داعش هو تصغير لإسم الدولة الإسلامية في العراق و الشام. و الشام هو إسم كان يطلق قديما على سوريا و لبنان و إسرائيل/فلسطين  و الأردن و قبرص. أما حاليا فهو يطلق على سوريا فقط. 0

من هي داعش؟

داعش عبارة عن جماعتين من الطائفة السنية التكفيرية، إنفصلتا عن أمهما القاعدة بعد قيام الحرب الأهلية بسوريا و إنتشار الفوضى التي تلتها، و شكلتا بإتحادهما قوة واحدة يجمعها أيديولوجية فكرية أساسها التمسك الحرفي بالنص الديني و   هدفها إعادة تكوين الخلافة الإسلامية و نظام الإمبراطوريات البائدة و من ثم السير على نهج السلف في غزو العالم إستكمالاً لل “الفتوحات الإسلامية” لنشر الدين الإسلامي بالسيف و الإرهاب.0

فمنذ أنحلال الإمبراطورية العثمانية في 1923 و تقسيمها برسم الحدود لدويلات أصغر من قبل الإمبريالية العالمية و وضع قوانين المواطنة لكل منها بعد أن كان أغلبها أرض واحدة تشمل قبائل لها كامل حرية التنقل فيما بينها، تاقت الشعوب العربية و الإسلامية و كذلك سياسيو المنطقة الطامعون بالسلطة لإعادة الإمبراطورية تحت راية قومية تجمع شعوبها، مستغلة كل فرصة لتكوين قوى عظمى. و خلال هذه المحاولات ظهرت على السطح أكبر أيديولوجيتين على مستوى المنطقة، أحدها كانت القومية العربية، و هي حركة تنادي بالوحدة للشعوب التي يتكلم سكانها اللغة العربية من شمال أفريقيا و غرب أسيا، و المحيط الأطلسي إلى بحر العرب. هذه الحركة كسبت تأيداً شعبيا بصورة فاقت كل التوقعات في خمسينيات و ستينيات القرن الماضي بين العرب. و الحركة الآخرى كانت حركة الإخوان المسلمون، و هي حركة سياسية دينية ذات إدارة ماسونية سرية، لم يكن لها بالبداية نفس تأثير القوميون بالشعوب العربية، مع أنها ظهرت قبلها في عام 1928

 

و ظهر بالأفق أيضاً عدة حركات  أخرى أصغر بالمقارنة و أكثر محدودية. أحدها حركة أو حزب البعث العربي الإشتراكي، الذي تأسس في 1947 على يد ميشيل عفلق و صلاح الدين البيطارتحت شعار أمة عربية واحدة ذات رسالة خالده و تحت أهداف تتركز في “وحدة، حرية إشتراكية” و كانت حركة تجسد الوحدة العربية و التحرر من الإستعمار و الإمبريالية. لكن هذا الحزب لم يكن له أن ينتشر خارج حدود العراق و سوريا، و خصوصاً لكونه تميز بالطريقة الوحشية بالتعامل مع أعدائه، و تاريخه فائض بالإغتيالات الدموية السياسية. و الحركة الأخرى كانت الحركة الوهابية (معروفين كذلك بالسلفية)، و هي حركة راديكالية تتقيد بالنص القرآني الحرفي و تفسير إبن تيمية (1263-1328) . قامت على يد الجهادي المتطرف محمد عبدالوهاب في القرن الثامن عشر، و الذي كان يريد من خلالها توحيد المسلمين و إرجاع الخلافة الإسلامية و فرض المذهب السلفي بإبادة كل من يخالفها. لكن عندما لم يكتب للحركة الإنتشار ظلت محدودة بجزيرة العرب، و خصوصاً بعد تحالف محمد عبدالوهاب و محمد بن سعود، أول ملك للعربية السعودية، على أن يفرض عبدالوهاب الفقه الحنبلي و طريق السلف في التخلص من البدع و الخرافات (كل ما هو حديث بالمجتمع) و نبذ الشرك في مقابل أن يستمر الملك في ذرية بن سعود. و نتج عن هذا التحالف ميلاد الدولة الملكية بجزيرة العرب و تم تسميتها بإسم عائلة بني سعود.0

 

كل هذه الأيديولوجيات حملت كرها طبيعيا للإستعمار و الإمبريالية، و لاحقا للرأسمالية. أو بمعنى أخر، كل ما يمثله العالم الغربي. و مع أفول نجم القومية العربية التي لم يكتب لها الإستمرار طويلا، و خصوصاً بعد الغزوالعراقي للكويت و إنقسام الشارع العربي، إزدهرت الحركة الإسلامية، و الأسباب كثيرة، لكن ما يهمنا هنا هو سبب جوهري يتلخص في تحالف حكام الدول النفطية مع الإسلاميين، ليس بسبب ورع هؤلاء الحكام، لكن خوفاً على مراكزهم من المد العربي القومي. فالإسلاميين كانوا وسيلة هؤلاء الحكام لوقف المد القومي، لأنهم يعلمون بأن الأيديولوجية لا تحارب إلا بالأيديولوجية. و هذا التحالف ظهر واضحاً عندما حضنت الحكومات الخليجية فوج من الإخوان المسلمين المطرودين من مصر بعهد الرئيس جمال عبدالناصر الذي أراد أن يتخلص من منافسيه فحاربهم بشراسة، فقتل البعض و ألقى بالبعض في السجون و لاذ البعض الآخر بالفرار. هذه الحكومات و بأمر من حكامها لم تكتفي بإعطاء الإخوان المسلمين المال و المأوى، بل فتحت لهم كل مؤسسات الدولة التعليمية و التثقيفية و المالية و الوقفية بدون رقابة. فكبروا و كونوا قوة الصف الثاني بهذه البلاد، تنافس قوة التجار فيها

 

لكن لحين قيام الحرب الأفغانية ضد الإتحاد السوفييتي، ظلت قوة الإسلاميون بالمنطقة من الإخوان المسلمين، و الوهابيين تحت السيطرة، و خصوصاً لأن الفريقان يعتبران أنفسهما متنافسين تقليديين من حيث الأيديولوجية الدينية السنية. و لو تركا لوحدهما لفتكا ببعضهما البعض. لكن الحرب في أفغانستان وحدتهما تحت راية واحدة ضد عدو مشترك لاشك لديهم في كفره. فإجتمع الإخواني أيمن الظواهري مع الوهابي أسامة بن لادن و شكلا قوة قامت أمريكا بتسليحها و تدريبها، و الدول الخليجية بتمويلها، و جميع العرب و المسلمون شاركوا بالمجاهدين

 

هنالك مثل يقول بأن العدو الذكي خير من الصديق الغبي. و عندما قامت أمريكا بإستغلال الشعوب الإسلامية للعب دور البروكسي بين القوتين العظمتين وقتها، و جهزت المجاهدين من العرب و المسلمين بمساعدة من حكام الخليج و تبرعات الأهالي للحرب على روسيا الكافرة بأفغانستان، لم تكن أمريكا و الحكام العرب و لا حتى الشعوب المسالمة يدركون أنهم بفعلتهم تلك إنما يخلقون فرانكنشتاين الذي سيرجع عليهم بالخراب و الدمار. فلأول مرة بالتاريخ الإسلامي تتحد جبهتا الإخوان المسلمون و الوهابيون أمام عدو خارجي مشترك، و تحاربان جنباً إلى جنب كمجاهدين، يملكون القوة و المال و العتد و العتاد و يتمتعون بالتأييد العالمي. فإذا كان بإمكان هذه القوة المستحدثة بأن تهدم هيكل الإتحاد السوفييتي و تحوله إلى دويلات في عام 1991، فما الذي سيمنعها من بلوغ حلمها في إرجاع الخلافة الإسلامية و خصوصا بعد أن حصلت على العذر الشرعي من نصوص الدين الإسلامي لمحاربة الغرب و حكام الدول النفطية عندما سمحت الأخيرة بإقامة القواعد الأجنبية على أرض الجزيرة العربية في حرب الخليج الأولى لتحرير الكويت ؟

 

هؤلاء المجاهدون المجهزون إتحدوا مرة أخرى على محاربة الغرب الكافر المتمثل بأمريكا، و التي صارت هي القوة العظمى الوحيدة العائقة لبلوغهم الخلافة الإسلامية، و ذلك بعد رجوع بعضهم لبلدانهم الأصلية و تكوين الخلايا المحلية على نهج السياسة الإخوانية و هجرة البعض الآخر للدول الغربية التي أعطتهم لجوءاً سياسياً و معونات إجتماعية بعد أن لفضتهم دولهم الأصلية خوفاً من تطرفهم، و فتح لهم ملك السعودية المدارس و المساجد بالدول الغربية ليشغلهم بالوعظ و يكفي نفسه و بلادة من شرهم، فقاموا بدورهم بتشكيل خلاياهم. و بهذا الإتحاد تم الإيذان بميلاد القاعدة، بإدارة إخوانية و فكر وهابي سلفي متمثلاً بشخصية أيمن الظواهري و بن لادن. هذه القوة صار رأسها في أفغانستان و باكستان و خلاياها في جميع الدول العربية والإسلامية و الغربية (الشباب في الصومال، بوكوحرام في نيجيريا، النصرة في سوريا كلها أمثلة لهذه الخلايا). و زاد قوة هذه الخلايا، خصوصاً بعد نهاية حرب الخليج الثانية لإنضمام أفراد من مسلمي جيش صدام البعثي السنى المنهزم للقاعدة. فجيش صدام الذي كان قوامة 100 ألف جندي وجد نفسه فجأة بلا عمل و لا مأوى بعد ثمان سنوات من الحرب العراقية/الإيرانية و إحتلال الكويت، فكان من السهل على القاعدة أن يستدرج السنة منهم لصفوفه و يساعدهم في إستعادة السلطة بالعراق بعد تفرد الشيعة بالحكم، و رد الصاع صاعين للغرب الذي شردهم، و كانت الفرصة مواتية، و خصوصاً بعد قيام الحرب الأهلية في سوريا و إنظمام بعض سوريي القاعدة التابعين للخلية العراقية في سلك المجاهدين بخلية النصرة التابعة للقاعدة ضد الثوار في سوريا و ضد العلويين

 

و بيئة الفوضى في سوريا هيئت لتشكيل داعش لطمع أفراد الخليتين بالإستفراد بالسلطة و الإستغناء عن القاعدة بعد حصولهم على القوة بالإستيلاء على الرقة و تحويلها عاصمة للدولة الإسلامية و بنهب الأموال من الموصل و التي بلغت أكثر من 500 مليون دينار . و مما ساعد على هذا الإتحاد هو كون الخلية العراقية و الخلية السورية تشتركان طبيعيا بجذور الأيديولوجية البعثية و طريقتها الدموية في التخلص من أعدائها. و عندما أحست داعش بالإكتفاء الذاتي قامت بالإنفصال عن القاعدة لتشكل قوة جديدة تستغل الدين و تعاليم الشريعة على النهج الحنبلي لتستعبد الشعوب و تغيبها لكي تستحوذ على السلطة و تبدأ منها إمبراطوريتها، متخذه لنفسها إسم داعش، و مؤخراً: الدولة الإسلامية فقط. فالهدف بالنهاية لم يكن توحيد العراق و الشام بل الإستفراد بالسلطة و إعادة الخلافة الإسلامية و جمع كل دول العالم تحت راية الخليفة السلطان

لماذا نجحت هذه الحركات؟

اليوم نرى أعلام داعش تملأ الشوارع في كل بلاد العالم، و شارات رابعة التي تمثل الإخوان المسلمين بمصر يكاد لا يخلو منها موقع بالنت، و لازالت صور صدام حسين ترتفع في بعض المظاهرات و قبلها صور جمال عبدالناصر و عبدالكريم قاسم، فما الذي يعطي هذه الرموز القوة الجماهيرية الشعبية مع أن الأغلبية يعلمون أن غالبية هؤلاء إستغلوا الإنتماء القومي و الديني الطبيعي عند الأفراد ليحققوا  أجندات سياسية و مالية؟

 

هناك عدة أسباب بنظري، و أحد هذه الأسباب و قد يكون أهمها هو أن الشعب الإسلامي و العربي يتميز بالثقافة التوتاليتيرية المكتسبة على مدى عقود، بالأخص من الدين الإسلامي المستند على الثقافة البدوية. و التاريخ الدموي، سواء كان ذلك بفترة الفتوحات الإسلامية أو الإستعمار صقل هذه الثقافة و أكسب المسلمون جلفة غير طبيعية و لا إنسانية (مثال ذلك ترفع الإعلام الغربي عن نشر صور الجثث بينما يعج الإعلام الإسلامي بها). فأصبحت مفاهيم مثل الفردية تخيف أغلبية من يعيشون بهذه المجتمعات، و حرية الفكر يعتبر كفر، و الحرية بصورة عامة مصطلح له تعريف يختلف عن المفهوم العالمي، فيعتبره البعض فلتان و كسر القوانين. بل أن الرأي الشخصي أصبح خيانه و خروج عن الملة. أما الحقوق الإنسانية و التي حارب الغرب سنينا طوال لكي يكتسبها، و تبنتها أغلب دول العالم، فعند المسلمين معكوسة بمفاهيمها بصورة حدث و لا حرج؛ فسلب المرأة لحقوقها كإنسان و ليس كمواطن درجة ثانية تحت قوانين دولة الشريعة الإسلامية صار تكريم لها، و التضحية بالدنيا من أجل وعد بحياة أخرى صار نبلاً و شهامة، و قتل النفس في سبيل قطعة أرض صار شهادة و مروءة و الأمثلة لا تعد و لا تحصى

 

تعاليم الدين و التاريخ الدموي صنعت من هذه الشعوب أفراد تعيسة لدرجة الملل، أستغلالية لدرجة الرهبة، يسود بينها ثقافة الموت و تعتبره فضيلة، تتوالد و تتكاثرفي سبيل التضحية كدروع بشرية يستغلها المرتزقة من شيوخ الدين في نمو ثرواتهم و بسط سيطرتهم، و لا يحركها صور الجثث إلا إذا كان القاتل عدو خارجي، بل عندئذٍ لا تتوانى في نشر هذه الصور المفزعة للكسب الإعلامي. هذه الشعوب يلعب بها و يستغلها و يوجهها كل من لديه حيلة، و خصوصاً إن كانت دينية. و يحركها صورة البطل المنقذ فتصنع من الإرهابي ليس فقط بطلاً مغواراً بل رمزاً و صنماً. و المرتزقه يعرفون جيداً من أين تؤكل الكتف، و لا عجب عندئذ إن تحول الفاسق-بالمفهوم الإسلامي للفسوق-أبو بكر البغدادي، البعثي سابقاً، إلى خليفة للمسلمين، يمجده أتباعه و يعتبرونه المنقذ. كل ما كان عليه أن يفعله هو تربية لحية و لبس جبة و الصعود على المنبر تحت راية لا إلاه إلا الله حتى يقنع الآخرين بضرورة الإنحناء تحت جبته، لأنه يتحدث بإسم الله، و هم عبيد الله

يتبع

أين الوحدة الوطنية؟

يصرخ بأعلى صوته لا للزبانيه

يرعد و يزبد و هو بالكاد نابت

“لن نسمح لك” تقطع أمانيَ

من عهد أجداد أجدادنا كانت

يقول لست للشخوص فداوية

و إنما للمبادئ و الثوابت

و هو يردد كالقطيع وراء الغاوية

شعارات لا يعرف كنهها الشامت

عجبى كيف يسلك طريق الهاوية

و يصبح مثلاً للآمال خابت

تحركه أيادي لا يعرف من هيَ

يفزع لها و هو متعانت

غر تغرر بالأقوال الواهية

و بشعارات من كذبها بانت

 لله درك كم ذقت الهوانيَ

من شر أبناؤك يا بلدة إنهانت

أين الكويت من حكم الطاغية؟

أوليس الدستور ميثاق بيننا ثابت؟

 فكيف يرفع شعار القوانين الآنية

من يكسرها بكل مسيرة قامت

من نصف قرن و نحن ننبذ الكراهية

بين الحضر و العجم و بدو المنابت

فماذا جرى لأجيال بالطائفية لاهية؟

و ماذا تركنا لمستقبلهم القامِت؟

أين صوت العقل بين الصراخات المدوية

أين أيادي في عز الغزو الصدامي تكاتفت؟

أين هي الخراز و بقية الأصوات الحانية

و أصداء “يا لالي لالي” علينا تنادت؟

Aside

نعم سنكون ملكيين أكثر من الملك

ضحكوا علينا و قالوا “حكومة شعبية” و “برلمان كامل الدسم” برئيس وزراء شعبي. لم يعجبهم ناصر المحمد رئيس الوزراء السابق و عذرناهم. فجرائم الفساد التي إتهموه بها “ما تشيلها البعارين” مع أنه و حتى هذه الساعة لم يتم إثبات أي منها! هذا مع العلم أنهم حولوا مجلس الأمة إلى مبنى التحقيقات لهذه القضية بالذات و لدى ضميرأمتهم الأدلة القاطعة كما يدعي! فكيف لو لم يملكوا الأدلة و لا سبل التحقيق؟ 0

ضمير أمتهم يلقي بالإتهامات جزافا و يتحصن بعضوية المجلس و نواب -العرائس المتحركة- أو بفداوية عدد أكثر من ثلاثين ألف ناخب سيشمرون الأيادي للدفاع عنه بالقوة الجسدية و القلمية (بما في ذلك الكاتبشية و من يدعون الليبرالية من جماعة الأوه لا لا و الذين صار فيهم هوس من ناصر المحمد و ليس لهم سيرة يكتبون بها إلا هو) و مع ذلك عذرناهم. و أتوا -الجماعة إياها- برئيس وزراء على كيف كيفهم. لا يتحركون شبر إلا سايرهم. و لا يأمرون أمر إلا قال لهم :واجب..مطاع. فجابر الحمد شخصية مسالمة أكثر من اللازم-برأيي- و قد يكون ذلك حكمة منه فأنا لا أعلم. لكن الحاصل أن – بنظري- أصبح أداة سهلة بأيديهم. و لكن الأمور تطورت, فحتى هذا لا يعجبهم, فقاموا بتطيير وزرائه واحدا تلو الآخر و فرضوا عليه شروط تبديل هؤلاء الوزراء بآخرين منهم, و كأن كل الشعب الكويتي فاسد إن لم يكن ينتمي لحزبهم.0

و بدون الدخول في تصريحاتهم العنصرية و الطائفية و الإقصائية لكل أفراد الشعب ممن لا ينتمي لهم و لدينهم و طائفتهم فحتى مطالبهم أحدثت حزازات. كذبوا عندما إتهموا الحكومة وحدها بإختلاقها هذه الحزازيات. فهم شركاء في كل ما يصيب البلد. و هم لا يريدون الإصلاح و لا الدستور و لا القوانين حتى لو كانت جملهم الغوغائية تتقطر زورا بها. فها هو دكتاتور- قصدي دكتور- القانون يلقي بالجمل القانونية الكبيرة و المصطلحات في التويتر ليثقف الشعب بالشئون القانونية و كيف يجعلها مطية, يستغلها عندما تخدمة . و يخرق القوانين و يحرض الشعب على كسرها و ينعت من لا يروقه بالكلاب عندما لا تكون  القوانين بصالحه.0

أتذكر أن أحد المواضيع الأخيرة في مجلس 2009 كان إقتراح من العضوين عادل الصرعاوي و حسن جوهر بانتداب أعضاء من مجلس الأمة لكشف حسابات الاعضاء كلهم بلا استثناء في البنك المركزي. لكننا تفاجأنا بأن الأغلبية إياها و التي أعيد أنتخابها في مجلس 2012 لم تحضر الى الجلسه وتصوت عليه مع أهمية ذلك و مواءمته لما كانوا هم ينادون به من كشف الذمة المالية- شخباره- و إتهام بعض النواب بالرشوة. و هذا كان من شأنه أن يرفع الحاجب إستغرابا لهذا التصرف الأخرق, لكنهم لم يسمحوا للشعب بالتنفس فصعدوا الخلافات الجزئية و جعلوا منها مصائب مركزة بشخص ناصر المحمد و حشدوا فداويتهم بساحة الإرادة لكي…يضيعوا الصقلة! و تم لهم ما أرادوا و ضاع الموضوع بالمعمعة. و حتى بعد أن تم لهم إكتساح مجلس 2012 بأغلبية لم يكونوا ليحلموا بها, تناسوا القبيضة و لا كأنهم توعدوا بالويل و الثبور و عظائم الأمور, فقط من بضع أشهر ماضية.0

اليوم هم يجتمعون في ديوانية رئيسهم الصوري متحدين المرسوم الأميري بتعطيل الجلسات لمدة شهر. و يرسلون فداويتهم لساحة الإرادة للإحتجاج على حكم المحكمة الدستورية. فإن كان هذا شأنهم و هم أهل الرأي و المشورة و القانون, فكيف سيكون حال الشعب؟ أو هل هم أعلى من القوانين التي يشرعونها؟ هل الناس عبيد مثلا و هم الأسياد؟

حكومة شعبية و رئيس وزراء شعبي , أو حكم ملكي- أميري-دستوري شيئ جميل, لا أحد ينكر ذلك. على شرط أن يكون الدستور علماني لا يفرق بين المواطنين و طوائفهم و إثنياتهم و أصولهم و فروعهم, و ليس كما هو دستورنا الكويتي- نصف كم – و منحاز للطائفة السنية في تشريع القوانين.0

الشعبي في البرلمان لا يقبل إلا بكل الكيكة و رأينا كيف كان يستهزئ و بكل وقاحة و بذاءة لسان من الأقلية. فكان نموذج صادق لحقيقتهم بعيدا عن الخطب الرنانة. الرئيس الشعبي يقصد به من هو مناصر لهم. و مثلما ” إرتفع سقف متطلباتهم” بعد تغيير رئيس الوزراء السابق و حل المجلس الحالي سيرتفع سقفهم بالتفرد بالحكم. فإذا هم الآن نافخي ريشهم على كل من يخالفهم و يطعنون الناس و يتهمونهم بالخيانة و حتى التكفير فكيف سيكون حالهم إن تسيدوا و طيحوا بحكم الصباح؟

الكويت غير مستعدة اليوم لهذا الرئيس الشعبي. فنحن بحاجة لتغيير ثقافة الشعب و عقليته الجمعية أولا لكي يعرف قيمة الإختلاف و يحترمها و من يمثل الشعبي اليوم ليس شعبيا بمعناه العام المختلط, لكنه طائفي إقصائي متأسلم و كاره لكل من يخالفه. حاقد على الغني لأنه أغنى منه و هو يريد نصيب أكبر. و حاقد على آل الصباح لأنه يريد الحكم بدلا عنهم و بنفس النظام العشائري. و لذا فهاهم جوقة الشعبي ينتشرون في الصحافة و الشبكة العنكبوتية يهددون و يتوعدون. لكني أقول لهم نصيحة:0

إتق شرالحليم إذا غضب. فحتى الآن لم يقل الشعب كلمته يا…شعبي.0

وا بحريناااااااه

وصلتني بعض الرسائل من الأصدقاء الكويتيين و البحرينيين و من قراء مدونتي الأعزاء و بعضهم من المدونين، يطلبون مني أن أكتب رأيي بصراحة عن البحرين. و لقد كنت أصبت كما أصيب غيري بصاعقة من الأعصار الثوري الذي إجتاح الدول العربية بنهاية سنة ٢٠١٠  فأصابني  بحالة من الذهول و الشلل الذهني . ففي مدة قصيرة من الزمن لا تتعدى الشهور حدثت أحداث تاريخية عظيمة غير متوقعة بتاتا.  الأمل و الخوف تآمرا علي و زادا دقات قلبي في أذني، تاريكين فكري متزعزعا متشوشا مترددا، غير قابل للنشر. و لذلك حبذت التريث حتي يتبين لي الخيط الأبيض من الأسود أو علي الأقل يكاد. و عدا عن تغريد هنا في التويتر و جملة هناك في الفيسبوك فأنا لم أكتب شيئا عن هذا الموضوع٠

فهذه الثورات فاقت كل التصورات، كونها كانت شبابية القيادة ، سلمية الإسلوب ، إنترنتيه المنشأ، عالمية الإعلام و إقتصادية الغاية في كونها جميعا قائمة لتحسين الوضع المعيشي للأيدي العاملة من الشعب. أي كانت ثورة الخبز، جمعت بين كل فئات الشعب وطوائفه و ألغت حكومات أوتوقراطية و حكام دكتاتوريون دون أن تتفق ، أو حتى أن يهمها من سيكون البديل . ناثرة الياسمين في تونس بعد أن تطوع البوعزيزي بأن يكون هو عود الثقاب المشعل لها لتمتد بسرعة جنونية و تلتهم كل تونس، باعثة النداء لشباب  اللوتس في مصر و التي بدورها إستجابت للنداء بسرعة أكبر. ظهر بصورة عامة فيها الفرق بين فئتين في كل هذه الشعوب: فئة المخربين الذين هم مستفيدين من الوضع الراهن و منهم بقايا الحكومات المتهاوية، أو من سموا بالبلطجية. و فئة أخرى بلغت درجات من الرقي الخلقي في إصرارها أن تكون المظاهرات راقية، و لا أدل على ذلك من قيام الثوار بتنظيف الشوارع بعد ركود بركان الثورة في ساحة التحرير بمصر. بالفعل شيء يدعو للإحترام و التقدير. أتى بصدى طيب على مستوى جميع دول العالم، بعد أن صارت الشعوب العربية الإسلامية تشتهر بفضل السفهاء منهم بكونهم عرب جلفين و همج. و هذا كان السر في نجاح الثورتين، كما كان الإصرار و السلم هو سر نجاح غاندي في إسقاط التاج الإنجليزي في الهند٠

و لكن الثورات لم تبتديء في تونس و مصر و لم تنتهي في إسقاط رئيس هنا أو كش ملك هناك. فكما ذكرت الشبيبة الثائرون لا يملكون البديل. البديل يملكه المفكرون المخططون حكماء الأمة. و الخوف كل الخوف أن ينجرف الشباب في الإتجاه الخاطيء، فيستخدمهم المستغلون للتقاتل و التناحر، و حتي في الحروب الأهلية كما يحدث في ليبيا و كذلك سيحدث في البحرين، و قد تجر دول أخرى في حروب أهليه في كل منطقة الخليج إذا لم نستمع إلى صوت العقل، و لم نقل للسفهاء منا سلاما. و هذا هو دور المفكرين، العلمانيين منهم على وجه الخصوص ممن لا ينحازون لتلك الديانة و لا لتلك الطائفة و لكنهم ينحازون للإنسان، و ذلك بزيادة الجرعات التثقيفية و التنويرية في هذه الأثناء بالذات، و عدم الإعتماد على ذكاء الشباب الثائر لأنه في هذا الوقت سيكون أولئك كالغريق الذي يريد التمسك بأي شيء يبقي عليه، فالمسألة مسألة بقاء بالنسبة لهم٠

و نحن لا ينقصنا مفكرين في الدول العربية الإسلامية، فهم كثر، و لكنهم للأسف لا يكادوا يبينوا في هذا الكم من الغث و السمين من المطروح على الساحة و في  الفضاء السيبيري ، و خصوصا أن من يدعون العلم و المعرفة و الحنكة السياسية كثيرين و الكثيرين منهم من الذين يلعبون بالماء العكر، و يجيدون ركوب الموج و بأي وسيلة كانت، لبسط سلطتهم على البشر و إستعبادهم بوسائل عدة،  فهنالك الكثيرين من الدكتاتوريين، و خلع دكتاتور من على سدة الحكم لا يعني خلع الدكتاتورية من جذورها. و لكن أقبح الدكتاتوريات هي التي تستخدم الدين لدغدغة العواطف و لتفرقة الناس و تأجيج النعرات الطائفية ، سالكين سياسة فرق تسد٠ و خلع هؤلاء ليس كخلع مبارك أو بن علي ، إنه أقرب إلى خلع أحمدي نجاد، و الذي قابع على صدر شعبه رغم كل الثورات ضده٠

و لذلك أشعر أحيانا أنه من الأفضل في هذه الحالات زيادة جرعات القراءة و التأني في الكتابة إلى حين . و في هذا الشأن ظهر كتاب جديد في الأسواق بعنوان

Working Class Rising

The Middle East Revolutions/A framework for analysis

By/ Catherine Claxton, Ph. D.

تحلل فيه الكاتبة موجة الثورات في الشرق الأوسط و تشبهها بموجات الثورات العمالية في أوربا بعد العصور الوسطى و التي تقول بأنها أخذت شكلا نموذجيا بفترات حدوثها؛ من بداية القرن تقريبا إلى منتصفه تكون الثورات على أشدها، و تخمد عند منتصف القرن لتبدأ من جديد في بداية القرن الذي يليه

الموجة الأولي

١٨١٨-١٨٥٠

الموجة الثانية

١٩٠٥-١٩٤٥

الموجة الثالثة ٢٠١١- و مستمرة

مستندة على عدة عوامل مشتركة، لا تستثني منها الحروب و التفرقة الدينية\ الطائفية التي تزامنت مع بعضها. و كذلك في كون هذه الثورات ثورات معارضة شبابية ، لا صلة لها بالأحزاب المعارضة التقليدية ، و هي لم تكن تملك البديل، بل حتى لم يكن يهمها من سيكون البديل طالما سيلبي هذا البديل متطلباتهم. كانت نتيجتها  و بصورة عامة، على المدى البعيد إيجابية كالحصول على المزيد من الحقوق السياسية في الإشتراك الشعبي في الإنتخابات الديموقراطية و تشكيل الأحزاب العمالية للمطالبة المستمرة في كل ما من شأنه تحسين الأوضاع المعيشية للأيدي العاملة، و كذلك حصول المرأة على حقوقها السياسية، و غيرها من الحقوق المدنية. متنبئة بأن هذه  الموجات التي تجتاح الشرق الأوسط هي نفس أمواج التغيير التي جاءت في أوروبا و أمريكا مع إختلاف الظروف و الزمان و الوسائل. و داعية إلي طرح الموضوع الذي حللته بالتفصيل في كتابها إلي النقاش، على إفتراض أن الإنسان هو الإنسان في كل مكان يتشابه في ما يحرضه للقيام بالثورات٠

كتاب يستحق القراءة و التفكر و لكنه ليس موضوع البوست اليوم. و لمن يريد معرفة المزيد فليرجع للكتاب. ما أردت فقط بيانه أن التغيير هو الحقيقة المؤكدة  في هذه الحياة، و هو في نفس الوقت الشيء الذي يخشاه الإنسان بصورة عامة، إلا إذا كان ‘بايعها’ مثل البوعزيزي. و الثورات عندما تكون محددة بزمن معين و لدولة ذات قواسم إقتصادية، إجتماعية،  سياسية مشتركة ؛ مجتمعة كانت أو منفردة، مع دول أخرى فإن إحتمال حدوثها كموجة وارد، مثل تلك التي إجتاحت أوربا في القرنين التاسع عشر و العشرين، و تلك التي إنتشرت في البلاد العربية ببداية هذا القرن و أثرت في الدول الإسلامية و حتي غير الإسلامية مثل الصين و التي ألغت كلمة ‘مصر’ من ماكينات البحث في شبكاتها و لعبت في حسابات البريد الإليكتروني ‘جي ميل’ بصورة تبين فيها أن الخطأ تكنيكي من غوغل، بينما غوغل تنفي ذلك. كل هذا يحصل بسبب الرعب الذي دب في قلوب الحكام أو من هم مستفيدين من الوضع القائم، فأيقنوا إستحالة بقاء الحال مع شعب واعي حتى لو لم يملك البديل

و ما علاقة هذا بما يحدث في البحرين؟

كل شيء، فما يحدث في ليبيا من إشعال النعرات القبلية من قبل القذافي و أتباعه، هو نفس ما يحدث في البحرين من قبل الملك حمد و أتباعه في إشعال النعرات الطائفية٠

و ما يقوله القذافي بأن القاعدة وراء الثوار لا يختلف عن قول مبارك أن بدونه سيحكم مصر الإخوان، و لا يختلف عن قول بشار الأسد أن عصابة وراء أبناء درعا السورية و لا يختلف عن قول علي عبدالله صالح بأن المخربين و البلطجية هم وراء الثوار و لا يختلف عن قول حكام البحرين أن إيران هي خلف الثوار في البحرين، تعددت أصابع الإتهام، و غاية شباب الثورة في كل مكان واحدة؛ العدالة الإجتماعية و تحسين الوضع المعيشي٠

شعب البحرين ممزق بين الشيعة و السنة من زمن بعيد بعد الدولة الإسلامية و ليس فقط اليوم، و هو لا يختلف عن الشعب الكويتي أو كل الشعوب الخليجية في هذا، و لكن ما يميز البحرين أن أغلبية مواطنوها شيعة يحكمهم حاكم سني. و علية فالثورة الشعبية للعدالة الإجتماعية، حتى لو إشترك فيها السنة فستكون ذات أغلبية شيعية لأن هذه هي التركيبة، و هذا يسهل تقبل عرض من يريد أن يشير إصبع الإتهام لإيران بإعتبارها تساند الشيعة في البحرين لغرض بسط سيطرتها على الخليج و تصدير فكرتها في قيام الدولة الإسلامية بنظام ولاية الفقيه. و حتى لو لم تقم إيران بأي عمل رسمي تأكيدا على تدخلها، فهنالك إحتمال أن يندس بين المتظاهرين من يريد ركوب موجتها، كما ركب الخميني موجة الثورة في إيران في نهاية السبعينات، و كما يتنافس اليوم الإخوان و السلف في مصر لقطف ثمرة الثورة. أي أن ليس كل ما يدعية الحكام خطأ، و لكنه خارج النطاق التحليلي الإتهامي التخطيطي التآمري. فإحتمال طمع إيران في الخليج  وارد و علينا الإنتباه لهذا الأمر و لكن دون الدخول في سكيتشات نظريات المؤامرة التي يرسمها لنا من يريد إبقاء الوضع على ما هو عليه٠

يقول نيكولو ماكيافللي ” من يريد أن ينجح بإستمرار، عليه أن يغير سياستة مع تغير الوقت”. التغيير كالإعصار، و الثورات هي موجات هذه الأعاصير. فالشجرة التي لا تتمايل مع الرياح و تقاومها سيكون مصيرها حتما القلع. و لذلك فمن الحكمة أن يكون الحكام في هذه الفترة مرنين مع مطالب شعوبهم، متقربين منهم، يسمعون لهم و يحتضنوهم قبل أن ترميهم الموجة على من يستغلونهم٠ الشعب الثائر لا يهمة من هو الحاكم و لا ما هي طائفته أو حتى دينه، المهم عنده العدل في المعاملة أمام قانون واحد لا يفرق بين أفراده لا بالجنس و لا بالدين و لا بالقبيلة ، و لا الطائفة. و عندها سيري أن الشعب بجميع أطيافه سيقف معه، تماما كما وقف الشعب الكويتي يدا واحدا وراء قائده إبان الغزو الصدامي للكويت. أما القائد الذي يلعب على تفرقة الشعب و إشعال الطائفية بينهم كي يسود، فهو لاشك زائل، و لو بعد حين٠

و عليه فأنا أدعو جميع حكام الخليج بمد أيدهم إلى شعوبهم لمعرفة مطالبهم و محاولة تلبيتها ضمن الدستور المدني الداعي إلي حماية الأقلية قبل الأغلبية من الشعب، و بالديموقراطية الحقة التي لا تفرق بين أبناء الشعب الواحد. أطلب منهم التوسط بين حاكم البحرين و شعبه الثائر و تقديم النصح له بعدم إستخدام العنف معهم، و أطالب قوات درع شبه الجزير العربية بالرجوع فورا إلي بلدانهم، يكفي قتل و يكفي دمار، فمن تقتلون هم إخوانكم . إرجعوا قبل أن يستفحل الأمر و يخرج الوضع عن نطاق السيطرة٠

و كذلك أطالب الثوار في البحرين بإختيار وفد يمثلهم لعرض قضيتهم في الأمم المتحدة بوساطة إنجليزية، على غرار ثوار ليبيا و الذي كسبوا القضية في الأمم المتحدة بوساطة فرنسية. و أتمني أن تحل الأمور بالوساطات السلمية و عدم الحاجة لتدخل مجلس الأمن٠

خارج نطاق التغطية:٠

من الملاحظ أن التكاثر بين الحيوان يزداد عندما تحدث كوارث طبيعية، فهل يا تري سيزداد الحب بين بني الإنسان في خضم هذا السيل من الكوارث الطبيعية و الصناعية؟

إسمعوا للعم نيوتن، يرحمكم من في السماء

لكل فعل رد فعل مساو له بالمقدار و معاكس بالإتجاه. و هذا لا ينطبق فقط علي القوانين الفيزيائية و لكن أيضا علي العلاقات الإنسانيه كما يقول الدالي لاما. فإن أردنا أن نحسن العلاقات بين أقراننا، ليس فقط من أجل الحفاظ علي  ” الوحدة الوطنية”، و لكن أيضا لنبقي و نعيش بسلام و إحترام متبادل مع كل إختلافاتنا، فلابد من تقبل الآخر كما هو و ليس كما نريده أن يكون. فالكويت تذكرني كثيرا بكاليفورنيا من حيث تعدد أصول أهلها، ليس بنفس التوسع و لا بنفس الدرجات بالطبع، و لكن مع ذلك تتمع بجمال التعددية و إحترام الإختلاف بين شعبها، فالعيون المشخوطة الصينية و البنية الشرقية و الزرقاء الأوربية كلها عيون أمريكية ، لا فرق بينها . و أهم شيء يميزهم هو تحمل بعضهم البعض . فالتحمل لا يعني أبدا محبة الآخر ، فلا أتصور أن من أصوله فيتنامية مثلا سيساعد زميله من الأصول الهندية و يترك الفيتنامي ذو الحاجة (و لكن ذلك لا يعني أنه يتفق مع ساسة فيتنام و يحرض الفيتناميين علي أمريكا) ، فلكل شخص ميول أو تعصب طبيعي لأهله و دينه و طائفته ، و هذا في الواقع لا يشينه إن لم يكن متطرفا ، و لكن معني كلمة التعددية أستطيع أن ألخصه في جملة واحدة – مع التمني بألا يكون ذلك إختزالا له – فهو يظهر من خلال تطبيق القانون الذهبي الذي لا نعرفه نحن الشرقيين للأسف و الذي ينص علي

Do unto others as you would have others do unto you.

بمعني عامل الآخرين بما تريدهم أن يعاملوك

فما يحصل اليوم من الصراع بين السنة و الشيعة في الكويت ممثلة بشيوخ دين متطرفين من كل مجموعة ما هو إلا صراع سياسي علي السلطة و الحكم الشعبوي متلبسا اللباس القدسي لكي تضمن كل مجموعة كسب التعاطف و الولاء لها ، و الولاء هنا لا يقصد به الولاء الوطني ، و لكنه الولاء الطائفي و الديني المذهبي ، و الذي هو أشد ضراوة و بأسا من الولاء الوطني لأصحابه. فلقد بدأ هذا الخلاف علي الموالاة من  قبل ١٤٠٠ سنة و لم ينتهي اليوم  و لن ينتهي غدا ما لم نضع نحن كشعوب له حدا. و الحد لا يكون بإقصاء أو فناء الآخر بفرض منهج الأغلبية كمقرر إجباري عليه ، و لا بإنكار وجود الآخر و غض النظر عن المسائل الخلافية و كأنها غير موجوده. وضع الحد بتصوري يكون بالسماح للجهتين بقول ما يشاؤن دون التدخل الرسمي ، فالمسألة بالأساس شعبية دينية و حلها لا يكون إلا شعبي ديني و من خلال الإصلاح الديني لكل طائفة . و ما علي الدولة الرسمية إلا أنها تسمح للجهتين بقول ما يريدون ، تسمح لهم بالمجادلة و الإختلاف تحت سقفها و حمايتها ، لا أن تأخذ بصف أحدهم ضد الآخر ، و ذلك لأن التدخل الرسمي للدولة سيكبر المشكلة و يخلق منها فوضي ، و يزيد من أنصار كل مجموعة بالتعاطف مع مجموعته و من هم علي مذهبه لقيام الظلم عليه ،  و ليس لأنه نصرة للحق . و هذا ما  يصنع من السفيه بطلا . و هذه ليست نبوة بالغيب و لكنه درس يجب أن نتعلمه من التاريخ و نمضي إلي الآمام بدون مزايدات رخيصة ناتجة عن التفكير العاطفي و الذي بدوره يسجننا في قلب التاريخ فنظل نعيش بنفس الظروف القديمة و نعيد نفس الأخطاء و كأننا مومياءات رجعت لها الحياة بقوة فعل تعصبنا .  فيظهر بيننا السفية الذي يشكك في عرض إنسانة  تعتبر أم المؤمنين للأغلبية السنية الذين أخذوا منها علي الآقل ٨٠ في المئة من أحاديث نبيهم ، و عمرها أكثر من ١٤٠٠ سنه ، و يأتي في المقابل من يستل سيفه للدفاع عن حرمه و شرفه و كأنه يدافع عن أمه أو أخته  التي تعيش معه . يعني اليوم و بعد مرور كل هذه السنوات لا زالت  حادثة الإفك و التي هي مذكورة بالتاريخ – كل حسب الروايات التي يستند إليها- هي  سبب جرائم ممكن أن تحدث بسبب الشرف!٠

هذه قد تكون نكتة نضحك عليها إذا كنا جميعا من خارج هذين المذهبين ، و لكنه في الداخل ، حيث الغليان فالمسألة أكبر من ذلك بكثير. و في هذه أنا أتفق مع ياسر بأن التاريخ و الرويات يجب أن يعاد طرحها و مناقشتها ، ليس لبيان الحق كما يزعم هو ، و لكن لتنقيح التاريخ من شوائبه ، فليست كل الروايات التي وصلتنا صحيحة ، بل هي في أغلبيتها مدلسه بسبب السياسة و التغير في الحكم من قبل دويلات متناحرة بالأصل علي الحكم السياسي و ليس علي الدين، فالدين أو المذهب إستخدم في الماضي كما هو يستخدم اليوم ، و لذلك ففي الآزمنة القديمة إجتهد علماء الدين ليعملوا هذا التنقيح و كان دافع البعض منهم وقتها هو أيضا ما يحصل في المجتمعات من خلافات و غيره . و اليوم هو يوم الفضائيات أي يوم الإتصالات التي أرجعت الأمور الخلافية للسطح مرة أخري ، و لا يوجد أي حل لها إلا بإعادة النظر فيها و من الداخل، من شيوخ الدين للطرفين بالمناقشة و المراجعة و التنقيح و التحديث ،  دون تدخل الدولة. فالدولة بدورها هي أحد المتهمين بما يحدث و ذلك لسوء إدارتها بصورة عامة ، فمن ناحية هي فرضت منهج السلفية في المدارس الحكومية ، و لم يكن بيدها أن تمنع الحسينيات ، فعمل كل جهه بالإتجاة المعاكس. و لو كان المواطن الشيعي لا يشعر بالظلم و محاباة النظام للسني لما سمع لمتطرف مثل ياسر الحبيب. و أنا لا أقول أن الشيعة لا يختلفون مع ياسر، فالشيعة مثل السنة ملل و نحل و أفكار كثيرة، و لكن خلافهم معه ليس بالمبدأ و لكن بالوسيلة ، و السبب هو أنه يتحدث باللغة التي تعودوا سماعها و التي تعكس واقعهم “المظلومية” ، فهل من المعقول مثلا أن تري شخص يسمع قصة الحسين و للمرة المئة لدرجة الحفظ و يبكي عليها و كأنها حدثت البارحة؟ طبعا هذا غير معقول، و أنا مستعدة أن أبصم بالعشرة أن الأغلبية إنما تبكي علي أحوالها اليومية، أو حتي تتظاهر بالبكاء .  فهل وجدت دراسات لبيان تأثير إحياء التاريخ و إسقاطه علي الواقع المعاش علي نفسية الفرد؟ و هل أضمن أن إبن أخي لن يتربي إرهابيا و هو الذي لم يتعدي سنين المراهقة ، و مع ذلك أرسل لإبني ما يقرب الخمسين فيديوكليب كلها تمثيليات لقصص الشيعة الدموية في الحسينيات؟ بالطبع لا، لأن هذه الأمور أخذناها بالوراثة علي أنها مسلمات مقدسات لا يجب أن تناقش، و هذا هو الخطأ، كما أراه أنا

ياسر الحبيب، الرجل الذي أثار في المجتمع الكويتي و نوعا ما في المجتمع الخليجي زوبعة من الغبار الطائفي من أثر التراكمات ا؛تاريخية  و التي تشبه تلك الموجودة في قعر فنجان القهوة التركية الثقيلة، في الواقع  شخصية تستحق أن نقف أمامها و ندرسها ، ليس إيمانا لما يدعو له أو إعجابا به ، و لا حتي تعاطفا معه، و لكن حتي ندرس أحوال الشيعة الإجتماعية و السياسية كأقليات تحت حكم الدولة السنية ، فالشيعة يمثلون أكبر أقلية في الخليج ، و من الخطأ أن يكونوا مهمشين في دراساتنا و بحوثنا. فمن حيث المبدأ قد يختلف الكثيرون حول ما يقوله ياسر و بعضهم حتي تبرأ منه، فالشيعة لا يجمعهم فكر واحد حتي بين الطائفة الإثنى عشرية ، حالهم في ذلك حال السنة ، و لكن ما لا يختلف عليه كل شيعي يحيى في الخليج أنه لا يعامل معاملة السني كمواطن ،  فالمدارس التي يرسل إليها أطفاله تدرسه مناهج دينية أهله لا يتقبلونها و هو يختلف مع توجهها – ليس جميعها بالطبع و لكن في المسائل العالقة بين الطرفين مثل زيارة المقابر مثلا – فيضطر الوالد أن يأخذ أبنائه إلي الحسينيات حتي لا يفقد نهجه الشيعي. و بذلك تزدهر الحسينيات و يكبر سوقها و مستغليها . بل و في كثير من الآحيان يضطر الوالد أو الوالدة أن يحظر بنفسه مجالس الشيعة حتي يعلم إبنه نهجه ، كما فعلت أنا لأني بالأساس تعلمت في مدارس سنية و لم أعرف ما هو الفرق عندما كنت صغيره . و هذا من حقه ، فكل والد يريد أن يربي إبنه علي نهجه. و شخصيا عانيت من هذه المشكلة ، فلقد كنت أقول لإبني عندما لا يتفق ما كان يدرسه في المدرسة الحكومية مع نهجي الشيعي – سابقا- “إحفظ الدرس حتي تنجح، و لكن لا تعتقد به ، بل الصحيح هو كذا و كذا.” و أنا علي فكرة، لم أكن متطرفة أنذاك. و لكن لاحظوا ما لهذه الإزدواجية من تأثير علي العقول الصغيرة الطرية، و ما قد يكون عليه من أثر نفسي تدميري علي شخصة الطفل مستقبلا .  و كذلك الحال بالنسبة للبرامج الدينية في الإعلام  النابع من القنوات الرسمية ، و التي تكون دائما مصبغة بصبغة الآكثرية السنية. و لكن ما يقابل ذلك هو الفضائيات و التي تسمح للطرف الآخر بأن يعمل كمسند يعادل الطرف الآخر حتي لو كان متطرفا، أو حتي لو كان موقع ياسر الحبيب

فياسر بإعتقادي هو بالأساس يعيش ظلم الواقع ، فعشرين سنة حكم بالسجن في قضية رأي لا يكون حكما عادلا، أما إذا كانت القضية قضية إخلال بالآمن العام ، فجريمة بهذه النوعية تحتاج إلي جرم موجود في الواقع ، أي أدوات الجريمة ، فأين هي و علي أي أساس تم الحكم عليه؟ أما هو شخصيا  فيستمد شرعيته من التاريخ  لكي يثآر لأنه بإعتقاده  الشخصي ، و قد يكون محقا ، ظلم من المجتمع الكويتي . فالمجتمع و الذي يغلب عليه التشدد الديني السلفي ، و خصوصا في السنوات الآخيرة ، حكم عليه بالنفي الإجباري من بلده ، و فوق ذلك يطالب قضاة التفتيش المتأسلمون اليوم بسحب الجنسية منه ، مع أني لا أعرف ما دخل هذه بتلك!

و لو كان تم التعامل معه و مع قضيته كقضية رأي و إختلاف طرفين لما كان قد تطور الموضوع بهذه الصورة، و التي بالنهاية رجعت علي الدولة و الحكومة بسوء الإدارة في التعامل معها . فهنالك من يقول أنه أفرج عنه ، و هنالك من يقول أنه تم تهريبه و ضاعت القضية الرئيسية لتظهر مكانها  نزاعات جانبية

فهل هكذا نحل مشاكلنا؟

و أفضل ما أختتم به هو قول للدالي لاما بأن آفضل الديانات هو الدين الذي يجعل منك إنسانا

مسلسل الرعب : الجماعة

أجمل ما في رمضان عندما تكون بعيدا عن الدول العربوإسلامية هو عدم الإحساس بمساوئه و جني ثمار محاسنه .  أذكر أني في سنة الغزو ١٩٩٠و عندما حل رمضان كنت أحيا في أحد ضواحي لندن، و كنت وقتها مسلمة، أحرص علي أداء العبادات بحذافيرها، و منها عبادة الصيام. كان الوقت صيفا و الشمس اللندنية لا تغيب قبل التاسعة. كانوا أطفالي الأربعة صغار، منهم آخر العنقود التوأم بعمر ثلاثة سنوات تقريبا. و لم يكن لدي شغالة و لا حتي صديقة تساعدني عليهم و زوج كحال أي زوج الستيريوتايب الشرقي، يذهب إلي لندن للعمل التطوعي مع السفارة و يرجع البيت مع الإفطار أو بعده. أي كنت لوحدي معظم الوقت أعني بشئون البيت و الأطفال، أسمع صوت الأذان و الذي كان محببا إلي قلبي من خلال راديو الموجات القصيرة و أصوم و أفطر في الغالب لوحدي. و لكن مع ذلك لم أشعر بحلاوة رمضان كما شعرت تلك السنة، و لم يهمني كون أوقات الصوم أطول، بل أني حتي لم أكن أحيانا أشعر بالليل يداهمني. أما سبب حبي لفيليه السمك من مكدونالدز مع أني لا أحب الأغذية  السريعة فهو بسبب أنه كان وجبة إفطاري في أغلب ذاك الشهر. و مع قلة الإمكانيات و قلة المادة، و كثرة الهموم علي الوطن و الأهل و هم محبوسون داخله و أخبارهم مقطوعة. و لكن رمضان تلك السنة، كان سهلا يسيرا خيرا علي ، أو هذا ما شعرته رغم كل أحزاني وقتها، و الأهم من كل ذلك أنه كان روحانيا. الروحانيات فيه تجلت بصفة إنفرادية في علاقة شخصية بين الإنسان و ربه

و رمضان هذه السنة هو الرابع  لي في أمريكا . و مع أني فقدت فيه إيماني القديم و معه إعتقاداتي ، و ديني الإسلامي و معه عباداتي ، و ربي الله و معه تهيوءاتي ، ألا أني لم أفقد فيه روحانياتي ، فرمضان يحمل معه الروحانيات لأنه أصبح يمثل بالنسبة لي تراث و عادات جميله. فمع كل مساوئه و التي لا أطيقها و أنا في الكويت لدرجة كره الشهر، ألا أني أجد راحة نفسية فيه و أنا في الخارج، لأن مساوؤه لا تصيبني و في نفس الوقت أجني ثمار محاسنه كما ذكرت سابقا

فأنا لست مضطرة أن أخفي إفطاري بالنهار خوفا من الشرطة و عساكرها الدينية الشعبوية ، أو مجاملة للأحباب و إحتراما للأهل  و العائلة و كبار السن فيها. و لست مضطرة أن أشارك في حرب شوارعها قبل الإفطار و الشلل في زحمتها بعده. و لست مضطرة أن أغير برنامحي الغذائي و أن  أرهق جهازي الهظمي بالحرمان من الغذاء قبل الإفطار و التخمة بعده. و لست مضطرة أن أجامل الناس في زيارات شكلية لمن لا أستسيغهم و لا يستسيغوني لكسب ثواب الشهر ، فأكون مادة جيدة لإشاعاتهم حتي إشعار أو رمضان آخر. و لست مضطرة لإرهاق ميزانيتي في الغبقات و العيادي  و غيرها، و خصوصا أن العيال كبرت اليوم و لم يعد يكفيها دينار  أو حتي خمسة كما كان الحال معنا أيام العز ، و خصوصا أننا نواجه مشاكل إقتصادية علي المستوي العالمي ،  و المادة أصبحت غير مضمونه و مع شح المادة قل الأمان الإقتصادي علي المستوي النفسي الفردي.

و عليه فكل ما سردت هي أمور لست مضطرة أن أتحملها علي مضض، و في نفس الوقت تهفني أحاسيس بالإشتياق للمة الأهل ، فأدخل المطبخ و أعمل المهلبية باللوز، بنفس طريقة جدتي في الرمضانيات المخزونة في الذاكرة ، فأتسلي بأكلها و أنا أشاهد المسلسلات التاريخية و  التي أستمتع بأدمانها في رمضان من خلال الفضائيات  ، بعد أن أصبح علي الوالده أو أختي أو إبنتي و أدردش معهم علي السكايب. و في العادة أبدأ الشهر بمشاهدة مسلسلات كثيره  و أنتهي بمتابعة واحد أو إثنان بالكثير مما يكون  خلاصه الكريمه أو

Crème de la Crème

و حصاد هذه السنة، بالنسبة لي ، هو مسلسل “الجماعة” فهذا المسلسل بالفعل عمل فني تاريخي جبار ،  فوحيد حامد ، مؤلف هذه الدراما النادرة النوعية في محيطنا العربوإسلامي جمع بين الأداء الفني المترابط المحكم الراقي بدون الكليشيهات ، و الصراحة التاريخية ، فهو عمل إعتمد كما ذكر محمد الباز في  هذا الرابط ” بشكل أساسي علي كتبهم هم، علي مذكرات حسن البنا “مذكرات الدعوة والداعية” ومذكرات عدد كبير من رجاله وأصدقائه، ولا توجد مراجع من خارج الإخوان إلا كتابين فقط أحدهما للدكتور عبد العظيم رمضان، وهو مؤرخ محايد، وكتاب للدكتور رفعت السعيد المفكر اليساري ورئيس حزب التجمع، وهو “الإرهاب المتأسلم”، وأغلب الظن أن كتب رمضان والسعيد لم تكن لمعرفة الوقائع، بل لتفسيرها فقط.”٠ و كل هذه المراجع  أو بعضها مذكورة من خلال سياق العمل الدرامي، و بالتالي يستطيع المشاهد المتشكك الرجوع لهذه المراجع للتأكد بنفسه.

و مع أن المؤلف المبدع لم يتطرق إلي الحياة الشخصية لمرشد الجماعة – لدرجة أنه لم يذكر حتي أنه تزوج أو خلف أولاد ، و شخصيا لم أكن أعلم أن له إبن إلا بعد  سماعي عن قيام إبنه برفع دعوة قضائية علي المؤلف – و ذلك ، أغلب الضن، لما فيه من حساسية ، ليس فقط لجماعة الإخوان و لكن أيضا لذوق المشاهد المسلم العادي و الذي لا يحب التدخل في خصوصياته ، بغض النظر عن  حبه للأقاويل و الإشاعات بصورة عامة ، فهذه الخصوصيات  تعتبر بالنسبة للمشاهد ككشف العورة ،  و بذلك يفقد المؤلف حماس المشاهد الفطن لرؤية الإخوان كما يصوره هو مستندا علي ما لديه من معلومات تاريخية . أقول مع أن وحيد لم يتطرق إلي الحياة الشخصية  ألا أنه لم يسلم من تتبعاتها من قبل جماعة الإخوان ، و الإعتراض لم يكن علي مسار أو توجه الجماعة  و أثرهم علي العالم اليوم ، و لكن علي تشويه شخصية حسن البنا بتصويره غير ما كان عليه في الواقع كثغرة إستندوا عليها و ذلك لأن الصورة مبنية علي آراء من عاصروه و ليست حقائق. و إذا كانت الأمور تقاس بهذه الطريقة فهذا يعني أن كل الشخصيات التاريخية و التي تم تسليط الضوء عليها و في أفضل الأعمال الدرامية لا تبرز حقيقة الشخصيه و واقعها . و هذا كان  متوقعا من الإخوان حيث لم يجدوا أي حجة أخري و لم يعودوا تلك الخلايا السرية  بعد أن كشفت كل أوراقهم . فوحيد حامد لم يكن فقط يعمل حساب لردة الفعل الإخواني علي مسلسله مع أهمية ذلك و كذلك تكهني بإستعدادة المسبق لذلك، و لكن هو تجنب الدخول في الحياة الشخصية  أيضا حتي لا يشتت إنتباه و تركيز جمهوره عن ما يهمهم هم و يهم العامة، ألا و هي حياته السياسية و دوره في خلق أكبر حركة سياسية بلطجية  دينية  مافيوية قائمة في العصر الحالي كما يراه بالمنظار الذي  يسقطه علي واقعنا اليوم، إنظر هذا الفيدو لتري حصاد الجماعة علي أرض الواقع و في الكويت كنموذج لما يحصل في كل الدول الإسلامية

فوحيد حامد لم يعرض هذا المسلسل لأغراض سياسية حزبية  إنتخابيه تخص مصر وحدها مع تقديري بإحتمال ذلك ،  و لكن  أيضا ليبين لنا حقيقة الجماعة بكشف الغطاء عن الخلية  الأم ، التي ولدت خلايا الإرهاب و صدرته إلي العالم أجمع . بما في ذلك سعودية الملك عبدالعزيز بن سعود التي بدأت بذرة الإخوان منها ، حيث أخذ البنا فكر الشجرة الوهابية التي كادت أن تموت بفعل سياسات زمنها و عدم تشبع الأجيال بأساسياتها و مبادئها كالتربة السبخة التي تعيق نموها ،  و غير تدريجيا تربتها بتربية الأجيال بصورة لا تختلف كثيرا عن تربية المماليك التجنيدية مع إختلاف الوسيلة بحكم ضروف الحقبة الزمنية. و شذب مبادئها ، ظاهرا ما يريد في العلن و خافيا لما لا يريد في خلايا سرية . و سقاها من أموال الصدقات و بالأخص البترودولارية القادمة من السعودية و تابعاتها. و أثمرها بذكاؤه و حنكته السياسية و بحنكة و دهاء عبدالعزيز بن سعود و الذي كان بدوره يريد أن يعيد للخلافة  الإسلامية عهدها البائد  و يتوقع بأن تكون حليفته ، و رأي في مصربصورة عامة البذرة الواعدة. و في طموح البنا نقطة قوتة ، فجني الثمار و نشر البذور في جميع أنحاء العالم ببناء المساجد و المدارس الإسلامية الآحادية المنهج ، حتي أنهم اليوم أصبحوا يهددون أحفاده  حتي لو لم يكن ذلك بالظاهر

أما علي المستوي الشخصي فالمسلسل يقدم نموذج لما ممكن أن يحدث عندما  يكون الطموح مدمرا حتي للشخص نفسه . فوحيد حامد قدم حسن البنا  كرجل ذكي ، متدين ورع لدرجة القداسه ، كما يتصوره البعض ممن حسبه أميرا لا يقل عن مرتبة أمير المؤمنين ، و سياسي إستغلالي أصولي  كما يتصوره البعض الآخر و منهم بالطبع خصومه السياسيين ،  و يترك مجال إختيار تشكيل الصورة للمشاهد، و بالنهاية فكل مشاهد و حسب “مرجعه الثقافي ” و الإنتمائي لن يغير فكرته الأصلية عن الشخص ، فمحبيه و جماعته سيتكاتفون و سيستميتون لإرجاع القداسة ، ليس له فحسب، و لكن أيضا للجماعة ، فالجماعة هي حزب الله الفالحون الذين ذكروا في القرآن ، كما هم يريدون أن يصوروا أنفسهم . و أعدائة السياسيين بالطبع سيدافعون عن المسلسل لأن في ذلك مكسب سياسي ممكن أن يستغلونه ، و لكن الشيء المتوقع أن يعمل المشاهد العادي علي  إعادة النظر في حساباته ليعطي حسن البنا حجمه الأصلي و تزداد بالتالي مداركه  الشخصية ، و الزمن هو الشاهد علي أن طموحات حسن البنا كانت أكبر من قدراته، فجهوده الجبارة في سبيل تحقيق الخلافة الإسلامية خلقت التنين الذي لسع بلهبه الأخظر و اليابس و لم يستثنيه شخصيا ، فإنقلب السحر علي الساحر . و هذا ما يفصل بنظري العمل الجيد من العمل الرديء. فالعمل الأدبي الجيد لا يفرض رأيا أحاديا علي المشاهد كما تفعل علي الأقل ثمانين بالمئة من أعمالنا الدرامية و البرامج التلفزيونية العربوإسلامية اليوم ، بل يترك لكل منا مساحة  للإختيار

إذا كنت لم تشاهد المسلسل فأنا أنصح به  لأهميته ذلك في توسعة مدارك  المشاهد ، فهو كما ذكر عمرو أديب في برنامجه القاهرة اليوم يلخص عدة كتب في عمل درامي واحد ، و هذا مهم جدا بالنسبة لشعوبنا التي لا تقرأ ، و هو معروض علي اليوتوب و هذه هي  الحلقة الأولي

أرجو أن تستمتعوا به كما فعلت أنا

أما رمضان ٢٠١١ فأنا من الآن بإنتظار مسلسل محمد علي ، تمثيل الممثل الكبير يحيى الفخراني و أتمني أن يكون بنفس مستوي مسلسل الجماعة

كل عام و أنتم بخير

رمضانيات ٣: علم إيه اللي إنت جي تقول عليه

كثيرا ما ألتقي بمؤمنين و مؤمنات ، مسلمين و مسلمات ، متعلمين و متعلمات،  مثقفين و مثقفات و بعضهم حتي خريجي الجامعات االكبيرة الغربية المعروفة و الأكاديميات العريقة ممن يقول لي أن العلم لا يتعارض مع الدين. و في الواقع لا أعلم من أي منطلق يتحدث هؤلاء؟

العالم ستيفن هوكنغ ألقي مؤخرا قنبلته البينج بانجية ( نسبة إلي البيج بانج أو الإنفجار العظيم) في الوسط العلمي عندما ذكر في كتابه الجديد أن الإطار العلمي الكبير لا يترك حيزا لتدخل خالق للكون. و المثير للتساؤل هو أن هوكينغ كان بنفسه متدينا قبل عدة سنوات، حيث كان يردد أن هنالك إحتمال لوجود خالق، و طالما لا يوجد ما ينفي هذا الإحتمال فسيظل موجودا,حتي لو كان الإحتمال ضعيف، فماذا حصل يا تري؟

يقول الفيلسوف الإنجليزي الشهير برتنارد رسل

إقتباس

إذا كنت إقترحت عليكم بأنه…يوجد إبريق شاي صيني يدور حول الشمس في حركة بيضاوية حول محور إهليجي، فلن يستطيع أي كان أن ينفي تأكيدي عليه  (و خصوصا) إذا كنت حريصا أن أضيف بأن الإبريق صغير جدا بحيث لا يمكن أن يري حتي مع إستخدام أقوي ما لدينا من التلسكوبات . و لكني إن واصلت بالقول أنه، بما أن تأكيدي (علي وجود الإبريق) لا يمكن نفيه، فلا يجوز حسب منطقنا الإنساني الشك به، فيحق (وقتها) أن يعتقد (الجميع) أن حديثي هراء 

و لكن إذا كان وجود هذا الإبريق مؤكد في الكتب العتيقة التي تدرسه كحقيقة مقدسة كل يوم أحد، و يتم زرعه في عقول الطلبة في المدارس، فالتردد لتصديق وجوده سيكون علامه الإختلاف المركزي و سيخول من يشك (بهذه المعلومة)أن يكون مريضا نفسيا في عهد التنوير أو معرضا للتحقيق (في محاكم التفتيش) في الأزمنه القديمة

إنتهي الإقتباس

و أنا بدوري أضيف و بنفس منطق رسل أنه لا يمكن إثبات عدم وجود الغولة فهل معني ذلك أنها موجوده؟

الفرق بين ستيفن هوكغ و برتنارد رسل أن الأول عالم فيزياء نظري تخصصة البحث في السماء بين النجوم . أما برتنارد رسل فهو فيلسوف يستخدم المنطق حسب المعطيات العلمية في جعبته؛ قد يصيب و قد يخيب، و هذا ما تبينه الأيام مع كل إكتشاف علمي جديد.  ففي قديم الزمان لم يكن هنالك فرق بين الفلسفة و العلم ، و لكن اليوم هذين العلمين إنفصلا، شكرا للعرب و علمائهم في قرون إزدهارهم.  و كل أخذ طريق يكمل و يتمم و يؤكد الأخر. فالعالم لا يعتقد بالشيء إلا بعد التجربة و البرهان و الإثبات، و لذلك فهو دائم الشك، و كل الإحتمالات واردة لديه حتي لو كانت ضعيفة إلي أن يأتي الإثبات علي تأكيدها أو نفيها و من أكثر من مصدر. و النظرية لديه تظل نظرية إلي أن تثبت صلابتها ضد كل ما يناقضها، مثل نظرية التطور مثلا، كما يذكر ريتشارد داوكنز في آخر كتبه ” أعظم مسرحية علي وجه الأرض”، و لذلك فما ذكره ستيفن هوكنغ ليست فقط فلسفة إنما هو يرتكز علي إثباتات، و هذه الإثباتات تحتاج وقت و برهان و صلابة، و إذا كنا في الماضي نتغاضي عن ما يقوله الفلاسفة لكون الموضوع قابل للنقاش و الأخذ و العطاء، فإننا اليوم لا نستطيع مناقشة العلم. فكل يوم و مع كل إكتشاف جديد تنهدم نظرية الخلق تدريجيا علي أرض الواقع، و لكن هذه النظرية، أي نظرية الخلق ، كونت هالة قدسية بسبب الميم (مصطلح قدمه ريتشارد داوكنز في كتابه ” الجين الأناني”)، و الميم هو الإعتقادات الموروثة. فحتي مع كل هدم للنظرية علي أرض الواقع ، كما الضرب عليه بالشاكوش مع كل قنبله علميه، فهي غير قابلة للهدم في فضاء الإعتقادات. و هذا إن دل فهو يدل علي أنه يوجد خلل ما في عقل الإنسان ، و عليه لا يمكن أن يكون الصانع أجاد صنعته. وهذا بحد ذاته دحض لنظرية الخلق و التي تقول بجودة الصنع الإلاهي

إنظر إلي التعليقات في رابط الخبر أعلاه لتعرف كيف أننا كمسلمون وصلنا إلي آخر درجات التقهقر في الفكر، فنحن لازلنا نبحث عن العلم في دفتي القرآن. و بعد أن تظهر النظريات و يتفق عليها العالم أجمع، نقول” آها…هذا موجود في قرآننا من قبل ١٤٠٠ سنة، و هذا هو الإعجاز بعينه و دليل علي صحة الإسلام، فكيف عرف الرسول عن هذه الأمور في زمنه!”.  ما دامه كان موجودا كل هذه المدة في القرآن فأتعجب بالفعل لماذا لم يكتشفها العرب المسلمون قبل غيرهم و هم من إختارهم الرب ليعطيهم العلم في ملعقة من ذهب؟ لماذا إكتشفوا أن الإعجاز في بول البعير و فوائده .  و النطفة فعلقه هي مراحل التطور الجنيني ، و لم يكتشفوا أن الأرض هي التي تدور حول الشمس قبل أن يكتشفها جاليليو؟ أننا نقيم المؤتمرات و علي أعلي المستويات، إنظر هذا الرابط. و يشترك فيها علماؤنا العرب و المسلمون (أين هم اليوم من علماؤنا في الأيام الغابرة) لنثبت الإعجاز العلمي في القرآن ، و نستخلص أن بول الغلام أطهر من بول الفتاة!  و نعلن ذلك في صحفنا و جرائدنا دون أن نشعر بالخجل . و ندفع أموال البترودولار لمن هو “عالم كلام” مثل محمد العوضي و الذي أصبح مقرر رسمي في فضائياتنا  ليظهر علي شاشاتنا مدحضا في دقائق علم التطور و الذي أخذ ٢٠٠ سنة ليعترف  به ٩٩.٩٩ من علماء أمريكا و ١٠٠ في المئة من من هم أهل الإختصاص.  و الناس، حتي المتعلمين منهم يصدقونه. و نهلل و نكبر في صبري الدمرداش و زغلول النجار و هارون يحيى لأنهم يقولون ما نريد أن نسمع، و لا نسأل عن ثرائهم المفاجيء، مع أني أكاد أن أجزم أن كل هؤلاء لن يجدوا وظيفة مساعد عالم في الدول الغربية

فالميم هنا هو الغالب حتي علي منطقنا و إدراكنا، و زاد تأثير الميم بزيادة الجرعات الدينية في السنوات الأخيرة حتي تم إدخال الدين في كل أمور حياتنا المعاشة. فأصبحت لغتنا دينية، و مناقشاتنا لا تخلو أبدا منها. و أصبح حل مشاكلنا الدنيوية لا تتم إلا بالطرق الدينية، فنمنع ما لا نستطيع أن نجد له حلولا، كمنع الخمور. أو نتحايل عليه كما نفعل بإقراره رسميا كما نعمل بإستبدال البغاء بالزواج المؤقت . و نحجب أجساد نسائنا درءا للمفاسد دون أن ندرس علميا تأثير هذا الحجب و المنع علي سيكلوجية الإنسان، ذكرا كان أو آنثي ، و لا نري تأثير سيطرة الجنس علي شعوبنا بسبب هذه القرارات السيئة. و نستعين بشيوخ الدين في طرد الجن من أجسادنا بدل الإستعانة بطبيب نفساني لمعالجة المرضي. و نشرب بول البعير مع حليبة لمعالجة السرطان ، و نذهب بعد ذلك إلي المستشفيات في الغرب و نشكر الله علي الشفاء بدل من شكر الطبيب و الهيئة التمريضية، معتقدين أن شفائنا كان  بفضلة و فضل بول البعير . و نتغاضي عن سيئاتنا و نداري سوءاتنا و كأننا لا نراها، أو كأنها ستختفي من نفسها. فأصبحنا أسوء الخلق، إذا كان هنالك خالق، خلقا (بضم الخاء و اللام). لا بل أصبحنا نتطور و نتحور و لكن في الإتجاه المعاكس عن كل البشر

و هذا ما يحدث للذين يريدون أن يتعلموا أمور دنياهم بدينهم،  تاركين سنوات البحث العلمي وراء ضهورهم و ضاحكين علي ذقون البسطاء ، و خصوصا أولائك الذين يرون الدين كدليل إستخدام في حياتهم، و الذين هم اليوم العامة بين المسلمين و بالذات العرب.  و نعلل عدم أخذنا بالعلوم الدنيوية بكونها علوم متغيرة مع الزمن ، و لكن ننسي أن مع كون ذلك صحيحا، فالعلم يظل ذاتي التصليح،  يصلح مساره مع الزمن ، كما ذكر رائد الفضاء الراحل كارل ساجان، صاحب البرنامج العلمي في السبعينات و الثمانينات “النظام الكوني-كوزموس”. و عليه فمن الأولي علينا إن كنا نريد أن نكون في مصاف العلماء في العالم أن نبدأ من حيث إنتهي الأخرون و نترك كتاب القرآن حيث يجب أن يكون: في المساجد

فالقرآن ليس كتاب علوم، و ليس كتاب جغرافيا، و ليس كتاب علم النفس، و ليس كتاب علم الإجتماع و ليس كتاب علوم سياسية أو إقتصاد. حتي أنه ليس كتاب تاريخ، فسوره لم تجمع تاريخيا، و عليه فكل ما وصلنا عنه كان تكهنات علماء دين ليسوا أكثر علما من الداعية نبيل العوضي، بل العوضي أكثر علما من كل هؤلاء الأقدمين إذا وضعنا في الإعتبار تقدم زمنه العلمي عن زمن هؤلاء

القرآن كتاب روحاني، يجد فيه الملايين من المسلمين راحة نفسية، فيا حبذا لو ظل كذلك، و لم يسلبه المسلمون من  ما تبقي من رمقه الروحاني الأخير. و علي ذكر الروحانيات و كارك سيجان، فالروحانيات -كإصطلاح- أدوات مريحة للنفس، و هذه هي صفتها الإيجابية و لكن ذلك لا يعني أن القرآن أو أي كتاب مقدس أخر يحتكر الروحانية، فبالنهاية ما يفعله الشخص و ما يتأثر به إنما يخصه لوحده كونه يتطور مفردا حسب علم الإنسان-أنثروبولوجي- فقد يجد شخصا ما الروحانية في قراءة سورة “تبارك الذي بيده الملك” أو قد يجدها في سر الطبيعة كما كان أينشتاين بانثيا، ربه هو الطبيعة التي تخلق نفسها بنفسها. أما شخصيا فأجد في كلمات كارك ساجان في الكوزموس، راحة نفسية-روحانية- ما بعدها راحة، و هذه ترجمة متواضعة مني للإفتتاحية ببرنامجه كوزموس:٠

الكون هو كل ما هو موجود، أو ما كان عليه (بالسابق)، أو ما سيكون عليه دائما .  فتأملاتنا للنظام الكوني تثيرنا. و تحدث وخزا (نشعر به) في عمودنا الفقري، و نبرة في صوتنا، و إحساس باهت و  كأنه آت من ذكريات بعيدة عن سقوط هائل. فنحن نعرف أننا نقترب من أعظم الآسرار…النظام الكوني هو بداخلنا . نحن المصنوعين من ذرات النجوم  أصبحنا في النهاية نتساءل عن أصولنا. مواد مصنوعة من النجوم تتأمل النجوم. مجموعة مرتبة من عشرات الملايين الملايين الملايين من الذرات تتأمل تطور المادة، و تتتبع أثر الطريق الطويل و الذي أدي إلي (صنع) الوعي  (و الإدراك) هنا علي كوكب الأرض ، و ربما في أماكن أخري في النظام الكوني. فتعهدنا بالحرص علي البقاء و الإزدهار (في الآرض) لم يأتي كأمر داخلي فينا فقط، بل هو تعهد لذلك النظام الكوني، القديم الواسع، و الذي منه نبتنا

عيد فطر سعيد مقدما

أحمد البغدادي…أستاذي وداعا

كتبت جريدة الآن الإليكترونية خبرا بعنوان “ مات عقل كويتي” .  و لكني وددت أن أصحح لها بأنه “مات العقل الكويتي”، فهنالك فرق بين الإسم  بالألف و اللام و الإسم الحاف.  أحمد البغدادي دكتور العلوم السياسية في جامعة الكويت  لم يكن فقط عقلا و لا حتي مجرد مدرسا أو كاتبا أو ناقدا أو محللا سياسيا تاريخيا أو إسلاميا . أحمد البغدادي كان مشروع تحديث و حضارة، لم تقم الدولة بإستثماره جيدا كما هي حالها مع كل المشاريع الجيدة المثمره. فلقد كان أحمد عقول في عقل كادت الدولة الدينية الموالاة  أن تصنع منه مجرما. أحمد البغدادي كان آخر صوت ليبرالي  حسب الليبرالية المتعارف عليها دوليا في مواثيق كانت نتاج العصور التنويرية ، من حريات غير مقيدة بالأهواء الشخصية، إلي مفهوم تحمل الآخر أو التعددية و أنواعها و كذلك معني و مفهوم العلمانية، كل هذه الأمور التي كانت عوامل متشابكة ، تصنع النسيج الليبرالي الذي جربتها البشرية بعد الثورة الفرنسية. فالليبرالية  التي كان يمثلها البغدادي  ليست كليبرالية ممثلوا الشعب  في مجلس الأمة الكويتي و الذين لا يعرفون الفرق بين العلمانية و الشيطان، فيستعيذون بالله عند سماعهم لكلمة علمانية. بل كانت ليبراليته هي الليبرالية المدروسة أكاديميا و علميا و تاريخيا و سوسيولوجيا و سايكولوجيا و فلسفيا، و مجربة في دساتير مدنية كأفضل ما قدمتها البشرية. البغدادي طالب بحقه كأب ليبرالي خاضع لنظام مدني أن يكون له حق الإختيار، و هذا ما  كان يجب علي كل أب  أن يفعل كي يبعد هيمنة ملالوة المساجد و مدعوذوها و مستغلوها علي عقول النشيء و تدنيسها بثقافة الموت و كرة الحياة ، و لكنهم كعادتهم لم يفعلوا، فتحمل هو وحده العاقبه و دفع الثمن . و مع ذلك لم يتوقف عن نقد أكبر مؤسسة تعليمية في الكويت ، ألا و هي جامعة الكويت و التي تردي فيها المستوي الأكاديمي من سنة إلي أخري ، بل و حذر من  سيطرة قوم أبي جهل عليها حتي تعب و مرض، شأنه شأن كل العظام. و لازالت الأيدي القذرة تعيث بأكبر مؤسسة أكاديمية و تتحكم فيها تماما كما هم متحكمون بكل موارد الدولة و مؤسساتها، أو كما يقال بالإنجليزية

Islamist are holding Kuwait University by the balls, or
Islamist are holding the whole country by the balls

و لم يسمع نداؤه أحد. بل كفروه و أتهموه زورا ب “المجرم”٠

و طالب بإلغاء كلية الشريعة في جامعة الكويت لكونها تساهم في نشر الإرهاب

إذا كان النقد أداة و وسيلة لنهضة الآمم ، فهذا يعني أن المجتمع الذي يحارب النقد هو مجتمع فاشل و بالتالي زائل. البغدادي كان آخر وسيلة نقد لجامعة الكويت ، هذه المؤسسة  التي أكلها الدود الإسلامي و نخر حتي وصل إلي العظام . البغدادي كان وجدان يتألم إلي ما آلت إليه أمور بلده. البغدادي هو مثالي  و هو معلمي و أستاذي  حتي لو كنت لم أقابله بصفة شخصة أبدا، فهو بالنسبة لي رمزا للحكمه، و أعقل سياسيوا البلد. لقد كان عملاقا بصدقه مع نفسه ، و هي صفة قلما نجدها في الكتاب هذه الأيام . كان سخيا في عطائه، فجريدة السياسة لم يجذبني فيها غيره. و لسوء حظي ، لم يحصل لي الشرف بالتعرف عليه شخصيا مع أنني قابلته في مناسبات عديدة  و لكنها كانت جميعهامناسبات رسمية. و لسوء حظي أيضا أنه عندما تيسر لي أن أراه عن طريق صديق مشترك في جلسة ثقافيه محصورة و محفوفة بين الأصدقاء،  لم أستطع الحضور لدواعي السفر و ضيعت فرصة كنت أترقبها بكل ما لدي من إكبار لهذا العقل. فمعرفتي بالبغدادي معرفه قديمة فأنا لم أتعرف علي البغدادي من خلال كتاباته و حسب و لكني أيضا  عرفته من خلال طلبته السابقين و الذين  صار البعض منهم زملائي في العمل.  عرفته عندما  إتهم “بتحقير الدين الإسلامي في مقال نشره في يونيو/حزيران” من سنة ٢٠٠٥ ” وقضت بسجنه سنة مع توقيف هذه العقوبة لثلاث سنوات” و كان كل جرمة أنه ذكر في هذه المقالة بأنه كوالد كويتي يعمل و يكد و يصرف المال علي أبنه الذي يدرس في المدارس الخاصة و التي تكلفه الكثير، و لذا فهو يري أنه من حقه كوالد ، إختيار نوعية الدراسة التي يفضلها لإبنه، فهو لا يريد أن يكون إبنه رجل دين مثلا، فلا يجوز أن يكون مقرره الدراسي  مزدحم بالمواد الدينية علي حساب المواد التربوية كالفنون و الموسيقي. كان ذلك إعتراض من أب علي محاولة المؤسسات الدينية السيطرة علي دماغ إبنه و تخريجه إرهابيا كما هي حال المدارس الحكومية الدينية الإسلامية و التي تحض علي التفرقة و الطائفية في مناهجها التي أصبحت تثقل كاهل الطالب بكثرتها و التي هي علي حساب الدروس الفنية. فالموسيقي و الرسم و الدراسات الفنية و الإبداعية و التربوية ليست مهمة في نظر من يريد تربية حب الموت و الجهاد في سبيل الدين و الرسول بدلا من التربية الذوقية و الجمالية. أي مدارس عسكرية، تخرج جيل من القص\لصق و ترسلهم في بقاع الأرض كي يحرقوا الأرض و النسل، سواء بتفجير أنفسهم بين الأبرياء أم بمهاجمتهم للآخرين علي النت. هذا الجيل الذي لم يرد البغدادي أن يكون إبنه من عجينته، و أراد له أن يكون دكتورا أو مهندسا أو حتي موسيقار ، أو رسام، يبعث البهجة في نفس من يري إبداعه بدلا أن يكون عالة علي غيره ، علي أقل تقدير، إن هو تخرج مفتي أو حتي دكتور في الشريعة أو علم الكلام، فهولاء زاد عددهم في الدوله حتي من غير شهادات (شيلمهن-البطالة المقنعة).  و طبعا لم يعجب ذلك قوم أبي جهل فكفروه و رفعوا عليه القضايا. و كان هذا آخر صوت يئن لشعب “مكاري” عندما قال “”لابد من الاعتراف بأن التيار الديني قد انتصر في معركته ضدي, وهنيئا له ولهذه الدولة الاستبدادية هذا النصر.. لذلك سأتوقف عن الكتابة في الموضوعات الدينية إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا ” و ها هو يومك يا بغدادي، فسامح السفهاء منا، فهم جهله. و ليسمح لي الزميل  موزارت أن أقوم بعمل نقل لآخر مقالة للبغدادي يخاطب فيها طلبته  إلي هنا، علنا نستفيد من هذا العقل الكويتي، فالفكر يعيش حتي لو مات ما يحركه، و البغدادي كان فكرا جميلا سيعيش بيننا كما عاش فكر الربعي

أحمد البغدادي
طلبتي… وداعاً

أوتاد

لم أعدم الأمل بشباب الكويت رغم تشاؤمي المعروف… ولا أملك سوى شكر طلبتي
كثيرا ما يقولون و”وداعا وإلى لقاء” وبكل ألم لن أستطيع أن أقول لكم ذلك بسبب الظروف الصحية السيئة التي أمر بها الآن,أبنائي: لقد جمعتني بكم الجامعة وقاعات المحاضرات, لقد كانت أياما جميلة لن تعود مع الأسف الشديد, سنوات قضيتها في رحاب الجامعة ولم يخطر على بالي يوماً أنني سأعجز حتى عن توديعكم شخصيا. أعلم تماما أنني لم أكن كما يقولون “كامل الأوصاف”, لكنني حاولت جهدي أن أقدم لكم كل ما لدي من علم عن موضوعات المحاضرات, موضوعات لم تتعلق بها حياتكم يوما, ولن تتعلق بها في المستقبل بعد التخرج, لكنها علم لا يستغني عنه العقلاء.أعلم تماما الأوصاف التي كنتم تطلقونها علي من وراء ظهري…” نحيس” … “لعين”, أسئلته صعبة , لا يقدر الظروف..لا يساعد في الدرجات..وهي آراء لا تخلو من الصحة, لكن ضعوا عيونكم في عيوني مباشرة وقولي لي صراحة: هل كنت مقصرا في شرح المادة العلمية? هل كنت أعاملكم بظلم او بمحاباة بعضكم على بعض? هل كنت أتغيب عن المحاضرات? هل شعرتم يوماً بعدم العدل أو بالظلم عند حصولكم على الدرجات? هل استثنيت نفسي بالمحاباة بإتيان ما كنت أنهاكم عنه? ألم أكن حريصا ومذكرا دائما وبإلحاح لكم بأهمية الالتزام في الحياة? لم تكونوا يوما ما طلبة أغبياء, لكنكم كنتم طلبة كسالى بامتياز, وكنت لا أتردد عن قول ذلك لكم جهرا. ولا بد أن تعترفوا في المقابل أنكم كنتم كثيري التغيب وعدم الانتظام في الحضور وعدم الاستعداد بقراءة الموضوعات المطلوبة للمحاضرة, وما أكثر أعذاركم الواهية! كل هذه ” المتع ” ستظل ترافقني بقية حياتي التي سأقضيها بعيدا منكم. فما أقصر الطريق, وما أطول الآمال!أتدرون كم هي ممتعة حياة التدريس? وأصارحكم القول, لقد جلبتم المتعة لحياتي الشخصية. قد لا تصدقون ذلك.لكنها الحقيقة… كنتم مرآة الزمن التي كنت أرى من خلالها شبابي الماضي. وبرغم مشكلاتكم سأعترف لكم اليوم بعد أن حالت ظروف المرض دون مقابلتي إياكم, أن الحياة معكم لم تخل من ضحكات عابرة ضحكناها معا في جنبات قاعة المحاضرات. كنتم تروني ديكتاتورا, وكنت أرى ضرورة تعليمكم الآن معنى وأهمية الالتزام قبل انغماسكم في خضم الحياة, كنت أجمع الكتب التي كنتم تتخلصون منها بعد تقديم الامتحانات, متحسرا على الأموال التي أنفقتموها دون إحساس بالمسؤولية, فاللامبالاة كانت لكم أسلوب حياة, ولست ألومكم في هذه المرحلة من الحياة الطائشة.خلال أكثر من ثلاثين عاما, استحضر اليوم أسماء طلبة تشرفت بتدريسهم, وفرحت لما وصلوا إليه من مناصب في الدولة, ومنهم من فرضوا أنفسهم بشقواتهم. الذاكرة لا تتسع لهم جميعا, لكنها تضم في خباياها, الشاعر والباحث عقيل العيدان وحمد بورحمة ( سفيرنا في السنغال ), وعلي نخيلان (سفيرنا في السويد ), ومنصور مبارك وعلي الظفيري ( الخارجية ) ويوسف الهولي و “مدحت “, أقصد محمد ششتري ( يعلم ماذا أقصد ), وطلال المطر (زعيم الرواد ), وعبد العزيز الفلاح ( أفغانستان ) الذي بدأ دراسته معي مكفراً لكل الليبراليين ثم ينتهي به الأمر بإعادة التفكير في مفاهيمه الدينية بعد بعض النقاشات بشأن ما ورد في بحثه من مغالطات, وهو اليوم بحمد الله أكثر عقلانية, وفيصل العنزي وحسين الصباغة وسالم المذن وسالم المري, وحتى أوس الشاهين زعيم طلبة “الإخوان المسلمين” في الجامعة, والذي رسب بسبب التغيب, ثم تقدم بالشكوى ضدي! ولا يعلم سوى الله إلى أين وصلت اليوم هذه الشكوى, والأوزبكستاني نور الدين وابن البحرين, إلى جانب الطالبات اللواتي تمنعني العادات والتقاليد من ذكر أسمائهن…لكل هؤلاء الشكر على إسعادهم إياي بتكاسلهم والصد عني حين كنت أحرجهم بالأسئلة, أشكر الذين واللواتي شاركوا وشاركن في النقاش ليشعروني أن الدنيا لا تزال بخير, وأن الكويت لا تعدم شبابا نافعا.اليوم والمرض يقعدني عن مقابلتكم لأشكركم على تلك اللحظات السعيدة والمزعجة, لا أملك سوى التمنيات لهم بالتوفيق سواء أثناء دراستهم وبعد تخرجهم, وليتذكروا أن لي نصيباً في كل ما يحققونه في حياتهم, لا شك أن الحياة ستلهيهم بمشكلاتها, لكنهم لن يعدموا سويعات ترجع بهم إلى سنوات الجامعة بحلوها ومرها, وقد يتذكرون أستاذا حاول جهده أن يعلمهم أهمية الالتزام وأن يبين لهم أهمية العلم, من هؤلاء من شكرني بعد سنوات طويلة بعد التخرج…وخلال هذه السنوات الطوال لا أفتخر بشيء كافتخاري بما قاله لي أحد أصدقائي الأعزاء يوم زارني في الجامعة, كان يبحث عن مكتبي.. فسأل أحد الطلبة العابرين في القسم, فقال له الطالب معتقدا أنه أحد الطلبة: إذا كنت تريد علما, عليك بالدكتور البغدادي, أما إذا كنت تريد درجة, فلا تسجل عنده! وبرغم أن هذا الطالب قد وضع من دون قصد وساما على صدري, إلا أنه كغيره من الطلبة لم يعلم كم ساعدت من طلبة كانوا على وشك الفصل من الجامعة, وطلبة قبلت أعذارهم الواهية حتى لا يرسبوا بالغياب, واخرون تركتهم يتوسلون الدرجة, ولم يعلموا أنهم حصلوا عليها بمساعدتي, لأنني أردت أن يؤمنوا بأنفسهم, كنت كغيري من الأساتذة الأفاضل, نضع التقديرات على ورقة الأسماء, ثم نستغفر الله على “مبالغتنا” وأحيانا “كذبنا ” في هذه التقديرات. وكم كنت أمزح مع بعض الأخوة قائلا لهم بعد رصد الدرجات: ولا حتى ماء زمزم يطهرنا مما “اقترفناه”من جناية بحق العلم والتعليم…وكان رد معظمهم” يا معود.. إهي اوقفت على هاذي”, الديرة كلها خربانة. كان ردهم يحمل الكثير من الصحة ومن الألم, مثل هذه الردود تجعلك وكأنك تحرث في البحر, لكنني لم أعدم الأمل بشباب الكويت رغم تشاؤمي المعروف, لم نكن نملك غيرهم, ولم يكن أمامي سوى الإيمان بقدراتهم على التغيير.في العزلة التي فرضتها الظروف الصحية السيئة علي, لا أملك سوى شكركم من بعيد على كل لحظة كسل وتقاعس, وكذبة بيضاء والتعلل بالأعذار الواهية…حتى ساورني الشك أن أحدكم قد لا يمانع في وفاة أحد أقربائه لمجرد تقديم عذر حتى لا يُفصل من المقرر بعد أن تجاوز النسبة المحددة قانونا! مرة أخرى أشكركم لأنكم أدخلتم المتعة البريئة إلى حياتي.لكن ما أريده منكم حقا أن تتذكروه…الالتزام في حياتكم العائلية والوظيفية, لا شك أنكم ستنسون الكثير مما تعلمتموه, لكنني أثق بكم.

كاتب كويتي
http://www.al-seyassah.com/editor_details.asp?aid=6828&aname=أحمد%20البغدادي

The New-age Dictatorship

“It takes a big man to admit when “YOU” are wrong”

Stephen Clobert

He smiles to your face

Stabs your back

Then innocently sleeps in his palace

While the burning four million dollar incense

Fuming and sending a whiff of perfume to his nostrils urging

His deep sleep

He’s the just and the justice

He is applying law and order with a “wag of his finger”

While “his” people are weeping:

Khalid is not sleeping

The law takes its pace

His law, and his order

He seems to understand

His own language and

Talks in more than one tongue

All mixed up in his head; he can’t make out

Terrorism from Tourism

He knows the first very well

And may have a vague idea of the latter

Although not on his platter nor realm

No problem it seems

Since both start with “T” and end with “ism”

He pretends to lead, but he heeds

Sarcasm as he breeds and treads

On more and more divide and schism

He keeps jails occupied with; one out another scheduled in

This is the way to keep the heard within

The compounds of his despotic territorialism

شكرا خالد لتطوعك بإختبار المياه السياسية في الكويت و تثقيفنا

شكرا لك لأنك كشفت لنا ضعف و هشاشة نظامنا السياسي و القضائي

شكرا لك لأنك فضحت نواب أمتنا المتقاعسين عن عملهم الأساسي و الذي هو تشريع القوانين، فالقانون الذي أدانك خرج من تحت أنوفهم و لم يأخذوا البادرة ليصححوا الأخطاء

إسمعوا و عوا ما يقول العقلاء:٠

كلكم مذنبون \ بو راكان

و حتي بعد وقوع الفاس في راسك  ” إسمح لي أن أقول لقلة تجربتك في بحر السياسة ” ،  نواب أمتنا تائهون لا يعلمون ما يفعلون و يتراشقون الإتهامات ليكسبوا المزيد من الأرصدة المستقبلية بهتافات و إعتراضات و ليس بأعمال. هم يشبهون من وصفهم ستيفن كوفي في كتابه ” العادات السبعة للأشخاص المؤثرين” بالفاشلين (مع سبق الإصرار و الترصد) ، فهم نواب “رد الفعل” و ليس “المبادر بالفعل”، لأنهم لا يعملون تخطيط و لا حساب للمستقبل و لا يتحسبون للأزمات  ، و هؤلاء مدراء فاشلون٠

“Reactive” not “Proactive”

لست أرثي لحالك، فالسجن يبدو رهيبا للسمع و لكنه في الواقع ليس كذلك و خصوصا إذا كنت في سجون الكويت، و مسجونيك هم أهلك و جليسك الكتاب، و لكني أشفق علي زوجتك و أبوك من الهم عليك٠

شكرا لك لأنك حركت المياه الراكده و وحدت الأحرار  ( و غيرهم ) خلفك،  و لكن

خوفي و يا خوفي من بعض المتسلقين و الصائدين في المياه العكرة، من من يعرفون كيف يركبون الأمواج مستغلين حماسة و تعاطف الشعب معك، خوفي من جهل الشعب الذي “ماعنده تجربة في السياسة و ليس له زورق”، خوفي من الغرق في بحر هؤلاء،  و هم أغنياء عن التعريف .

خوفي من أن نستغل (بضم النون و سكون السين و فتح التاء و الغين ) ، و نضيع بالطوشه٠

حرية التعبير ليست جريمة، و لا يجب أن يكون العقاب هو السجن

العدل أن يكون العقاب علي قدر الجرم

Previous Older Entries