هوس الأغلبية بالطاقة الكونية (3)0

تابع ما مضى :0

أما تعادل تقطيب الجسم (بصورة عامة) فهو يتم بالغذاء المتوازن للحصول على نسبة و تناسب بين كمية البوتاسيوم و الصوديوم بالجسم و ليس بحركة يد أو إسورة نحاسية

 التفكر هو عملية معقدة يقوم بها المخ كوظيفة، و هو نوع من الإشعاع الكهرومغناطيسي (أي موجات من الطاقة التي تسافر بسرعة الضوء). و الفرق بينها و بين أي موجات كهرومغناطيسية أخرى هو التردد، أو طول الموجة. أما قوة تردده فهي ضعيفة جداً بحيث لا يمكن قياسها على بعد قدم واحد خارج الجسم* (قارن ذلك بعملية رصد النجوم من خلال قياس موجاتها الرادوية). و هو و إن كان ليس كائناً مادياً ألا أنه يعتمد و بصورة حتمية على عضو مادي، و عمله محصور بالجسم الذي يخدمه. و عليه فإرسال الموجات الفكرية بالتلاباثي و التحكم بالطاقة الكونية من خلال الموجات الذهنية لا يحصل إلا في أفلام الخيال العلمي.

يقول البعض بأنه حتى لو لم تنفع البوصلة في إثبات طاقة الجسم فهنالك أجهزة مثل تلك التي تستخدم في الكشف عن الكذب تعطينا مؤشرات بوجود هذه الطاقة الواعية التي تصدر عن الجسم عند الإستجواب.

و هذا الكلام غير دقيق، فالأجهزة التي كانت تستخدم للكشف عن الكذب، و أشهر أنواعها البوليغراف، تعتمد على قياس ضربات القلب و ضغط الدم و التعرق عندما يكون الشخص معرض للإثارة النفسية بالإستجواب. فالجهاز العصبي في هذه الحالة يرسل شارات للغدد لتقوم الأخيرة بفرز الهرمونات بالدم، و تعمل عندها الهرمونات على زيادة ضغط الدم و الذي يصاحبه زيادة ضربات القلب و التعرق. أي أن العملية برمتها فيزيولوجية محلية و لا توجد طاقة واعية تصَدر لخارج الجسم. هذا مع العلم بأن المحاكم الأمريكية كانت قد توقفت و بأمر من المحكمة الكلية في عام 1998 من إستخدام هذه الأجهزة للدلالة على الكذب لأنها “غير دقيقة”. فهي تعتمد على خبرة من يقوم بالقياس و كذلك على درجة تأثر كل إنسان بالإستجواب (بينت الدراسات** بهذا المجال بأن هنالك الكثيرين ممن يصاب بالهلع من الإستجواب حتى لو كان بريئاً، و على عكس ذلك هنالك من لا يتأثر بتاتاً حتى لو كان مجرماً،  فتظهر النتيجة عكسية)، فهذه عوامل بالنهاية ليست ثابتة لكي يستند عليها.

و هناك من يقول بأن عدم وجود أجهزة قياس لا ينفي وجود هذه الطاقة الكونية لأن المشكلة هي في قصور العلم. و هذا بعيد جداً عن الحقيقة، فالعلم الذي بإمكانه اليوم أن يرصد كويكبات بالسماء و يحيد من إتجاهها إن كانت في مجال الإصطدام بالأرض ليس من الصعب عليه أن يخترع جهاز لقياس طاقة تصدر من الجسم للخارج إن كانت هذه الطاقة بالفعل موجودة. لكن المشكلة أن مثل هذه الطاقة لا يوجد حتى أساس نظري على وجودها و لا تعريف علمي لها، مع أنها معروفة منذ آلاف السنين و يعتمد عليها أغلب سكان الأرض في تكوين نظرتهم العالمية، و في تشكيل أبجديات لغتهم على شيئ غير مفهوم

أما عن معلم الريكي، فهو يعتمد على حرارة الجسم في التمويه، و حرارة الجسم كما ذكرنا قيمة موضعية لا تتحول إلى قوة كهرومغناطيسية مؤثرة كالجاذبية الأرضية بالتركيز مع حركة اليد بالقرب من الجسم، و إلا كانت النجوم ستصبح في حالة فوضى عند كل تحريكة يد

تقول إحدى معلمات الريكي: عندما أحرك يدي بمجال هالات جسم المريض فأنا بالواقع أبحث عن مناطق الحرارة المركزة، أو البرودة غير عادية، أو طاقة طاردة، أو طاقة متمركزة، أو طاقة ممغنطة، أو الإحساس بدغدغة، أو طاقة تجذب يدي لتلك المنطقة. عندها أعلم أن هذه المنطقة تحتاج لطاقة الريكي و تعادل الشي

chi

للمريض

الأن لاحظ بأن كلمات مثل “هالات”، “طاقة ريكي”، و “شي” ليس لها تعاريف علمية. أما الحرارة المركزة و البرودة غير العادية فهذا أيضاً علمياً لا تعنى شئ لأن حرارة الجسم واحدة و إن كان بها بعض الإرتفاع فنستطيع أن نقيس ذلك بدقة بإستخدام مقياس الحرارة أي الثرموميتر. أما “طاقة متمركزة” و “طاقة ممغنطة” و كذلك “طاقة جذب اليد للمنطقة العليلة” هو أقرب لعمل طبيب الشامان و السحرة من أن يكون علماً يليق بالقرن الواحد و العشرين

و لكن ما هو سر تصديق الناس لهذه الخزعبلات؟ و كيف لشعب كالشعب الأمريكي و الذي وصل علماؤه للتبحر بالكون و فك أسرار الذرة بأن يكون من أكثر شعوب العالم سذاجة أمام هذا “السحر الشرقي”؟ فالكثيرين من أمثال الهندي ديباك شوبرا و الذي كان سيكون مجهولاً لو بقي في بلده بين الملايين ممن يرَقصون الثعابيين و يتحدثون مع الأموات، أصبح أشهر من نار على علم و كوّن الملايين من الدولارات بسبب بيع هذا الوهم للسذج. و للأسف تجد المشاهير و من يعتبرون من الطبقة المثقفة من أمثال أوبرا ونفري و غيرها هم من يتبنونهم  و يشاركون في نشر علم الجلاجلا. و هناك شركات تصدرأفلام وثائقية، إشترك بها علماء و متخصصين، مثل

The Secret  و What the Bleep do we Know

 وغيرها من التي وصلت مبيعاتها أرقاما خيالية، ليس لأنها تطرح مادة علمية مفيدة، بل لأنها تبيع ما يريد الناس أن يصدقوا، و هو أن هنالك شئ آخر خلف هذه الطبيعة أو ما يسمى بالميتافيزيقيا (هل يختلف هذا الفكر عن فكر من يؤمنون بنظريات المؤامرة؟)0

قالت لي: لو لم يكن هذا علماً حقيقياً لكان إندثر من آلاف السنين

فقلت لها: لو كان “علماً” نافعاً لما تطور الطب الحديث كبديل

فقالت: ألا يدل شفاء الكثيرين من أمراض مستعصية على الطب الحديث، كالسرطان و غيره دليلاً كافياً على تفوق الطب الشرقي البديل بالعلاج بالطاقة؟

فأجبتها: لو كانت هذه المعلومات صحيحة لكان إرتفع معدل عمر الإنسان في تلك الأزمنة الغابرة و قبل التطور في علوم الطب، و لما كان الشخص يعتبر بإرذل العمر في سن الثلاثين منذ قرنين ماضيين فقط. و من يدرى، فشخص مثل ستيف جوبز كان ممكن أن يكون حياً اليوم لو أنه كان لجأ إلى الطب الحديث عند إكتشافه لمرضه بدلاً من اللجوء “للطب البديل”0

فقالت: ما هو إذا تفسيرك براحة المريض بعد جلسة ريكي أو راجا يوغا

فرددت عليها قائلة: بلاسيبو

placebo

، أي أن الراحة النفسية تؤثر على فيزيولوجية الإنسان فيشعر بأنه معافى لفترة من الزمن مع أن المرض لازال متمكن بجسمه. (مثل ذلك كمثل بلع حبة سكر ضناً بأنها بانادول فترتخي أعصاب المريض و لا يشعر بالصداع، لكن ذلك لا يزيل المرض الأساسي الذي سبب الصداع)0

فقالت: طالما هو غير ضار و يعمل على راحة المريض فلماذا نعكر المياه، لندع من يريد أن يعتقد ما يريد أن يعتقد حتى لو كان غير مستند إلى أساس علمي صحيح

و عندها سكت.

المحادثة السابقة كانت مع إحدى الصديقات، و هي إنسانة جداً مثقفة و تعمل مدرسة في إحدى الثانويات الأمريكية! أما صديقتي المهندسة الكويتية فلقد أهدتني منذ فترة قصيرة كتاب لديباك شوبراً تقول عن مزاياه ما لم يقله مالك بالخمر.

* http://www.nebraskamed.com/neuro/meg-center

** https://antipolygraph.org/articles/article-018.shtml

Leave a Reply

Fill in your details below or click an icon to log in:

WordPress.com Logo

You are commenting using your WordPress.com account. Log Out /  Change )

Facebook photo

You are commenting using your Facebook account. Log Out /  Change )

Connecting to %s

%d bloggers like this: